تطور خطير جدًا فى الأزمة الليبية بعد إقدام حكومة الوفاق التى يترأسها «فايز السراج»- مقرها «طرابلس» والمدعومة من «قطر»- على توقيع اتفاق أمنى وعسكرى مع «تركيا» ويقضى الاتفاق بفتح المجالين الجوى والبحرى أمام الجيش التركى.. تعدى هذا الاتفاق الحدود، وتعدى وصفه بالاستقواء بالخارج ضد جيش بلاده الوطنى والذى يقوده «المشير خليفة حفتر»، وضرب عرض الحائط بالدعوة التى أطلقتها جامعة الدول العربية للدول الأعضاء بوقف التعاون مع «تركيا» وخفض تمثيلها الدبلوماسى لدى «تركيا» بعد الهجوم الذى تشنه على شمال سوريا وتعديها على الأراضى السورية.
اتفاق «أردوغان والسراج» باطل، بلا سند قانونى وليس له أثر قانونى، يعتبر خرقًا لأمن وسيادة ليبيا، اتفاق ما هو إلا غطاء لمزيد من تسليح الميليشيات الإرهابية الموالية لـ«قطر» ومحاولة لنجدتها بعد الهزائم المتتالية فى مواجهة الجيش الوطنى الليبى الذى يقوده «المشير خليفة حفتر»، اتفاق لتعزيز سلطة جماعة الإخوان الإرهابية فى «طرابلس» وتثبيت أقدام «تركيا» فى «ليبيا»، اتفاق نتيجته الطبيعية ستكون مزيدًا من السلاح التركى فى يد الميليشيات المأجورة، فينتج عنه مزيد من الإرهابيين، الذين سيتم نقلهم بسهولة إلى «ليبيا»، ثم مزيد من الدماء والدمار والخراب والانقسام بين أبناء الشعب الليبى، اتفاق يكشف للجميع مدى الطموح الاستعمارى لـ«أردوغان»، اتفاق يبين لنا طمع «أردوغان» فى مليارات «ليبيا» واستيلائه على مقدرات الشعب الليبى.
هذه ليست المرة الأولى التى تسعى فيها «حكومة الوفاق» لإبرام اتفاقية دفاع مشترك مع تركيا، فقد تم طرح توقيع هذا الاتفاق خلال زيارة «فايز السراج»، رئيس الحكومة لـ«إسطنبول» فى نوفمبر ٢٠١٨، وتم فتح باب نقاش مرة أخرى فى زيارة ثانية له فى يوليو الماضى، لكن هذه المحاولات لا قيمة لها؛ لأن «فايز السراج» ليس من صلاحياته إبرام أى اتفاقيات دولية بناءً على المادة ١٧ من الإعلان الدستورى والفقرة (ج) من البند الثانى من المادتين ٨ و١٤ من «اتفاق الصخيرات» الذى أنتج «حكومة الوفاق»، والمواد من ١٩ إلى ٢٥ من «اتفاق الصخيرات».
وبعد هذه التطورات، وتحديدًا فى ٢٣ أكتوبر الماضى أدلى «أردوغان» بتصريحات أثارت غضبًا واسعا بين الليبيين واعتبروها استفزازًا وإعلانًا صريحًا لطموحه الاستعمارى ومُقدمة لاحتلاله ليبيا حينما قال نصًا «ليبيا إرث لنا وجزء من الجغرافيا القديمة للأتراك».. هنا خرجت بيانات كثيرة من مجلس النواب والقوى السياسية والشعب الليبى ليطالبوا الأمم المتحدة باستبعاد «تركيا» من المباحثات التى تتعلق بالأزمة الليبية.
هنا يتبادر للأذهان سؤال مُلح هو: هل هذا الاتفاق يمثل تهديدًا لمصر؟ بالتأكيد سيسبب خطرًا كبيرًا على مصر وتهديدًا مباشرًا للأمن القومى المصرى.
وهذا يدعونا لسؤال أكثر إلحاحًا وهو: وهل مصر مستعدة لمواجهة هذا التهديد المباشر؟ بالطبع «مصر» مستعدة، وبصراحة: هذا الاستعداد ليس من الآن، لكنه استعداد منذ سنوات، فقد استطاعت القوات المسلحة إنشاء «قاعدة محمد نجيب العسكرية» بالقرب من الحدود المصرية الغربية وتم تطويرها، قاعدة عسكرية مفخرة لنا وتعتبر أكبر قاعدة عسكرية فى الشرق الأوسط لتأمين محطة الضبعة ومدينة العلمين الجديدة وحقول البترول والغاز.. ولدينا «قاعدة برانى العسكرية»، والتى تمثل إضافة قوية لقدرة رجال المنطقة الغربية العسكرية لحماية الحدود الغربية، إضافة إلى القدرات الهائلة لقوات حرس الحدود فى حماية الحدود من تسلل العناصر الإرهابية إلى «مصر».
تحية لبُعد نظر رجالنا الأوفياء فى القوات المسلحة الذين سعوا لتنفيذ كل الاحتياجات اللازمة للتصدى لأى تهديدات تتعرض لها «مصر»، وتحية للقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول محمد زكى، الرجل الذى يسطر اسمه فى كتب التاريخ بتاريخه العسكرى المُشرِف وقياداته الواعية، وتحية للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى اهتم بالقوات المسلحة وطور سلاحها وعزز قدراتها القتالية.
وعلينا نحن- المصريين- أن ندرك أنه يومًا بعد يوم يزداد الخطر المحيط بـ«مصر»، يزداد أعداؤنا جنونًا، ويجددون مخططاتهم سريعًا، يتحالفون ضدنا، يستهدفون أرضنا، يتآمرون علينا، وأصبح تآمرهم علينا يتم «فى عز الضهر»، يعلنون تآمرهم فى الصباح وينفذون مُخططاتهم فى الظهيرة ويحرضون ضدنا فى المساء.. كُنا نظن أن المُخططات لا تتعدى التحريض ضدنا ثم تحولت المُخططات إلى تمويل الإرهابيين بالمال والسلاح لإسقاطنا، وتحولت الآن إلى تحول خطير يؤكد العداء الكامل لنا وبدأت مرحلة «جر الشكل» ثم استقدام الإرهابيين من «سوريا والعراق» وتوطينهم بالقرب من حدودنا مع ليبيا ومساعدتهم فى تسللهم لأراضينا.. لكن هيهات فلن تسمح «مصر» بتنفيذ هذا المُخطط، رجالنا فى الجيش يهتفون «نار لهيب حُرقة، يا من تُريد قتالى، حدد لنفسك موعدًا، واحفر لنفسك قبرًا، قبل أن تلقانى، هذا وعد منى، وعد وحوش الصاعقة»، ولن يهتف هذا الهتاف وحوش الصاعقة فقط، بل ستهتفه جموع المصريين الخائفين على وطنهم وسيقولون «يا من تُريد قتالى.. احفر لنفسك قبرًا قبل أن تلقانى».