الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حواديت عيال كبرت 113.. رجل الميكروباص وجون أكرمان والمعجم الوجيز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كعادة المصريين وجيناتهم التي تدفعهم إلى تحليل الأمور، كل حسب سجيته، ومع أني لا أحب استخدام لفظ "سجية" لأنه ذات مرة كان سيتسبب لي في كارثة، إذ طلبني أحد الأصدقاء لجلسة عرفية، لأنني ربت على كتفه في نقاش وقلت له: " إنت رجل طيب وعلى سجيتك"، اعتبر الكلمة سبة وذهب للعمدة وطلب أن يقاضيني في جلسة عرفية، ولم يتراجع إلا بعدما أحضرت له "المعجم الوجيز" وقضينا الليل كاملا نقرأ في معنى الكلمة، واقتنع بالبينة، بما رآه بعينيه لا بما سمعه، وهنا مربط الفرس الذي أعود به إلا مقولة رجل الميكروباص عن الإعلام والصحافة وعجزهما عن عرض نماذج إيجابية للمتلقي، إذا أنه من المنطق أن نعرض سلبيات المجتمع، أن نعرض الحوادث والانتحار والجرائم، نعرضها كأخبار، كحكايات نحذر منها، لكن لابد أن يكون ميزان العمل المهني متكافئ، أي أمام تلك الحالة السلبية، لابد أن نعرض الإيجابية، نكتشف درر المجتمع، ننقب عن قيمه، عن أشخاصه الحقيقيين، الصابرين المجتهدين، أولي العزم وأصحاب الملاحم الحياتية.

هذا الكلام ليس استرسال لمجموعة نصائح، لكن ما أتى به راكب الميكروباص، اتفق عليه خبراء الصحة العقلية، فأكدوا أن نشر مقاطع الانتحار يمكن أن يزيد من انتشار حالات الانتحار خاصة لمن لديهم ميول انتحارية.

وعن ما قاله راكب الميكروباص البسيط، أشار "جون اكرمان" الباحث في مركز منع الانتحار في "أوهايو" إلي ان انتحار اشخاص مشهورين يولد اليأس والإحباط في نفوس الضعفاء.

وضرب نموذجا في ذلك أنه عام ٢٠١٤ انتحر الممثل الكوميدي الأمريكي "روبن ويليامز"، بعد ذلك تلاه ١٨٤١ شخصاً في خلال ٤ أشهر فقط مما أدي إلي ارتفاع معدل الانتحار بنسبة ٩.٨٥٪؜ عن المعدل الطبيعي.

نحن نصنع متفجرات بأيدينا لننسف مجتمعنا، فنصبح دمية في أيدي جماعات إرهابية، استغلت انتشار تلك الأخبار والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، فبدأت في اللعب بها فروجت للأمر، حتى وصل بها الحال لنشر خبر صادم عنونته إحدى المواقع المزيفة ب: تعرف على الصحابي الذي انتحر ودخل الجنة.

دائما هناك في الحكايات جانب آخر لا نراه ولا تجتهد الصحافة ولا الإعلام في الوصول إليه، إذ أنهما يكتفيان بما أمامهما دون جهد، ومن يدفع الضريبة المجتمع، فالطالب المنتحر من فوق البرج له حكاية أخرى خلف تلك اللقطة التي روجتها صفحات التواصل الاجتماعي، ليس هذا فحسب بل إن أمامه مئات بل آلاف الطلبة الذين يتمسكون بأحلامهم رغم كل المعاناة.

وأخيرا قال راكب الميكروباص جملة تستحق دراسة مطولة ففيه خلاصة القول: الفقراء لا ينتحرون، لم نسمع عن جائع انتحر، الفقراء يلجأون إلى الله، يتنافسون في الصبر والرضا، على "سجيتهم" يدركون أن الحياة رحلة ميكروباص ستنتهي مهما كان الطريق وعرا فلابد من تحمله، فليس من المنطق أن تلقي نفسك من إحدى النوافذ في منتصفه.. فلا أنت بقيت ولا أنت وصلت.. دمتم متفائلين