الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

اقتصاد الخليج يستعد لما بعد النفط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت دول الخليج العربي، تحولاً جذريًا فى مسيرتها الاقتصادية، يتضمن تغييرًا فى السياسات وتجديد الأهداف، والعمل الجاد على وضع استيراتيجيات تنقل هذه الدول إلى مرحلة ما بعد النفط، بعدما استشرفت المتغيرات فى الخارطة الاقتصادية الدولية، بعد هبوط أسعار النفط فى عام ٢٠١٤ إلى مستويات غير مسبوقة.
ووضعت دول الخليج، «رؤى اقتصادية» جديدة، لمرحلة ما بعد النفط، اعتمدت على تحسين الإنتاج وتعزيز القدرات البشرية والمالية والتكنولوجية، والاعتماد على العلم والمعرفة والابتكار، وتحولت اقتصادياتها من الاعتماد على سلعة واحدة، إلى التنوع، باعتبار ذلك خيارًا استراتيجيًا وطريقًا إجباريًا، بما يجعلها بعيدة عن أى أزمات قد تنتج عن انهيار أسعار البترول أو ظهور بدائل أخرى للطاقة فى العالم، فالنفط سلعة قابلة للنضوب، فضلاً عن تقلب أسعاره والأخطار المتنوعة التى تهدد عمليات إنتاجه وتصديره.
وشكل انخفاض أسعار النفط، نقطة تحول وجرس إنذار بالنسبة للمملكة العربية السعودية، صاحبة الاقتصاد المعتمد على النفط، لأكثر من نصف قرن، لكى تتحول إلى استغلال ما لديها من مصادر أخري، وجاءت رؤية السعودية ٢٠٣٠، كـ«مشروع طموح» تبناه ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، ويهدف لرفع مستوى القطاع الخاص والتكنولوجيا الفائقة وقطاعى التعليم والسياحة.. وتحويل الآلاف من الكيلومترات فى الصحراء إلى مدن جديدة، يمكنها توفير فرص العمل وتعزيز الاستثمار وتنويع مصادر الدخل.
ولدى المملكة العديد من الخطط الاقتصادية العملاقة، استعدادًا لما بعد عصر النفط، بتمويلات تصل قيمتها إلى تريليونى دولار، بما يجعل السعودية بعيدة عن أى أزمات قد تنتج عن انهيار أسعار البترول أو ظهور بدائل أخرى للطاقة فى العالم.
وتؤكد رؤية السعودية ٢٠٣٠، التى أعلن عنها ولى العهد فى عام ٢٠١٦، ضرورة ملحة لتقليل اعتماد الاقتصاد على النفط، وضمان الاستدامة المالية وانفتاح السوق السعودية أمام المستثمرين الدوليين، وخلق بيئة أكثر ملاءمة للأعمال التجارية وصديقة للمستثمرين، وتطوير الخدمات العامة، وتقليص البيروقراطية والسير مضيًا نحو سياسات الخصخصة. 
وعلى نفس الطريق سارت دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحبة ثانى أكبر اقتصاد عربى بعد المملكة العربية السعودية، وواحدًا من أسرع الاقتصادات الناشئة على مستوى العالم، حيث يبلغ الناتج المحلى للدولة قرابة ٤٣٠ مليار دولار، ولدى الإمارات ثوابت اقتصادية مدروسة وممنهجة أدت إلى النهضة الاقتصادية التى تشهدها البلاد خلال العقود الماضية. 
وحرصت القيادة الإماراتية الحكيمة، على أن يعيش أبناء الإمارات، الجيل الحالى والأجيال القادمة، فى رفاهية وتقدم من خلال تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط مصدرًا رئيسيًا للثروة، وشرطًا أساسيًا لاستمرار مسيرة الإنجازات العملاقة.. وساعدت البنية التحتية المتطورة فى الإمارات، فى أن تصبح مقصدًا للمستثمرين والشركات العالمية.. وتنفق الإمارات أكثر من ٤٪ من إجمالى الناتج المحلى على التعليم، وهى أعلى نسبة إنفاق على التعليم فى الشرق الأوسط. 
وتعتمد السياسة العليا لدولة الإمارات العربية المتحدة، على انتقال الدولة فعليًا إلى عصر ما بعد البترول سواء من حيث الاقتصاد السياسى للدولة أو من حيث بناء الإنسان وتنميته وتطوير مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وقد تجاوزت المنتجات غير النفطية فى ناتج الإمارات القومى الإجمالى نظيرتها النفطية، وهى تأبى أن يبقى أهلها واقتصادها ومشروعها الحضاري، أسيرًا لمصدر واحد فقط وهو النفط.. وتطورت تجربة الإمارات، لتصبح نموذجًا مبهرًا تحت شعار «اقتصاد بلا نفط».
وتهدف الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات ٢٠٢١، إلى أن تكون دولة الإمارات العاصمة الاقتصادية والسياحية والتجارية لأكثر من ٢ مليار نسمة، لذا تواصل حكومة دولة الإمارات جهودها فى الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة، عبر تشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز الإطار التنظيمى للقطاعات الرئيسية، وتشجيع القطاعات ذات القيمة المضافة العالية بما يطور من بيئة الأعمال ويعزز من جاذبية الدولة للاستثمارات. كما تهدف الأجندة الوطنية إلى أن تكون الدولة من أفضل دول العالم فى مجال ريادة الأعمال، ووضع الإمارات فى قائمة أفضل الدول فى نصيب الفرد من الدخل القومى الإجمالي.
وتعمل دولة الكويت على تنويع اقتصادها، استعدادًا لفترة ما بعد النفط، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات إلى سوق العمل الكويتي، والاعتماد على ديناميكية القطاع الخاص وقدراته التفاعلية، والقطاع العام الداعم لنشاط الأفراد والمؤسسات الخاصة عبر منظومة تشريعية ومؤسسية متطورة.
ورغم اعتماد الكويت بشكل كبير على عائدات النفط، إلا أنها تدرك مخاطر عدم الاستعداد للمستقبل الذى ينتظر النفط، وبالتالى وضعت خارطة طريق مستقبلية طموح أُطلق عليها اسم «الكويت الجديدة»، وتهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز ثقافى واقتصادي، وزيادة عائدات البلاد من ١٣.٣ مليار دينار كويتى إلى ٥٠ مليار دينار بحلول عام ٢٠٣٥.
فيما بدأت مملكة البحرين، منذ وقت طويل فى التنويع الاقتصادي، استعدادًا لما بعد النفط من خلال دعم الصناعات ومقدمى الخدمات، وأطلقت رؤية البحرين ٢٠٣٠، لتوفير حياة أفضل لكل المواطنين البحرينيين، والعمل على تطوير مستدام ومستمر للاقتصاد، من خلال ٣ مبادئ أساسية هى الاستدامة والعدالة والتنافسية.
وتهدف رؤية عمان ٢٠٤٠، إلى الاستغلال الأمثل للمزايا النسبية لكل قطاع اقتصادي، وخاصة المطارات والموانئ والمناطق الصناعية، إضافة إلى الموارد المتوفرة بما يحقق تنويع مصادر الدخل والتوسع فى مشاريع التشغيل الذاتي، مع التأكيد على أهمية التوزيع المتوازن للتنمية على المحافظات بما يتناسب مع حجم واحتياجات كل محافظة.