مشهد رائع يبدو للقادم من بعيد، نعم، فقد عادت مِصْرُ من جديد، مَنْ كان يُصدِّق ذلك حتى في أحلامه؟ فبعد أن أراد بها المتآمرون عليها أن تُدمر، وأن تُقطَّع أوصالها، وأن ينهار اقتصادها وأمنها وشرطتها، وأن تدمر عقول شبابها، وأن تُزرع الفتنة بين نسيج الوطن الواحد، ها هي مصر تُعلن عن نفسها من جديد، وتسطر اسمها بحروف من نور على الخريطة العالمية.
في هذه الأيام تستضيف مدينة السلام، شرم الشيخ، منتدى شباب العالم، برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، ذلك الرجل الذي وضع على عاتقه مسئولية العمل لبناء دولة تليق بالمصريين وبتاريخهم، فشرع يعمل ليل نهار في كل مناحي الحياة؛ الأمن، التنمية، الصحة، البناء، أيادٍ مشرعة للعمل والأمل ليل نهار، فلا وقت عنده للتكاسل أو التباطؤ.
ولدت فكرة المنتدى من خلال عدة مؤتمرات وجلسات للرئيس مع الشباب، وذلك إيمانا منه بضرورة احتواء طاقات المستقبل، والاستفادة منها بشكل إيجابي بدلا من أن تستغل هذه الطاقات من قِبَل البعض ممن يريدون الشر لهذا البلد الأمين فيدمرون عقولها.
نجحت الفكرة وتطورت حتى وصلت إلى فكرة إقامة منتدى يضم عددا كبيرا من شباب العالم أجمع يمثلون بيئات وثقافات وأفكارا مختلفة.
صَنَع هذا المنتدى في دورته الأولى حالة من التفاؤل والتجانُس بين الشباب من مختلف الجنسيات والثقافات بالإضافة لحلقة التواصل الكبيرة بين الشباب والمسئولين في مختلف المجالات.
وكعادته الرئيس الإنسان عبد الفتاح السيسي لا تفوته أبدًا اللفتات الإنسانية، والتي تبعث دائما برسائل محددة وواضحة للعالم، فقد رأينا في بداية هذه الدورة من المنتدى، وفي العرض المسرحي الأول لمسرحية المحاكمة الرئيس يجلس وبجانبه ذلك الشاب الأفريقي الذي تعرض منذ فترة قصيرة لـ"التنمُّر" بسبب لون بشرته، وكانت هذه اللفته الإنسانية بمثابة رسالة واضحة للعالم من رأس النظام، تقول: إن المصريين لا يميزون بين الناس بسبب الجنس أو الدين أو اللون، وأننا جميعا واحد لا فرق بيننا، وبخاصة إخوتنا من أبناء القارة السمراء نفخر بأنفسنا، وبأن الإنسان ليس بلونه، وإنما بما يُقدِّم، وبما ينفع.
وبنظرة سريعة إلى الوراء يمكننا أن نرى بعين الإنصاف ما وصلت إليه بلادنا الآن، فنحن لا نُنكر أننا مررنا بأوقات عصيبة، ولكن ما وصلنا إليه كان يستحق منا كل ذلك التحمل والعناء، فبعد أن كان الاحتياطي النقدي في أدنى مستوياته في عام 2013 بات يسجل الآن 45.354 مليار دولار.
وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن الاحتياطي النقدي بات يُغطِّي الآن حوالي عشرة أشهر من واردات البلاد، بعد أن كدنا نصل لمرحلة من مراحل الإفلاس عام 2013 باحتياطي وصل إلى خمسة عشر مليار دولار.
وبهذا يكون الاحتياطي النقدي قد قفز لمعدلات غير مسبوقة منذ العام المالي 2014/2013 بمعدل زيادة وصل لـ150%.
كما حقق النمو الاقتصادي السنوي أعلى معدل له على مستوى المنطقة، وفقا لبيانات المركز الإعلامى لمجلس الوزراء الشهرية، بل وصل معدل النمو لأعلى معدلات النمو على مستوى العالم، بالرغم من تباطؤ النمو العالمي، استنادا لتقارير مؤسسات دولية منها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وسجلت تقديرات النمو في أكتوبر ونوفمبر من العام 2019 بحوالي 5.7% مقابل 5.3% في نفس الشهرين من العام 2018.
وقد جاء تحسُّن معدلات النمو فى مصر لأسباب: أهمها، تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والنمو فى قطاعات التصنيع والسياحة، واكتشافات الغاز، والتحسن في صافي صادرات السلع والخدمات، وزيادة الاستثمارات الخاصة، وإنجاز مشروعات البنية التحتية.
وتشير بيانات مجلس الوزراء إلى أن نمو الاقتصاد المصري يأتي في وقت يتراجع فيه معدل النمو العالمي إلى 2.6% عام 2019، مُقارنةً بـ3% عام 2018، و3.2% عام 2017، بسبب توتر التجارة العالمية، وضعف الطلب العالمي، والتباطؤ في الاستثمار العالمي.
وتوقعت التقارير الدولية وبينها البنك الدولي، أن تحافظ مصر على معدلات نموها الاقتصادي القوي في ظل تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث من المتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي إلى 6% عام 2020/2021، بسبب الإصلاحات الاقتصادية المستمرة وتحسن بيئة الاستثمار، وتعافي الاستهلاك الخاص، والاستثمار والصادرات.
وتوقع البنك الدولي أن يصل معدل التضخم إلى 10% عام 2020/2021، و11% عام 2019/2020، مقارنة بـ 13.9% عام 2018/2019، مع تراجع معدل البطالة إلى 7.5% خلال الربع الرابع من عام 2018/2019، بعدما كان 9.9% خلال الربع الرابع من العام 2017 - 2018.
هذا الوضع الاقتصادي المستقر الذي وصلنا إليه لم يكن يستطيع توقعه حتى أكثر المتفائلين من خبراء الاقتصاد العالميين، ناهيك عن الوضع الأمني المتردي الذي كنا قد وصلنا إليه بعد عام 2013 من تفريغ لجهاز الشرطة وإضعافه، بالإضافة إلى العمليات الإرهابية المتنامية هنا وهناك، وتحذير سفارات الدول المختلفة من السفر لمصر؛ نظرا لتردي الوضع الأمني، بالفعل كانت صورة كارثية أدت بطبيعة الحال لانهيار القطاع السياحي بشكل كبير، والذي يمثل عائده جزءا كبيرا من موازنة الدولة، تصل إلى 30% .
أما الآن وبعد سنوات قليلة من العمل المتواصل والتخطيط الدقيق نجد مصر الآن بين الدول الأكثر أمانًا في الترتيب الثامن عام 2019 بعد أن كانت في الترتيب السادس عشر في 2018 بالإضافة إلى رفع الحظر عن السفر إلى مصر من قِبَل الدول التي كانت تضعه، وبالتالي حدوث انتعاشة في القطاع السياحي، وارتفاع معدل إشغالات الفنادق، وفتح باب جديد لفرص عمل جديدة في هذا القطاع.
والآن مِنْ حَقِّنا أن نفخر بما وصلنا إليه، ونمضي قُدُمًا نحو استكمال مسيرة الإصلاح والبناء والتواصل المستمر مع بعضنا البعض ومع الآخر، وهذا ما تفعله قيادتنا السياسية الحكيمة وفق خطط واستيراتيجيات مدروسة نستطيع من خلالها أن نصل لما نطمح له في بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، نفخر ونتغنى بها جميعًا.