ما إن وصلنا مطار القاهرة حتى شاهدنا المُلصقات واللوحات الدعائية لـ«منتدى شباب العالم»، المطار في أبهى صورة مُستعد لاستقبال جميع الوفود الشبابية الأجنبية، الكل مُبتسم سعيد بالمشاركة، شباب من دول العالم المختلفة، شباب وشابات عرب وأفارقة وأجانب.. وقلنا معًا: هيا بِنَا نسافر لـ«شرم الشيخ»، مدينة السلام، التى ستجمعنا وستوحدنا وستجعلنا نرفع شعار السلام.. العدالة.. الحب.. الإنسانية.. الحق.. العدل.
اتجهنا لإنهاء إجراءات السفر لـ«شرم الشيخ» في سهولة وهدوء، صعدنا للطائرة بعد مساعدات من الشباب المسئول عن التنظيم، جاء صوت قائد الطائرة كالآتى: نرحب بكم وسنكون بعد ساعة في مطار شرم الشيخ ونتمنى لكم رحلة سعيدة.. نتوكل على الله ونربط الأحزمة وننظر لكراسى الطائرة نجدها تزينت بـ«لوجو» المنتدى، والمضيفات يقدمن لك الهدايا التى تحمل نفس «لوجو» المنتدى، حوارات جانبية بين الشباب، اللهجة الخليجية تملأ الطائرة، أُذُنك تستمع لشباب أفارقة يتحدثون معًا باللغة الفرنسية، وما إن تُركز مع من يتحدث خلفك ستجد شبابا أجانب يتحدثون باللغة الإنجليزية، أما إذا وجهت نظرك إلى أحد جوانب الطائرة ستجد شبابا من جنوب شرق أسيا ولا تعرف جنسياتهم، هل هُم صينييون؟ أم إندونيسيون؟ أم من سنغافورة؟.. فالمجتمعات مختلفة، والجنسيات مختلفة، والأشكال مختلفة، لكنهم شباب أرادوا أن يجتمعوا هنا في مصر على «السلام».
«ها قد وصلنا إلى «مطار شرم الشيخ»، هكذا قال «قائد الطائرة»، الابتسامة تكسو وجوه جميع الشباب، تتحول إلى ابتسامة عريضة حينما تفتح الطائرة أبوابها ونستقبل أول نسمة هواء مُنعش يهب علينا، ننزل من سلم الطائرة ونستقبل أوتوبيسًا صغيرًا ونحن سعداء بـ«شرم الشيخ»، وهوائها ونسماتها وجوِها وشمسها ومياهها وفنادقها وتميزها، نذهب لإنهاء إجراءات الوصول نجد الابتسامة الرقيقة لدى مُستقبلينا من الشباب، ونخرج لِنتجه لبعض شباب اللجنة المنظمة، الذين ينتظروننا لاستخراج كارنيهات المنتدى وإتمام بعض الإجراءات في دقائق معدودة، بعدها نصل في سهولة شديدة جدًا إلى الأوتوبيس الخاص بِنَا ليأخذنا إلى فندق الإقامة، وبدأ الأوتوبيس في التحرك لنرى «شرم الشيخ» وقد تزينت، طرق تم توسيعها ورفع كفاءتها، تم طلاء الأرصفة، أعلام الدول المشاركة على جانبى الطريق، الدعاية للمنتدى ممتازة وفى غاية الإبهار، جميع سائقى سيارات التاكسيات والسرفيس ارتدوا زيًا مُخصصًا لهم، بعض سيارات الإسعاف تنتشر على جانبى الطريق، والتواجد الأمني على أعلى مستوى، كمائن ثابتة ومتحركة ودوريات أمنية مُستمرة، لكنها تختلف اختلافًا جذريًا عن مثيلاتها التى عرفناها سابقًا، فرجال الأمن يعرفون أن جميع ضيوف المنتدى من الشباب، والمهمة رغم صعوبتها فهى سهلة لأنها مهمة تأمين شباب- زى الورد- جاءوا لمصر في «سلام» ورفعوا شعار «السلام» وسيذهبون لبلادهم في «سلام» وسينقلون لمجتمعاتهم رسالة «مصر السلام».
في أول أيام الجلسات التحضيرية للمنتدى وجدنا نسبة مشاركة الشباب عالية جدًا، لذلك توقعنا أن تكون جميع الفعاليات مُزدحمة بالشباب، وقد كان، ذهبنا لشجرة الكريسماس الكبيرة المجهزة لاستقبال الشباب وانبهرنا بها، كتبنا عليها أمنياتنا مثلما كتب البعض، وحضرنا مسرحية «المحاكمة»، التى قدمها مسرح الشباب بمشاركة شباب من ١٦ دولة، وتم تقديمها بأكثر من ٦ لغات، وكان للمسرحية دلالة واضحة في الرسالة التى قدمتها للشباب، رسالة تؤكد على رفض الفوضى والدمار والعنف والدعوة للأمن والاستقرار وبناء الإنسان وحق الأطفال في العيش الكريم في أوطانهم.
.. افتتاح المنتدى متميز كالعادة، وجلسات المنتدى مُختارة موضوعاتها بعناية فائقة، والمتحدثون في الجلسات وصل عددهم لـ٢٢٢ من ٦٤ دولة، والشباب المُشاركون مهتمون بالحضور، جلسات مهمة عن «التحديات الراهنة للأمن والسلم الدوليين» و«أثر التغييرات المناخية على الإنسانية» و«سبل تعزيز التعاون بين دول المتوسط في مواجهة التحديات المشتركة» و«التحول الرقمى» و«الأمن الغذائى في أفريقيا» و«كيف نستعد للثورة الصناعية الرابعة» و«التنمية المستدامة في أفريقيا» و«مكافحة خطاب التطرف والكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي» و«المرأة والحق في التنمية» و«دور الفنون في التعامل مع قضايا الإنسانية» و«التعاون في قطاع الطاقة بين دول المتوسط» و«نموذج محاكاة الاتحاد من أجل المتوسط».
مرت جلسات المنتدى سريعًا، عشنا معها، نقاشات مع أطراف متعددة، حوارات مع ضيوف من الوزن الثقيل، آراء إيجابية تحمل طاقة إيجابية.. لنكتشف في النهاية أننا لا بد أن نثق في أنفسنا ونثق في أن الحاضر الذى نعيشه يحتاج رجالا أشداء لديهم وعى كامل بالمخاطر والتهديدات المحيطة بِنَا ولديهم إيمان راسخ في وجدانهم بأن المستقبل يحمل لنا ولأبنائنا الكثير والكثير من «الخير والسلام والأمان والعدل والإنسانية».. وعلينا أن نؤمن بأن «منتدى شباب العالم» جعل الضيوف الشباب سفراء لنا، سيذهبون لبلادهم يتحدثون عن «مصر» الآمنة التى تتقدم للأمام بشبابها، «مصر» التى يجتمع فيها شباب العالم لينشروا السلام في العالم، «مصر» التى تنعم بالاستقرار بفضل رجالها وشبابها.