الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صحة المرأة والدكتور محمود فتح الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قررت اللجنة المصرية الممثلة للكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد الاحتفال باليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة في مدينة الإسكندرية، وفى حضور رئيسة الكلية الملكية دكتورة ليزلى ريجان ورئيس اللجنة المصرية الممثلة للكلية د.حسن سلام، واستضافة عالمين مصريين هما الدكتور محمود فتح الله والدكتور محمد أبوالغار.
فما هى حكاية اليوم العالمى لوقف العنف ضد المرأة؟ وما أهمية الاحتفال بالحدث في مدينة الإسكندرية؟ ومن هو أستاذنا الدكتور محمود فتح الله ضيف شرف الاحتفالية؟
يوم ٢٥ نوفمبر من كل عام هو اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة، ويعود تاريخ هذا اليوم إلى عملية الاغتيال الوحشية التى وقعت في جمهورية الدومنيكان في جزر البحر الكاريبى سنة 1960. 
فقد أمر ديكتاتور الدومنيكان رافائيل تروخيلو (1930 - 1961) باغتيال الأخوات الأربعة (ميرابال)، الناشطات السياسيات والمعارضات لحكمه، ونجح فعلًا في اغتيال ثلاث منهن، بينما نجت الأخت الرابعة من الموت، وبقيت على قيد الحياة لتروى تفاصيل المأساة. وفى 17 ديسمبر سنة 1999 أصبح يوم ٢٥ نوفمبر هو اليوم العالمى للتوعية لوقف العنف ضد المرأة بقرار من الأمم المتحدة. وليستمر النشاط التوعوى في مجال صحة وحقوق المرأة لمدة ١٦ يومًا متصلة وهى الفترة الممتدة بين ٢٥ نوفمبر، اليوم العالمى لوقف العنف ضد المرأة، و١٠ ديسمبر، اليوم العالمى لحقوق الإنسان.
وفى هذا العام قررت الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد الاحتفال بهذه المناسبة في مدينة الإسكندرية، أحد أقدم المدن في العالم والتى بناها الإسكندر الأكبر سنة ٣٣١ قبل الميلاد. 
وقد اكتسبت الإسكندرية شهرة عالمية باعتبارها مدينة (Cosmopolitan) متعددة لكل الحضارات والثقافات ومركزًا مهمًا للثقافة والفنون والآداب. 
وفى هذا اللقاء عرض د.حسن سلام تاريخ المدينة والذى يعكس حقبة مهمة من الإرث الحضارى لمصر منذ مجئ الإسكندر الأكبر. وقدم عرضًا مصورًا شمل تاريخ جامعتها العريقة ومجمعها العلمي، ومكتبتها القديمة والتى تُعد أول معهد أبحاث في التاريخ، ومنارتها التى كانت إحدى معجزات الدنيا السبع. ودور علماء الإسكندرية القديمة في الكشف عن طبيعة الكون، والفيزياء والفلك والجغرافيا والهندسة والرياضيات والتاريخ الطبيعى والطب والفلسفة والأدب. وذكر دور العلماء من اليونان والرومان الذين درسوا في الإسكندرية، ومن بينهم إقليدس عالم الهندسة الذى تتلمذ على يديه أرشميدس. وأفلاطون أبو الفلسفة وغيرهم من العلماء الذين أثروا الفكر الإنسانى بالعالم القديم.
أما ضيفا شرف الاحتفالية، الأستاذ الدكتور محمود فتح الله (جامعة أسيوط)، والأستاذ الدكتور محمد أبوالغار (جامعة القاهرة) فهما بحق يمثلان مع أستاذنا الدكتور جمال أبوالسرور (جامعة الأزهر)، الثلاثى الأشهر في تخصص أمراض النساء والتوليد على المستوى الدولي. ولكل واحد منهم تاريخ أكاديمى حافل بالإنجازات وخاصة أستاذنا الدكتور محمود فتح الله، الفائز بجائزة الأمم المتحدة للسكان عام ٢٠٠٩، والذى يعرفه العالم بأبوبرنامج المنظمة الدولية للتوليد وأمراض النساء (FIGO) لتقليل وفيات الأمهات خاصة في بلدان العالم النامي، وكذلك مؤسس برنامج صحة المرأة لمنظمة الصحة العالمية، وأحد أهم الشخصيات الدولية التى لعبت دورًا محوريًا بالنهوض بصحة المرأة بصفة عامة والإنجابيه بصفة خاصة.
وخلال هذه الاحتفالية، قام د.فتح الله بإلقاء محاضرتين، الأولى يوم السبت ٢٣ نوفمبر بكلية الطب جامعة الإسكندرية بعنوان «التحديات التى تواجه المرأة العصرية»، والثانية يوم الأحد ٢٤ نوفمبر في مكتبة الإسكندرية بعنوان «القضاء على العنف ضد المرأة: نصيحة طبيب».
والدكتور فتح الله، شخصية محبوبة على المستوى الدولي، ومحاضر من طراز فريد وله مؤلفات عديدة في مجال صحة المرأة، تمت ترجمتها إلى كل لغات العالم، وله محاضرات تم إنتاجها من قبل منظمة الصحة العالمية بعنوان «لماذا ماتت السيدة X؟» تبين معاناة السيدات أثناء الحمل والولادة، خاصة في بلدان العالم النامية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
ولى مع أستاذنا الدكتور محمود فتح الله ذكريات لا تنسى، حيث كان رئيسًا للمنظمة الدولية للنساء والتوليد في الفترة من ١٩٩٤-١٩٩٧، ورئيسًا للمؤتمر الدولى للمنظمة والذى انعقد سنة ١٩٩٧ في كوبنهاجن عاصمة الدنمارك. وكنت أنا وقتها في السنة الأولى من بعثتى إلى جامعة مانشستر للحصول على الدكتوراة، وشاركت في المؤتمر وجلست مع الحضور في انتظار حفل الافتتاح. وشعرت بالفخر والعظمة عندما دخل الدكتور فتح الله بجوار ملكة الدنمارك لافتتاح المؤتمر، وفى اليوم التالى ظهر في صدر الصفحات الأولى للجرائد تحت اسم «المصرى محمود فتح الله رئيس المنظمة الدولية يفتتح المؤتمر الدولى مع الملكة». وظللت محتفظًا بهذه الصورة، والتى أعادت نشرها الصحف الإنجليزية، وكنت أفتخر بها أمام زملائى الإنجليز، وخاصة عندما ينظرون إلىَّ أننى من دول العالم النامي!
وفى شتاء سنة ٢٠٠١، وبعد الحصول على الدكتوراه، حللت ضيفًا على نادى أدنبرا للنساء والتوليد، لإلقاء محاضرة عن الأبحاث التى أجريتها في مانشستر، وبعد انتهاء المحاضرة جلست بجوار أستاذ اسكتلندى على العشاء، وبادر وسألنى هل تعرف دكتور محمود فتح الله؟ قلت نعم ولكنى لم أقابله بعد، قال لقد كان زميلا ليً في الدراسة في أدنبرا وهو بحق من أفضل الشخصيات التى تعرفت عليها طوال حياتي، وقال أنتم محظوظون لأن الدكتور فتح الله مصري، ولو كان هذا الرجل إنجليزيا لمنحته الملكة لقب سير مثل السير مجدى يعقوب.
ولا أنسى أول لقاء مباشر لى مع د.محمود فتح الله في كوالالمبور عاصمة ماليزيا أثناء انعقاد المؤتمر الدولى للمنظمة الدولية سنة ٢٠٠٦، حيث قام بإلقاء المحاضرة الافتتاحية عن واقع صحة المرأة في العالم، في وجود مهاتير محمد (وكان قد ترك الوزارة) وزوجته، وهى طبيبة أمراض نساء وتوليد، وبعد أن انتهى د.فتح الله من إلقاء المحاضرة، وقف الحضور وكان عددهم أكثر من خمسة آلاف بالتصفيق الحار لمدة طويلة، وكلما انحنى د.فتح الله لشكر الحضور، ازدادت مدة التصفيق، في منظر لا يمكن أن يغيب عن الذاكرة.
أما الحدث الأكبر والذى دمعت عيناى وأنا أشاهده فكان في إيطاليا أثناء انعقاد مؤتمر المنظمة الدولية في روما سنة ٢٠١٢، وكان الدكتور جمال أبو السرور هو رئيس المنظمة والمؤتمر، وكان الدكتور فتح الله هو رئيس شرف المؤتمر، ووقف الدكتور محمود فتح الله بعد إلقاء محاضرته بجوار الدكتور جمال أبوالسرور، وارتجت القاعة بالتصفيق وصاح الآلاف من الحضور «المصريون الأكثر نجاحًا في تاريخ المنظمة».
بحق هؤلاء العظماء هو قوة مصر الناعمة، وفخرها، ومصدر الإلهام لشبابها. بارك الله فيكم أساتذتنا الأجلاء، ومتعكم بالصحة والعافية.