الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أمواج سياسية «6»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عدو عدوك صديقك وصديق عدوك، لا يمكن أن يكون صديقك هذه هى القاعدة المنطقية للعلاقات بين الأفراد في المجتمع الواحد ما بالك بين الدول التى تحكم العلاقة فيها أن المصالح تتصالح، وإذا ما استعرضنا العلاقات العربية الأمريكية الإسرائيلية، تجد أن المنطق ينتحر أمام هذه العلاقات والمتابع للتاريخ منذ بداية القضية الفلسطينية، يجد أن الولايات المتحدة الأمريكية، تنحاز إلى إسرائيل انحيازا مفرطا لا تقبل معه أى تعليق لدرجة أن البعض يصف هذه العلاقة بالزواج الكاثوليكى. 
ومن دون السرد التاريخى للعلاقات الأمريكية مع العرب والمواقف الأمريكية في كل الأزمات، والتى تحتاج إلى مجلدات نختار منها ما يخص مصر في هذه العلاقات، ولن نرجع كثيرا بالزمن لأن تاريخ وجود الدولتين الأمريكية والإسرائيلية، لا يسمح بذلك، ولكن نبدأ بموقف الولايات المتحدة من بناء السد العالى. 
بدأت دراسات إنشاء السد العالى في ١٨ أكتوبر ١٩٥٢، بعدما تقدم المهندس «أدريان دانينوس»- المصرى اليونانى الأصل- إلى قيادة ثورة ١٩٥٢ بمشروع لبناء سد ضخم عند أسوان؛ لحجز فيضان النيل وتخزين مياهه وتوليد طاقة كهربائية منه. 
سعى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى تحويل فكرة إنشاء السد إلى «حلم قومى ليحضر «السد العالى» مع الرئيس الراحل دائمًا على جدول أعماله في مناقشاته واجتماعاته مع المسئولين العرب والأجانب». 
وأصبح السد حلما لكل المصريين في التنمية والرخاء، لا يراد له أن يتحول لكابوس مزعج، حلم تمنى المصريون تحقيقه لتقويض عنفوان تلك المياه التى تغرق أراضيهم، وتسخيرها لتوليد الكهرباء، والتوسع في الرقعة الزراعية، واستخدام شريان الحياة، ذلك ليكون مصدرًا للخير، والنماء كل هذا جعل عبد الناصر يبدأ البحث عن مصادر لتمويل إنشاء السد، وعرض على البنك الدولى للإنشاء والتعمير، تمويل بناء السد. والذى بدوره أصدر تقريرًا، نشره في يونيو ١٩٥٥، أكد فيه سلامة مشروع بناء السد العالي، وجاء بالتقرير، اعتماد ٨ ملايين دولار لمصر؛ لتنفيذ بعض الأعمال التحضيرية للمشروع، ثم أعلنت الخارجية الأمريكية وقتها، بأن يتولى كل من (البنك الدولي، الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا)، تمويل مشروع السد العالى بتكلفة ١.٣ مليار دولار. ثم بدأت تتضح النوايا من اشتراك الولايات المتحدة وبريطانيا في تمويل السد؛ حيث فرضت الدولتان الكثير من العراقيل لتقييد تنفيذ المشروع، كانت الحلقة الأولى من سلاسل التقييد، هو تحويل مصر ثُلث دخلها القومى لمدة ١٠ سنوات لبناء السد العالي، وتبعتها حلقات السلسلة في فرض الرقابة على المشروعات الاقتصادية الأخرى، وثم حلقات أخرى بوضع ضوابط للحد من زيادة التضخم والإنفاق الحكومي.
ثم اشترطت أمريكا وبريطانيا أيضًا، فرض رقابة على مصروفات الحكومة المصرية، وعلى الاتفاقيات الأجنبية أو الديون الخارجية، وألا تقبل مصر قروضًا أخرى أو تعقد اتفاقيات في هذا الشأن إلا بعد موافقة البنك الدولي، وكان آخر الاشتراطات، الاحتفاظ بحق إعادة النظر في سياسة التمويل تجاه المشروع. 
أثارت هذه الشروط غضب عبدالناصر والمصريين جميعا، ثم وافق عبد الناصر بعد مفاوضات لتخفيف هذه الشروط، وبعد ٥ أشهر من إعلان الاتفاق، وفى ظهر يوم ١٩ يوليو ١٩٥٦، أصدر المتحدث الرسمى باسم الخارجية الأمريكية «لينكولن وايت»، بيانًا أعلن فيه سحب العرض الأمريكى لتمويل مشروع السد العالي، وأبلغ الرئيس الأمريكى -آنذاك- «جون فوستر دالاس»، السفير المصرى بالولايات المتحدة، أحمد حسين، خلال إذاعة البيان، أن الولايات المتحدة لن تساعد في بناء السد العالي، وأن بلاده قررت سحب عرضها؛ لأن اقتصاد مصر لن يستطيع تحمل هذا المشروع. وردًا على قرار الانسحاب الأمريكى من تمويل إنشاء السد، أعلن عبدالناصر، في ٢٦ يوليو ١٩٥٦، تأميم الشركة العالمية لقناة السويس، شركة مساهمة مصرية، وهو ما عرض مصر للعدوان الثلاثى، وكان هذا الموقف الأمريكى من بناء السد هو موقف ضد التنمية في البلاد، وتدخلت الولايات المتحدة في المشروع لإجهاضه وقتل الفكرة في مهدها أما على الجانب العسكرى، فحدث ولا حرج، فتقف أمريكا إلى جانب إسرائيل في هذ المجال بشكل فج؛ حيث تضمن تفوق إسرائيل العسكرى في المنطقة وعلى مصر بالذات، وفى الحروب التى خاضتها مصر مع إسرائيل نجد أن السلاح الذى تحاربنا به إسرائيل من أحدث الأسلحة الأمريكية في العالم، والتى في بعض الأحيان لم تدخل الجيش الأمريكى نفسه، وليس هذا فقط بل تدعم إسرائيل اقتصاديا ومعلوماتيا، وكلنا نتذكر ثغرة الدفرسوار وبنفسه مبارك قال في كلام صريح أن الولايات المتحدة تريد إضعافنا ولا تسمح لنا بتصنيع عسكرى، ويستمر هذا المسلسل حتى الآن فأمدت الولايات المتحدة إسرائيل بالطائرة أف ٣٥، بينما رفضت إعطاءها لمصر، وليس هذا فقط وتحذر مصر من امتلاك الطائرة su ٣٥ الروسية. وإذا كنا نعلى من شأن المنهج العلمى في التفكير في هذه العلاقة فإن أول شيء يجب أن نبحثه هو سبب هذا الانحياز الأمريكى لإسرائيل وبالقرب من المجتمع الأمريكى نجد أنه مجتمع من المهاجرين يتحكم فيه الاقتصاديون والأغنياء وتجمعات يهودية في الكونجرس وامتلاكهم للأدوات الإعلامية الرئيسية للتأثير في الرأى العام الأمريكى، بينما لم نتطرق نحن لهذه الأسباب ومحاولة علاجها أو مواجهتها من قريب أو من بعيد.
وللحديث بقية..