الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

وماذا بعد شرعنة المستوطنات الإسرائيلية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ قرن أو يزيد روجوا لفكرة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.. لتمكين اليهود من أرض فلسطين العربية.. وتحولت الفكرة إلى واقع.. واستولى اليهود على أرض فلسطين.. بدعم دولى معلن وغير معلن.. فالقوى الدولية الكبرى وقتها.. تعلن رفضها في العلن.. وتدعم اليهود وترسخ أقدامهم في الأراضى العربية في الخفاء.. إلى أن استقوت العصابات اليهودية.. وأعلنت قيام دولتها.. ومنذ ذلك الحين.. ودول الغرب تحمى هذا النبت الشيطانى الذى زرعته في غير أرضه.
ولولا هذا الدعم الدولي.. والتفسخ العربي.. لكان الشعب الفلسطيني.. بمؤازرة الشعوب العربية.. قد استطاع حماية أرضه والذود عنها.. وطرد الغاصبين منها.. ولكن التآمر الدولي.. والتراخى العربي.. مكن تلك الشراذم والعصابات.. من إقامة دولة.. تسابق المجتمع الدولى ومنظماته.. إلى الاعتراف بها.
ومنذ أن قامت دولة إسرائيل.. في ١٥ مايو ١٩٤٨.. وهى لا تكتفى بحدودها التى قررتها ورسمتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.. في قرارها بتقسيم فلسطين رقم ١٨١ في ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧ والذى وافقت عليه ٣٣ دولة ورفضته ١٣ دولة وامتنعت ١٠ دول عن الرفض أو القبول.. وجاء التقسيم لصالح اليهود بنسبة ٥٧.٥ من الأراضى الفلسطينية و٤٢.٣٪ لعرب فلسطين.. والباقى ويضم القدس وبيت لحم والأراضى المجاورة.. تحت الوصاية الدولية.
لم يرض اليهود بما حصلوا عليه.. وروجوا لفكرة أرض الميعاد.. من النيل للفرات.. واستمروا في ضم الأراضى العربية.. سواء بالشراء.. أو بالعدوان.. كما حدث واستولت على الأراضى العربية من كل الدول العربية المجاورة لها.. مصر والأردن وسوريا.. بخلاف الأراضى الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.. وتضاعفت مساحتها إلى أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل ٤ يوليو ١٩٦٧.. وعاد العرب يستجدون حقوقهم.. ويحاولون استرجاع أرضهم.. تارة بالحرب.. وتارة أخرى بالتفاوض.. ولم يحرك النظام العالمى الظالم ساكنًا.. وواصل حمايته للكيان الصهيونى المعتدي.
ظلت القضية الفلسطينية والأراضى العربية المحتلة.. هى قضية العرب الأساسية لما يزيد على نصف قرن.. لا يشغلهم عنها شىء آخر.. في المحافل الدولية والقمم العربية واللقاءات الثنائية.. وعقدت مؤتمرات.. وأجريت مباحثات.. وأبرمت اتفاقيات.. ووقعت معاهدات.. وذهب كل ذلك أدراج الرياح.. ولم تعد الاتفاقيات والمعاهدت.. إلا حبرًا على ورق.. لا تساوى ثمن الحبر الذى كتبت به.. ولا الورق الذى كتبت عليه.. وذهبت القضية إلى قاع الذاكرة العربية والعالمية.. وأصبحت في طى النسيان.
خطط حماة إسرائيل.. لشغل كل دولة عربية في نفسها.. وإغراقها في مشكلات داخلية وفتن وصراعات.. ولم يعد هناك من يتذكر القضية الفلسطينية.. أو حتى يريد أن يتذكرها.. فقد نجحت المخططات الغربية.. في إلهاء كل شعب في مشكلاته.. لإتاحة الفرصة لإسرائيل.. كى تنعم بالأمن والاستقرار.. وتنفذ تطلعاتها في التوسع وضم القدس والجولان وشرعنة المستوطنات التى أقامتها غصبا على الأراضى العربية.
عملت الإدارات الأمريكية.. وهى الراعى الرسمى والأساسى والحامى للكيان الصهيوني.. منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي.. على تحطيم دول الجوار التى تهدد إسرائيل.. فبدأت بالعراق.. عسكريًا.. ثم بباقى الدول العربية فكريًا.. بنشر فكرة الفوضى الخلاقة التى أطلقوا عليها زورًا.. الربيع العربي.. ليخدعوا بها الشعوب العربية.. التى عانت كثيرًا من تسلط أنظمة الحكم فيها.. وتطلعوا للتغيير.. ولكنهم كالعميان.. خربوا بلادهم ودمروها.. ولم يحصلوا على ما دغدغت به مشاعرهم.. تلك الشعارات البراقة.. التى هى أصلا أوهام وخيال.. غير مطبق حتى في أكثر دول العالم حرية وديمقراطية.
وكان صعود دونالد ترامب.. إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية.. نكبة للعرب.. وفاتحة خير لإسرائيل.. فالحلم الذى حلمته إسرائيل منذ نشأتها عام ١٩٤٨.. بجعل القدس العربية عاصمة للكيان الصهيوني.. حوله ترامب إلى حقيقة.. باعترافه يوم ٦ ديسمبر ٢٠١٧ بالقدس عاصمة لإسرائيل.. ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.. وتبعته بعض الدول فيما ذهب إليه.. وفى مايو ٢٠١٩ اعترف ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة.. ويأتى مؤخرًا إعلان وزير خارجية ترامب.. مايكل بومبيو.. نوفمبر الماضي.. بأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تخالف الشرعية الدولية.
إدانات دولية وعجز عربي.. رفض واستنكار وتنديد واستهجان.. وتمضى إسرائيل في مخططاتها التوسعية.. وتحقيق طموحاتها وأحلامها على أشلاء العرب.. وكل ما نملكه.. هو الشجب والإدانة.. وتتحول الفكرة إلى واقع.. وتذهب إداناتنا ورفضنا أدراج الرياح.. وكما تحول حلم أرض بلا شعب لشعب بلا أرض إلى حقيقة.. ستظل إسرائيل تحلم بأرض الميعاد.. من النيل إلى الفرات.. ويذهب العرب إلى الجحيم.. فقد خبرونا واختبرونا في مواقف كثيرة.. وكنا كغثاء السيل.. نزع الله من صدور عدونا مهابتنا.. وقذف الله في قلوبنا الوهن والضعف.