بدون البحث عن براعة استهلال للمقال ندخل في الموضوع مباشرة.. وهو كيف لمصرى مهما كان انتماؤه السياسى أن يقف داعما لفايز السراج راعى الإرهاب في ليبيا.. وأرجو أن تنسى وأنت تجيب على سؤالى حكاية الحكومة المعترف بها دوليا.. فالمعترف به أيضًا هو أن طرابلس هى وكر كبير لمختلف أصناف الجماعات الإرهابية.. لذلك هذا اعتراف مقابل اعتراف فأين يقف المتابع المصرى الآن؟
الجيش الوطنى الليبى يتحرك صوب طرابلس لتحريرها من السراج وعصاباته وكسر الاعتراف الدولى جالب النكسات.. ويأتى التحرك بعد حدث يشبه الفضيحة وهو توقيع السراج مع أردوغان مذكرة تفاهم تضرب الحقوق المصرية واليونانية والقبرصية في مناطقها الاقتصادية بالبحر المتوسط.. كما يشرعن السراج لأردوغان رحلته مع النهب والبلطجة.. لم يكتف السراج بأن جعل طرابلس حديقة خلفية يلعب فيها التركى مع جماعته الإرهابية للتاثير على دول الجوار وفى مقدمتها مصر الكنانة.. بل زاد السراج من حماقته ليلعب في الغاز والاقتصاد.
كل ذلك يجعل من السراج خصما واضحا لا نعترف بشرعيته المكذوبة، ولا يرتاح لنا بال إلا بعد الاطمئنان بأن طرابلس نظيفة من الخونة.. أردوغان مقدور عليه فبمجرد انطلاق صاروخ مصرى عمق سطح من غواصة في المتوسط بلع أردوغان لسانه وعرف أن المحروسة بخير وبعافية وقادرة على الردع.. أما السراج الذى ما زال يشغل مقعدا في الجامعة العربية ممثلا لدولة ليبيا فهو الآن مطالب بدفع فواتير عالية التكلفة لمصر.. دماء جنودنا التى سالت غرب مصر بفعل تواطؤ السراج مع جماعات الإرهاب لا يجب أن تذهب سدى.. السراج هو المتهم ولا بد أن يدفع الثمن.
لن أطالب الجامعة العربية بموقف ضده وسحب اعترافها به، لأننى لم أراهن يومًا ما إلا على القدرات المصرية وعلى القرار المصري.. وأعرف جيدًا أن الخارجية المصرية مدرسة عريقة وقوية وقادرة على تعرية وكشف السراج أمام المجتمع الدولي.. وأعرف أيضًا أن رجال كوبرى القبة لن يغمض لهم جفن إلا بعد تأمين حدودنا الغربية تمامًا..
نرجع إلى المشير خليفة حفتر.. الرجل يتحرك بثبات نحو هدف واضح وهو تحرير ليبيا من جماعات الدم.. الرجل يمتلك مشروعية منحها له مجلس النواب الليبى كما حصل على شرعيته من الواقع على الأرض ومجريات الأمور، فأى كلام ممجوج من متثاقفى هذا الزمن الأغبر لا يعنى إلا الارتماء في أحضان التخلف والخيانة، ومن عجب أن ذلك الصوت المتثاقف لا يتوب عن جرائمه شهدنا مواقفهم عندما فرضوا الإخوان علينا وقالوا إنهم فصيل وطنى وبعدها حصدنا الكوارث.. واليوم يخرج بعضهم متمسحا في الشرعية الدولية ليهاجم حفتر ويدافع عن السراج، والحقيقة هنا هى أنه يلعب دوره المرسوم له بعناية وهو أن يقوم بدور ستارة الدخان ليعبر من خلفها كل المجرمين.
المعركة الآن على الأرض.. أردوغان والسراج في كفة والمصالح المصرية الليبية في كفة ليحدد كل منا خندقه دون مواربة وما هى إلا أيام وتتبلور النتائج.. الخصم التركى في أضعف حالاته ليس بفعل الرفض الأوروبى فقط، ولكن في وضوح إعلان مصر الدولة عن استعدادها للدفاع عن حقوقها لأبعد مدى.. وإذا أضفنا على ذلك حال تركيا من الداخل وهو غير مستقر لمن لا يعلم.. سوف نعرف قيمة ما قاله المشير حفتر عندما أعلن ساعة التحرك نحو طرابلس، حيث قال فيما معناه النصر مؤكد لا محالة.
بقيت كلمة أخيرة.. بعض المتثاقفين العرب وأياديهم في المياه الباردة يعتبون على مصر دعمها الجيش الوطنى الليبى، بل أعلن نفر منهم عن إعجابه بالخليفة أردوغان.. وصار من حقى الآن أن أقول لهم إن نيران الإرهاب التى تحاول مصر إخمادها لو انطلقت لن ترحم أطراف ملابسكم..
هذه أيام ساخنة على الجبهة الغربية تحتاج دقة النظر؛ ليعرف كل واحد منا موضع قدمه.