الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد تسلية أو لعبة من حقك أن تخطئ فيها. الكتابة على تلك الوسائل صارت مسئولية لا يقدر عليها إلا من تبقى لديه ذرة ضمير.. وسائل التواصل ارتبط تعريفها بكلمة اجتماعي وهذه في معناها الأعمق ترتبط بالبناء والتماسك والتقدم.
انتبه لذلك الكثيرين حتى إن متابعة كتاباتهم صارت متعة وانتبهت عشرات الأجهزة الحكومية لأهمية وخطورة وسائل التواصل وذلك لكونه بثا مباشرا على الهواء.. وفى الاتجاه الإيجابى رأينا تفاعلا مشكورا كانت ذروته في مكتب النائب العام الذى خصص فريقا كاملا لمتابعة الأحداث حتى إذا احتاج الأمر إلى بيان إعلامى رسمى من مكتبه لتوضيح مسألة ما لا يتردد في إصداره.
بالحقائق وحدها يستقر المجتمع وتتوقف هلاوس الشائعات.. بالحقائق يكون طريق العدالة؛ لينمو الوعى وتنضج المسئولية لدى الناس.. عشرات الأجهزة صارت الآن تتابع ملايين البوستات الجادة التى تكشف عن عوار هنا أو أزمة هناك.. حدث ذلك معى قبل شهرين عندما تلقيت اتصالا هاتفيا من مسئول مهم يستفسر عن اسم من قصدته بين سطور كلماتى ليس هذا فقط، بل أعقبه تواصل منهم مع الضحية لمساندته ورفع الظلم عنه.
وقتها اعتبرت أن الاتصال قد تم معى لكونى صحفيا، ولكننى فوجئت قبل أيام بأن مهندسا يسير بسيارته في شارع فيصل وشاهد اختطاف فتاة في سيارة، كتب الرجل سطرا واحدا على حسابه الشخصى ولم تمر ساعة من الزمن حتى اتصلت به الشرطة لمعرفة التفاصيل، وعلى الرغم من عدم دقة أرقام سيارة الخاطفين إلا أنه تم التوصل إليهم والقبض عليهم وتحرير الفتاة وصارت قضية وها هم المتهمون الآن يواجهون مصيرهم.. إذن نحن أمام حالة عامة تستوجب التوقف والتفكير من مستخدمى وسائل التواصل.
المعلومة التى تنشرها لا تذهب مع الريح.. ولقد كان مطلبنا على مدى السنوات الطوال هو تفعيل رقابة شعبية حقيقية وجادة.. والآن جاءت وسائل التواصل لتلبى لنا هذا المطلب كأداة سريعة وناجزة فعلينا ألا نفلت الفرصة من بين أيدينا فقط بالحقائق والمعلومات الموثقة تستطيع أن تجبر كل الأطراف على التفاعل معك.. لا أتكلم هنا عن وجهات النظر وتباينها ولا أتكلم عن أفكار تتبناها خنادق مختلفة.. أتكلم عن الوقائع اليومية التى يعيشها الناس وكيف يمكن لنا تسخير وسائل التواصل لتكون خادمة للناس وليست وسائل للفزع والابتزاز.
إذا كان الأمر بهذه الأهمية في الشأن العام.. تعالوا بنظرة سريعة لنرى أثر التعامل الغشيم مع وسائل الاتصال في الحياة الخاصة في الأسرة الواحدة بين الأصدقاء.. كم من علاقات فسدت وكم من بيت تم تخريبه بفعل تغريدة.. وكم من حماقة ارتكبها البعض بخروج سر عائلى إلى العلن.. هنا خطر يجب الانتباه له.. فكما أشرنا إلى الدور الإيجابى لوسائل التواصل في دعم وتقدم المجتمع بشكل عام نشير إلى الوجه الآخر ذلك الوجه الحاد الذى يشبه السكين التى تقطع الأرواح بالطول والعرض.
والملاحظ في تلك الجرائم العائلية اليومية هو أن مرتكبيها هم صغار السن يفتقدون الوعى ولا تتوفر لديهم الثقافة الصحيحة لاستخدام تلك الوسائل؛ فيصبح كمن يمسك بسلك كهرباء مكشوف تسعده رعشة الصاعق ولكنه يكتب شهادة وفاته بيديه.
وعلى ذلك ننتظر الكثير من الدراسات الاجتماعية والبحوث الإعلامية.. ننتظر ندوات ومؤتمرات وتوصيات وخبراء ننتظر الاشتباك العملى بين كل الأطراف لتصبح وسائل التواصل لنا لا علينا.. لتتحول إلى منظومة إنتاجية تعطى للمجتمع أفضل إبداعاتها وتأخذ بيد الجميع وتدفعنا خطوات للأمام.