• قبل أن نبدأ لا بد أن نشير إلى ذلك الفرق بين مصطلحى «الإدارة المحلية» و«الحكم المحلي»، حيث إن هناك اختلافًا جوهريًا في المفهوم وفى الطبيعة وفى الدور، بينما يوجد تقارب بينهما فقط في الأهداف.
• الموضوع قد تحدده طبيعة وحجم توزيع السلطة بين الحكومة المركزية والمسئولين المحليين.
• ونحن عندما نتحدث عن «إدارة» محلية نتحدث عن سلطة تنفيذية مركزية تدير وتتقاسم السلطة مع رجال الإدارة المحليين، بينما عندما نتحدث عن «حكم» محلى نتحدث عن سلطات (ثلاث) للحكم المحلى في كل محافظة، تشابه السلطات الثلاث المركزية.
• في «الحكم» المحلى نحن نتحدث عن (حكم) كامل وليس مجرد إدارة، وعندما نتحدث عن (حكم محلي) يتبادر إلى الأذهان على الفور أن هناك معه حكمًا مركزيًا.
• والحكم كما هو معروف له سلطات ثلاث (تنفيذية وتشريعية وقضائية)، وأشهر مثل للحكم المحلى هو الولايات المتحدة التى تتكون من ٥٠ ولاية، لكل ولاية سلطات ثلاث، برلمان منتخب محلي، وحكومة منتخبة محلية، وسلطة قضائية محلية، ورئيس منتخب محلي، وهناك حكومة مركزية، وبرلمان مركزي، ومحكمة عليا مركزية، ورئيس منتخب مركزي. ليكون للولايات المتحدة ٥١ رئيسا منتخبا و٥١ برلمانا منتخبا.
• أما عن الأهداف فرغم اختلاف مصطلحى الإدارة المحلية، والحكم المحلى في المفهوم وفى الطبيعة والدور، إلا أنهم متفقان في الأهداف، وهى السعى لتوسيع دائرة المشاركة الشعبية وإدماج الناس في إدارة شئونهم وخلق كوادر سياسية وإدارية عالية الكفاءة وتعميق دائرة الديمقراطية والمؤسساتية.
• إذن «إدارة محلية» تعنى سلطة تنفيذية تتسم بـ«اللا مركزية» بمعنى عدم تركز السلطة في الحكومة وتقاسم السلطات بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية وتفويض السلطات المحلية في شئونها ودعمها من قبل الحكومة المركزية، أما حكم محلى فيعنى سلطات ثلاث في كل محافظة مع وجود سلطات ثلاث مركزية أيضًا.
• وفى مصر كانت البدايات الأولى لنظام الإدارة المحلية والتقسيم الإدارى مع قدوم الاحتلال الفرنسى لها في ١٧٩٨م، حيث قسم نابليون بونابرت البلاد إلى 16 مديرية لأول مرة، وبعد مغادرة الحملة الفرنسية وتولى محمد على باشا الحكم في ١٨٠٥ قام بتقسيم البلاد إلى 14 مديرية ثم قسم كل مديرية إلى عدة مراكز.
• وقد طبقت مصر أول نظام للإدارة المحلية بمقتضى القانون في مايو 1883، أى بعد الاحتلال البريطانى لمصر بعام واحد.
• حيث أنشئت (مجالس المديريات) كفروع للإدارة المركزية الموجودة في العاصمة وإن كانت هذه المجالس لم تحظ بالشخصية المعنوية فضلًا عن أن اختصاصاتها كانت استشارية.
• ثم عرفت مصر نظام (المجالس البلدية)
لأول مرة عندما تأسست بلدية الإسكندرية ومنحت الشخصية المعنوية في 5 يناير 1890.
• وقد جاء أول اعتراف دستورى بالنظام المحلى المصرى في المادتين 132 و133 من دستور عام 1923، والذى نص على أن يتم تشكيل جميع المجالس «بلديات- مديريات» عن طريق الانتخاب، كما منح الدستور المجالس اختصاصات تتعلق بتنفيذ السياسة العامة محليا وألزمها بنشر ميزانياتها، وأن تكون جلساتها مفتوحة للمواطنين.
• ثم توالت قوانين (الإدارة المحلية)، حتى وصلنا للقانون الحالى قانون ٤٣ لسنة ٧٩ الذى شرع في ضوء دستور ٧١.
• وفى دستورنا الحالى تتكون السلطة التنفيذية من فروع ثلاث (الرئيس والحكومة والإدارة المحلية)، وعليه تكون الإدارة المحلية هى الفرع الثالث من السلطة التنفيذية، وتنقسم الإدارة المحلية إلى قسمين (رئيس جمهورية منتخب وموظفين معينين، ونواب محليين منتخبين).
• وتأتى المجالس الشعبية المحلية المنتخبة لتمثل إرادة الهيئة الناخبة داخل السلطة التنفيذية، ولتمثل «الرقابة الذاتية» الأولى الفورية والمباشرة للسلطة التنفيذية على نفسها، فالمجالس المنتخبة تراقب الموظفين، وذلك قبل أن تأتى (تاليًا) رقابة السلطة التشريعية الممثلة في مجلس النواب على السلطة التنفيذية، والتى لا تتمكن منها البرلمانات إلا بعد انتهاء وتنفيذ المشروعات ومراجعة ما تم إنفاقه من قبل مفتشى الجهاز المركزى للمحاسبات وإعداد تقاريرهم تمهيدًا لتجميعها وإرسالها للبرلمان كى يضطلع عليها الأعضاء ويتمكنون من ممارسة دورهم الرقابى المنوط بهم.
• ولقد خص الدستور الجديد الإدارة المحلية بـ٩ مواد دستورية اعتبارًا من مادة (١٧٥) حتى المادة (١٨٣) منه.
• وتتضمن المواد (التسع) الخاصة بالإدارة المحلية في الدستور ( ١٤ اشتراطًا) للمشرع القانونى البرلمانى وعليه أن يلتزم بها عند موافقته على القانون الجديد للإدارة المحلية، أو عند إعداد مشروع القانون وألا تعرض القانون الجديد لعدم الدستورية وتم إبطال أجزاء منه أو إبطاله ككل.
• حيث يتجه الدستور الجديد إلى تمكين الإدارة المحلية لأول مرة تاريخيًا من حقها الأصيل في (الإدارة الكاملة) وفقًا للامركزية إدارية ومالية واقتصادية، ترسخ لحق المجالس الشعبية المحلية المنتخبة في تحديد الأوليات وإعداد الميزانيات والحسابات الختامية وحقها في المتابعة والرقابة لأوجه النشاط المختلفة، وحقها في استجواب وعزل المسئول إذا اقتضى الأمر، هذا وقد حدد الدستور للمشرع عند إعداده القانون الاشتراطات الدستورية التالية:
١- أن يسمح القانون الجديد عند إعداده بتحديث التقسيم الإدارى الحالى، من خلال السماح بإنشاء وحدات إدارية جديدة وإلغاء وحدات إدارية سابقة، مادة (١٧٥).
٢- أن يدعم القانون الجديد اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية، مادة (١٧٦).
٣- أن يحدد القانون الجديد للإدارة المحلية برنامجا زمنيا لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات الإدارة المحلية، مادة (١٧٦).
٤- أن يلزم القانون الجديد الدولة بكفالتها بتوفير ما تحتاجه الوحدات المحلية من معاونة علمية وفنية وإدارية ومالية، مادة (١٧٧).
٥ - أن يضمن القانون الجديد التوزيع العادل للمرافق والخدمات والموارد وتقريب مستويات التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الوحدات المحلية، مادة (١٧٧).
٦ - أن يكون للوحدات في القانون الجديد موازنتها المستقلة وأن تضع حساباتها الختامية بنفسها، مادة (١٧٨).
٧- أن يعطى القانون الجديد الدور الرقابى للمجالس المحلية المنتخبة ويمنحها حق المساءلة والاستجواب وحق سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية، مادة (١٨٠).
٨- أن ينزل بمدة المجالس المنتخبة من خمس سنوات إلى أربعة، مادة (١٨٠).
٩- أن ينص القانون الجديد على حق المجالس المنتخبة في متابعة تنفيذ خطة التنمية ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، مادة (١٨٠).
١٠- أن يخصص القانون الجديد ربع مقاعدها للشباب وربع للمرأة وأن يضمن تمثيلا مناسبا للمسيحيين وذوى الإعاقة وأن يكون نصفها في النهاية من العمال والفلاحين، مادة (١٨٠).
١١- أن ينزل بسن الترشح إلى ٢١ سنة بدلا من ٢٥ سنة، مادة (١٨٠).
١٢- أن ينص على أن قرارات المجالس المحلية الشعبية نهائية ونافذة ولا دخل لرئيس الجمهورية أو للحكومة المركزية فيها، مادة (١٨١).
١٣- أن يمكن القانون الجديد المجالس المحلية من وضع ميزانيتها وحسابها الختامي، مادة (١٨٢).
١٤ - أن يمنع القانون حل جميع المجالس المنتخبة على مستوى الجمهورية بقرار إدارى شامل، مادة (١٨٣) كما كان يحدث من قبل بجرة قلم من وزير الإدارة المحلية!!