روى أبو حيان التوحيدي في كتابه "البصائر والذخائر"، وصفا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، قائلا: قال ابن عباس: قلت لهند بن أبي هالة، وكان ربيبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: صف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعل أن تكون أثبتنا به معرفة، قال: كان بأبي وأمي طويل الصمت، دائم الفكر، متواتر الأحزان، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم، لا فضل ولا تقصير، إذا حدث أعاد، وإذا خولف أعرض وأشاح، يتروح إلى حديث أصحابه، يعظم النعمة وإن دقت، ولا يذم ذواقًا، ويبتسم عن مثل حب الغمام.
وفي حديث عن الحسن بن على -رضي الله عنهما- قال: سألت خالي هند بن أبي هالة - وكان وصَّافًا - عن حلية النبي، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئًا أتعلق به، فقال هند: كان رسول الله متواصل الأحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختتمه، بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم فضلًا لا فضول فيه، دمثًا ليس بالجافى ولا المهين، يعظم النعمة وإن دقَّت، لا يذمُّ منها شيئًا، غير أنه لم يكن يُذِمُ ذواقًا، ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها. إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، وضرب براحته اليمنى بطن راحته اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضّ طرفه، جلّ ضحكه التبسّم، ويفتر عن مثل حب الغمام.