الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

7 دول خارقة.. المعجزة الفريدة: دولة من الدمار التام إلى النجاح العام «6»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شاهدت دولًا مدهشة بدأت معنا أو بعدنا ووصلت اليوم إلى قمة النجاح والرفاهية فى قصة كفاح مذهلة. فجيل واحد بدأ فقيرًا وانتهى ثريًا نتيجة علمه وعمله وطموحه. وكتبت عن شعب كلٍ من كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وماليزيا وتايلاند، وأواصل اليوم حديثى عن قصصهم التى عرفتها لعلنا نتعلم منها شيئًا!!
زرت ڤيتنام خمس مرات، وفى كل مرة أجد فيها تقدمًا سريعًا وملحوظًا وكأنهم يتحركون بسرعة البرق ويعرفون تمامًا ماذا يريدون تحقيقه حكومة وشعبًا. فنسبة النمو فى الدخل القومى وصلت إلى ٦.٨٪ وبمعدل ثابت هو من أعلى معدلات النمو فى العالم حتى أصبحت الآن الاقتصاد رقم ٣٤ على مستوى العالم، بعد أن كانت دولة مدمرة تمامًا فى السبعينيات! ومن المتوقع أن تصبح ڤيتنام من الدول العشرين الكبرى فى ٢٠٥٠. وفيتنام تتشابه مع مصر تمامًا فى تعداد السكان الذى جاوز المائة مليون نسمة، رغم أن مساحتها أقل من ثلث مساحة مصر. ڤيتنام طبقت نظامًا مبتكرًا لخفض الزيادة السكانية؛ فقد قررت الدولة إلزام جميع موظفى الحكومة بطفلين فقط، ولكن لا مانع من الزيادة إذا تقبل الشخص العقاب، وهو الحرمان من الترقى وزيادة الراتب مدى الحياة! ورغم كثافة السكان؛ فإنك لا تكاد تشعر بهم من شدة النظام والهدوء الشديد. لا صخب ولا ضوضاء ولا اختناق للمرور. الشباب نساءً ورجالًا يركبون دراجاتهم البخارية الصغيرة بسرعة ثابتة لا تتعدى الـ٣٠ كيلو فى الساعة وبهدوء شديد والسيارات تسير من حولهم بنفس الهدوء فى شوارع متسعة ومنظمة بأناقة، والشعب الفيتنامى بطبعه هادئ جدًا وخجول تمامًا ويعيش فى سلام اجتماعى ملحوظ مع نفسه، فلا تجد الصوت العالى فى أى مكان، بل تجد بدلًا منه الابتسامة الرقيقة والضحكة المحببة. شعب راق يحب الورود وتجدها فى كل مكان وسط خضار رائع. يستقبلك دائمًا ببشاشة تشع البهجة فى نفسك، ويحدثك بهدوء شديد، ويبذل كل ما فى وسعه ليجعلك سعيدا حتى لو على نفسه، ويحاول دائمًا أن يسهل الأمور لك لا أن يعقدها. شعب يحب الغريب ويتفانى بإخلاص فى ترك انطباع جيد عنده. تحس فى كل لحظة بسعادة هذا الشعب وقناعته الشديدة فلا توجد فوارق شاسعة بين طبقات المجتمع بعد أن توسعت الطبقة المتوسطة العاملة والمتعلمة لتشكل السواد الأعظم من الشعب. والشعب الفيتنامى يعمل بإخلاص وتفان ولا يشتكى أو يتأفف. دائمًا أسأل نفسى ما هذا الشعب الفريد وكيف أصبح كذلك؟ فأنا أراه موديلًا رائعًا للشعوب الناجحة التى وصلت إلى المعادلة المتزنة بين الاشتراكية والرأسمالية وبين النظام الشمولى والحكم الرشيد. والمعجزة هى فى كيف أعاد بناء بلده بعد أن دمرها المعتدى الأمريكى، وخرج منها مدحورًا فى السبعينيات؟ وكيف أحبها كل هذا الحب؟ لقد انخفضت البطالة الآن فى ڤيتنام إلى ٣.٧٪، وانخفضت نسبة المواطنين تحت مستوى الفقر إلى ٨.٣٪، وانخفض التضخم إلى ٢.٨٪. وتصدر فيتنام ما يقرب من عشرة أضعاف ما نصدره؛ فهى تصدر بما قيمته ٢١٤ مليار دولار بعد أن تحولت من دولة زراعية إلى دولة صناعية من الطراز الأول. وڤيتنام ليست بها ديمقراطية، فنظامها مثل الصين يحكمه حزب واحد، ولكنها مثل الصين تحقق رغم نظامها الشمولى المعادلة المستحيلة! فى كل مرة أزور فيها هذا الجزء من العالم أزداد يقينًا أن السبب الأساسى للنجاح يكمن فى طبيعة هذه الشعوب وتقديسها لقيمة العمل، وحرص حكوماتها على توفير التعليم الراقى والمجانى، وإتاحة الفرصة كاملة للمجتهد. يبقى السؤال الذى يلح علّى فى كل زيارة لفيتنام: ماذا تعلمنا من تجربتها الفريدة؟