الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هي تحكي 1 من 2

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شتاء العاصمة تونس مطر وبرد ظهيرة نزولى بها الأسبوع الماضى (٢٥ نوفمبر) تكفلت ببعث الدفء والحميمية فيه دار ضيافة بن قاسم _ كاهية، بقلب المدينة القديمة، وكنت أثناء جولتى قبيل انعقاد مؤتمرنا اتخذتُ من تمثال صاحب علم العمران ابن خلدون دليلا وطريق عودة، شاقة لسان باب بحر حيث العلامة «النافورة» و«القوس»، ومحلات لمقتنيات تقليدية تونسية على يمين ويسار الراجلين، وفى مسار مواز ممتد عبرت أزقة تحمل تسميات «النهج» الشارع، إلى أن مررت بجامع يحمل اسم «الزيتونة»، و«الكنيسية» كما تسمى باللهجة المحلية، باتجاه «نهج الباشا» مقر إقامتنا، كانت الدكاكين الصغيرة، ومخبز الحي، وعمران لمؤسسات مكتبية حكومية، وحرة، ثم معهد للبنات، ماميز ماعبرتهُ مشيا، وبمظلة تقينى المطر، أن الجدران مطلية باللون الأبيض وكأنها فعل اليوم، وغلب اللون الأزرق على الأبواب التقليدية الطراز، أما نظافة الأرضية فكانت مُلفتة لم أر قمامة أو أى منظر لشوائب تزعج العين، وكأن اتفاقا بين قاطنى الحى على أن يتحمل كل بيت ودار مسئولية نظافة محيطه. وهذا فعل محمود، كتعاقد معنوى أخلاقى مُلزم بين عدد لا بأس به من المتساكنين.
الدار أو البيت العربى فندق «بن قاسم» بتفاصيله وتاريخه المشيد منذ القرن السابع عشر لعائلة «برناز» التركية، ثم إعادة ترميمه مع ٢٠٠٦ م، أعاد إلى ذاكرتى مكانا يُشبهه تاريخا وتصميما، هو «فندق زميت» بمنطقة باب ابحر مقابل قوس ماركوس بمدينتى طرابلس، (١٨٨٣م أُنشئ فى العهد العثمانى الثاني)،وفى أصله استعمل كفندق يلتقى فيه تجار القوافل القادمين من أفريقيا، وهو المكان الذى شهد أول لقاء لإعلاميات من ليبيا (٢٥ -٢٦ فبراير ٢٠١٢ )، وكنتُ جمعت فيه بين إعلاميات رائدات قدمن سردية تتعلق بسيرتهن فى مبتدأ الإعلام الليبي، وهى سيرة ظلت مغيبة، وقد حرصت على نشرها وتوثيقها بجريدتى ميادين، وإعلاميات شققن طريقهن مع متغير ثورة فبراير ٢٠١١، وقد انطلقن من مدن عدة، وطرحن كإعلاميات وقتها الفرص المتاحة، والعوائق فى عملهن، مع انتشار السلاح الذى تسبب فى انتهاكات طالت المدنيين كما طالت صحفيى الميدان حين ينقلون ويوثقون الأخبار والأحداث الجارية، وفى لقاء تونس ٢٠١٩ نقاشات قاربت خطوط عريضة من لقائنا ٢٠١٢، ففى مؤتمر «هى تحكي» اجتمعت صحفيات من شمال أفريقيا، والشرق الأوسط، ودارت جلساتنا الثلاث بتنظيم ورعاية تونسية: منظمة المواطنة الرقمية بإدارة الإعلامية آمنة الميزونى / وشراكة ليبية الإعلامية المستقلة هبة الشيباني، وقد حمل برنامج المؤتمر عناوين: نساء على أرض الميدان _ الصحافة فى مناطق النزاعات – صحفيات فى منطقتنا: ما أهمية وجود صحفيات لتغطية الأحداث الميدانية وهى الجلسة التى شهدت حوارا حول الحريات، ووضعية الصحافة والإعلام فى منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا. ودولنا تشهد متغيرا تاريخيا انتفاضات الموجة الأولى: تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، ثم الموجة الثانية السودان، والجزائر، ولبنان، العراق، وارتدادات وأثر كل هذا الحراك على دول جارة، صار للميادين كلمتها، التى ألزمت الممتهن كما الهواة (صحافة المواطن) فى مجال الصحافة والإعلام مهمة نقلها كما هي، وهو إعلام مرحلة استثنائية ومفارقة، يتساوى فيه أدوار الصحفيين والصحفيات كما مايواجهونه من أخطار، وقد عنت الزميلة زهرة حنكير من لبنان فى كتابها المهم «نساؤنا على الأرض» بجمع وتدوين شهادات عمل ميدانى لتسع عشرة صحفية بمواقع النزاع والحروب مؤخرا، وفى الجلسة الأولى لمؤتمرنا وفى معرض إجابتها على أسئلة مديرة المنصة الإعلامية التونسية «سوسن الشاهد» دافعت زهرة عن تجربتها، التى تسجل كأول كتاب جامع تكتبه صحفيات عربيات عن تجاربهن الميدانية ببلدانهن، بمواجهة أن تركيزا يجرى على الصحفى الأجنبى الذى يغطى أحداث الحرب ببلداننا،لكننا نغيب توثيق سيرة صحفيين، وصحفيات تمسهن مخاطر وعوائق أكبر، جلهم يدفعون حياتهم ثمنا لنقل صورة ميدانية حية يبرزون من خلالها الحقائق، ويقدمون رسالة ذات مصداقية وحيادية، ومن تونس جاءت سيرة نضال «مدونة الثورة» وصاحبة صفحة «بنية تونس» من شقت طريقها الصعب فى العمل التوثيقى الميدانى من مدينة ثورة الياسمين «سيدى بوزيد»، إلى «القصرين»، وحتى وصولها «شارع الحبيب بورقيبة»، الصحفية والناشطة المدنية /الحقوقية لينا بن مهنى الأستاذة الجامعية، والتى رشحت بتوقيعات لناشطين مدنيين لجائزة نوبل للسلام ٢٠١٢، سردت لنا رحلتها فى التغطية الإخبارية بأكثر من ساحة وميدان وما لاقته من مصاعب العمل الصحفي، على شبكة الإنترنت، وعلى الأرض وقد جاء عملها فى التوقيت الصعب.