«الإعاقة في الفكر وليست في الجسد»، صنعت هذه الجملة في داخلها إصرارًا وطاقة إيجابية، وعشقًا للتحدى تحول إلى معجزة، بمساعدة والدتها تغلبت على إعاقتها وعلى كل الصعاب لتكون بطلة كما تمنت، بالصبر والتحدى حولت نظرات الشفقة إلى الانبهار، أبهرت العالم وغير وجهة نظر المجتمع لمتحدى الإعاقة.
إنها صاحبة الهمة العالية والإرادة الحديدية، آية الدهمان ذات الــ٢٣ عامًا، ولدت بمدينة السلام، ومنذ ولادتها أصيبت بضمور في المخ سبب لها شللا دماغيا أثر على حركة جسدها، فعانت كثيرًا في طفولتها من صعوبة الحركة ومعاملة المجتمع لها، فواجهت صعوبات عديدة في دراستها، فلم يكن صناعة بطلة من العيار الثقيل وطالبة جامعية أمرا سهلا بل كان طريقا مليئا بالتحديات.
بدأت «آية»، مشوارها الرياضي، منذ اثنى عشر عامًا في مجال السباحة، ومن خلال مشاركتها في أول بطولة حصلت على المركز الثانى للجمهورية لذوى القدرات الخاصة ثم تركت السباحة، واتجهت لألعاب القوى الجُلة ورفع الأثقال، وما زال نجاحها مستمرا، حيث حصلت على مركز أول وثانى جمهورية، ثم رشحت للبطولة العالمية لرفع الأثقال لذوى الإعاقة من لوس أنجلوس، وحصلت على المركز الثالث على مستوى العالم، والميدالية البرونزية على مستوى ١٥٤ دولة أوروبية.
وأكدت والدتها «الحاجة صالحة»، أنها منذ علمت بمرضها في الصغر وهى تعانى من مشكلات وتواجه مصاعب كثيرة، وفى البداية كانت نظرة المجتمع مختلفة، وتنمر الأطفال عليها والابتعاد عنها، ورفض المدارس قبول حالتها، ولكن رغم كل ذلك، أصرت على تعليمها حتى تم قبولها في إحدى المدارس وأكملت المشوار، وتحولت كل هذه الصعاب إلى أمور عادية، بل حولتها إلى انتصارات، وكان هذا بمثابة عوض من الله عن مرضها، حيث حصلت على الابتدائية بتفوق ثم الإعدادية والثانوية، حتى التحقت بكلية الحقوق جامعة عين شمس.
وأضافت، أن ابنتها رمز للعزيمة والتحدي، فهى لا تعرف الاستسلام، وفى بطولة العالمية لرفع الأثقال عانت من ضيق في التنفس والتهاب شديد في الشعب الهوائية ولم تخبر المدرب لخوفها من الانسحاب من البطولة، فأكملت رغم التعب وحصلت على المركز الثالث على مستوى العالم، وفور رجوعها لمصر تم حجزها في المستشفى، مشيرة إلى أن مشوار ابنتها لم يقتصر على الألعاب الرياضية، بل أبدعت بإلقاء الشعر وحصلت على المركز الثانى على مستوى الجمهورية في مؤتمر الإبداع لذوى القدرات الخاصة، كما شاركت في مسابقة الجمال لذوى الإعاقة وكانت من ضمن الفائزين.
وأضافت أنُه ما زالت هناك صعوبات تواجهها في التعليم الجامعي، لعدم وجود تعليم مدمج لأصحاب القدرات الخاصة داخل كلية الحقوق، مشيرة إلى أنها عرضت طلبا على المسئولين لتخفيف الامتحانات وتطبيق نظام التعليم المدمج، ولكن لم تلق سوى دعم معنوى لها ولا يوجد حل فعلى لمشكلتها.
وتتمنى «صالحة» أن تشارك ابنتها في المؤتمر الدولى لتأهيل الأشخاص ذوى الإعاقة والتنمية المستدامة، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، مشيرة إلى أنُه على المجتمع أن يكون رحيما بهم، وأن يمد يد العون لأصحاب الهمم لتحقيق أحلامهم، وعلى أهالى الأطفال ذوى القدرات الخاصة تحفيز أولادهم وتشجيعهم على الإبداع وتحدى الإعاقة والعمل على زيادة ثقتهم بأنفسهم لمواجهة العالم بكل شجاعة.
