السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

.. ولسه بحلم ببُكره.. والحلم أصله فكرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُعد الحُلم أو الرؤيا كما ذكرت موسوعة «ويكيبيديا» سلسلة من التخيلات التى تحدث أثناء النوم، وتختلف الأحلام فى مدى تماسكها ومنطقيتها، وتوجد كثيرٌ من النظريات التى تفسر حدوث الأحلام، فيقول «سيجموند فرويد» عالم النفس النمساوى الشهير، إن الأحلام هى وسيلة تلجأ إليها النفس لإشباع رغباتها ودوافعها المكبوتة، خاصةً التى يكون إشباعها صعبًا فى الواقع؛ ففى الأحلام يرى الفرد دوافعه قد تحققت فى صورة حدث أو موقف، ولكن غالبًا ما تكون الرغبات فى الحلم مموهة أو مخفية، بحيث لا يعى الحالم نفسه معناها، ولذلك فإن كثيرًا من الأحلام تبدو خالية من المعنى والمنطق على عكس أحلام اليقظة التى تكون منطقية للغاية؛ لأنها تتم وفق مُعطيات معينة ودلائل ومؤشرات حقيقية.
ووجد أن دراسة الأحلام لها آثارٌ على الألواح الحجرية التى ترجع إلى «سومر» أقدم حضارة عرفتها البشرية، واعتقدت بعض الشعوب القديمة مثل الإغريق أن الأحلام عمومًا هبةٌ من الآلهة لكشف معلومات للبشر، وزرع رسالة معينة فى عقل الشخص النائم.
وأصبح ذلك علمًا بحد ذاته عند بعض المفسرين ورجال الدين المسلمين مثل «محمد بن سيرين»، كما اهتم به مفكرون مثل «محمد بن على محيى الدين بن عربي» فى كتابيه «الفصوص» و«الفتوحات المكية»، و«ابن خلدون»، وقد سعى ابن عربى وابن خلدون إلى تفسير الأحلام وتحليلها وتقسيم أنواعها ومعرفة أسبابها ومصادرها، بينما لم يبدأ اهتمام علماء الغرب بدراسة الأحلام إلا حديثًا.
وكان «سيجموند فرويد» أول من وضع الأسس العلمية لتفسير الأحلام فى كتابه الشهير «تفسير الأحلام» عام ١٨٩٩؛ حيث ذهب فيه إلى أن الأحلام تنتج عن الصراع النفسى بين الرغبات اللاشعورية المكبوتة والمقاومة النفسية التى تسعى لكبت هذه الرغبات اللاشعورية، وبالتالى فإن الحلم عبارة عن حل وسط أو محاولة للتوفيق بين هذه الرغبات المتصارعة، ولقد وضع فرويد مجموعة من الرموز يُستعان بها لفهم الحلم وتفسيره، وبعد ذلك جاء «ألفرد أدلر»، وهو أحد طلاب «فرويد» الذى رأى أن للحلم وظيفة توقعية أى أن النائم يتنبأ من خلال الحلم بما يمكن أن يواجهه فى المستقبل.
ويرى «كارل يونج» أن الحُلم ليس فقط استباقًا لما قد يحدث فى المستقبل، ولكنه ناتجٌ عن نشاطات اللاوعي، وهو يرى أن الأحلام تقدم حلولًا لمشكلات الشخص فى محاولةٍ لإعادة التوازن إلى الشخصية. 
وورد عن النبى «محمد» صلى الله عليه وسلم، عدد من الأحاديث عن الأحلام ومنها: (إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنْ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنْ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ)، وقسّم النبى الأحلام إلى ثلاثة أنواع، الرؤيا والحلم وأضغاث الأحلام، فالرؤيا هى مشاهدة النائم أمرًا محبوبًا، وهى من الله، وقد يُراد بها تبشير بخير، أو تحذير من شر، ويجب حمد الله عليها، والحلم هو ما يراه النائم من مكروه، وهو من الشيطان، ويُسن أن يتعوذ بالله منه وينفث عن يساره ثلاثًا، وأن لا يحدّث به. وأضغاثُ الأحلام وهى عبارة عن رغبات ومخاوف مكبوتة فى العقل الباطن.
ومن وجهة نظرنا البحتة، أن إنسان اليوم هو الذى يحلم دائمًا بالغد.. يحلم ببُكره؛ لأن هذا الحلم هو جواز مروره إلى الغد، وإذا توقف الإنسان عن الحلم، فإن معنى ذلك هو الموت المحقق، لأنه «لو بطلنا نحلم نموت»، وقد تكون الأحلام هنا شخصية «يا دوب على القد».. حلم من أجل غدٍ أفضل لى ولزوجتى وأولادي.. حلم براتب أعلى.. بوظيفة أفضل.. بالوصول إلى محطة أحلم بها فى تحقيق ذاتي.. وقد تكون أحلامًا شخصية عظيمة لأشخاص ذوى همّة عالية يرون فى أنفسهم أنهم يستطيعون أن يشقوا غمام السماء وعنانها، ليصعدوا بذواتهم إلى الآفاق.
وقد تكون الأحلام للوطن والدين والشعب؛ فقد يحلم الإنسان لوطنه أحلامًا عظيمة تضع هذا الوطن فى مصاف الدول المتقدمة فى هذا العالم، أحلامًا تنبنى على ماضٍ عريق لهذا الوطن كان فيه يسود العالم، فليس بمستغرب أن نحلم لهذا الوطن بأن يعود إلى سابق مجده ورونقه وحضارته.. تلك الحضارة التى علّمت العالم فى كل المجالات، قد يحلم الإنسان لدينه ببعث هذا الدين نقيًا طاهرًا لا غبار عليه من ترهات التطرف و«الدروشة» والأساطير والخرافات، يحلم بخطابٍ دينى جديد متسامح مع الآخر والعالم من حولنا، يحلم بأن يُبْعَث هذا الدين قويًا صلبًا لا يلين يدافع عن الأمة ضد أعدائها فى كل مكان على الأرض العربية والإسلامية وفى كل بقعة من هذا العالم الذى يضطهد الإسلام ويستهدف المسلمين.
وقد يحلم الإنسان لشعبه بمزيد من الحرية دون انفلات، وبالعدالة دون إسراف، وبالأمل فى الغد دون إجحاف، وبحياةٍ وعيْش رغد دون إفساد أو فساد، وبتماسك ووحدة ونسيج واحد دون أن تتفتت هذه الوحدة أو ينفصم عُرى هذا النسيج أمام حرب الشائعات على السوشيال ميديا، وحرب الأخبار الزائفة، وحرب القنوات الفضائية المُعادية لهذا الوطن، وحرب الفساد التى يشنها الفاسدون فى أرجاء الوطن على الدولة المصرية. إن الحرب فى الداخل أشد شراسة وفتكًا من حرب الخارج على هذا الوطن.
إن الأحلام الكبيرة تبدأ بأفكار عظيمة لأشخاصٍ عِظام لا تنقصهم الهِمّة لتحقيق أحلامهم ووضع أفكارهم موضع التنفيذ لتغيير وجه الحياة بريشتهم المفعمة بالألوان المبهجة، لديهم أفكار «الفلاسفة» وأحلام «المتصوفة» الزاهدين و«باليتة» الفنان يخلطون ويمزجون عليها الألوان لكى يلونوا حياتنا بلون الحُلم.. ذلك الحُلم الذى طالما حلموا به للوطن والدين والشعب.. الحلم الذى بدأ قبل سنوات بعيدة برؤيا إلهية تستشرف الوصول إلى سُدة الحكم فى أكبر بلد عربى وإسلامى، لكى يستعمله الله فى أرضه ويرى ماذا هو فاعل فى تنفيذ أفكاره التى كانت تراوده من أجل هذا الوطن، وأحلامه التى طالما راودته من أجل هذا الشعب.
إن أول مًن يحلم لهذا الوطن وهذا الشعب هو ذلك الإنسان المفعم بحب هذا الوطن والغيور على هذا الدين والحريص على هذا الشعب.. إنه الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى لا يحلم لهذا الوطن فحسب، بل يشجع الناس على أن يحلموا مثله لهذا الوطن على كل بقعة من أرض مصر.. ألم تسمعوا كلماته الكاشفات عن «الحُلم» فى دمياط عند افتتاح «مدينة الأثاث»، والوصول إلى العالمية فى هذه الصناعة، ألم يسأل الناس عن أحلامهم لمحافظتهم وصناعتهم ووطنهم: «إيه يا بتوع دمياط مبتحلموش؟»
وأنا – كمواطن مصري- ومعى كل المصريين على أرض هذا الوطن لسنا أقل من الرئيس (المصرى حتى النخاع) عبد الفتاح السيسى حبًا لتراب هذا الوطن وشغفًا بكل قَسْمَة من قَسَمَاتِه وملمح من ملامحه. وما دام لدينا قلب، وما دام فينا نبض، فأنا وهذا الشعب المصرى العريق لسه بنحلم ببكرة.. لأن الحلم أصله فكرة.