احتشد مواطنون لبنانيون، بأعداد كبيرة ومن مختلف الطوائف والشرائح العمرية في منطقة عين الرمانة (بمحافظة جبل لبنان) من أهالي المنطقة وعدد من المناطق الأخرى في عموم البلاد، معلنين رفضهم لمحاولات إذكاء الفتن الطائفية وإشعال حرب أهلية جديدة، على خلفية الاشتباكات الطائفية العنيفة التي شهدتها حدود المنطقتين بالأمس.
وشهدت نقاط التماس بين منطقة الشياح (ذات الأغلبية من الطائفة الشيعية) ومنطقة عين الرمانة (ذات الأغلبية المسيحية)، لاسيما الطريق القديمة المؤدية إلى مدينة صيدا الجنوبية، مساء أمس، اشتباكات وصدامات عنيفة بين مجموعات من أهالي المنطقتين، فضلا عن تبادل التلاسن والعبارات الطائفية، على خلفية تداول مقطع مصور قديم لمجموعات تطلق الهتافات المناهضة لحزب الله وأمينه العام حسن نصر الله.
ورفع المشاركون في مسيرة اليوم أعلام لبنان، ورددوا النشيد الوطني اللبناني والهتافات التي تنبذ الاقتتال الطائفي ومحاولات البعض استعادة أجواء الحرب الأهلية، لاسيما وأن مدينة عين الرمانة ارتبطت في أذهان اللبنانيين بكونها النقطة التي شهدت سلسلة الأحداث الدامية التي أدت إلى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت لـ 15 سنة ما بين أعوام (1975 – 1990) .
وبدا لافتا مشاركة أعداد كبيرة من السيدات والأمهات اللاتي يرتدين الحجاب وقد حضرن من منطقة الشياح ومناطق أخرى متفرقة من أرجاء لبنان، معلنين تأييدهن للمسيرة الداعية للحفاظ على السلم الأهلي وحماية الوحدة الوطنية للشعب اللبناني وعدم الانزلاق إلى أجواء الاقتتال الدامية بين الطوائف.
وأكد المشاركون في المسيرة تمسكهم بقوة بالعيش المشترك، وعدم السماح لأية أحزاب سياسية باستخدامهم وقودا لمعارك طائفية أو استعمال أبنائهم حطبا لإشعال اقتتال طائفي بغيض، ومشددين على أن أهالي المنطقتين يحتفظون بصداقات متينة متبادلة وأنهم بمثابة أسرة واحدة وإن اختلفت الطوائف، في حين قالت عدد من السيدات إنهن عاصرن أهوال الحرب الأهلية اللبنانية ويرفضن العودة إلى أجوائها مرة أخرى.
وجابت المسيرة شوارع مدينة عين الرمانة، لتنتقل في أعقاب ذلك إلى حدود منطقة الشياح قرب الحاجز الأمني الذي أقامته القوى الأمنية في أعقاب اشتباكات الأمس، حيث قوبلت باحتفاء كبير من سكان المنطقتين معا، إذ نثر أهالي البلدتين الورود والأرز من الشرفات على المشاركين في المسيرة في تأييد كبير لأهدافها.
وكانت اشتباكات عنيفة وعمليات كر وفر قد وقعت بالأمس في التقاطعات الرئيسية لعين الرمانة استخدمت فيها كميات كبيرة من الحجارة والمفرقعات النارية وقنابل المولوتوف، على نحو تدخلت معه قوات الجيش اللبناني مدعومة بآلياتها العسكرية بأعداد كثيفة لإيقاف الاشتباكات والفصل بين مجموعات من مؤيدي حزب الله وحركة أمل من جهة وأهالي منطقة عين الرمانة وأنصار حزب القوات اللبنانية من جهة أخرى.
ويشهد لبنان على مدى الأيام الثلاثة الماضية، حالة من التوتر البالغ بعد اشتباكات متبادلة بين مؤيدي وأنصار حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني من جهة، وتجمعات المتظاهرين وأهالي بعض المناطق ومناصري حزبي القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية من جهة أخرى في مناطق متفرقة من محافظات بيروت وجبل لبنان وبعلبك الهرمل ومدينة طرابلس، وهو ما قوبل بانتشار كثيف من قبل الجيش في مناطق الاشتباك للسيطرة على الأوضاع واستعادة الأمن.