أصيب المتآمرون بصدمة عصبية شلت ألسنتهم وأزاغت عيونهم فلم ينطقوا بكلمة واحدة بعدما نجحت مصر في ترويض إثيوبيا وفرض إرادتها فيما يخص سد النهضة بعدما وافقت إثيوبيا على طلب مصر بملء السد في سبع سنوات وتنازلت الدولة الأفريقية عن التشبث برأيها المتعلق بملء السد في ثلاث سنوات فقط.
لم أشك لحظة واحدة في انتصار الإرادة والدبلوماسية المصرية في هذا المعترك الذى دارت اجتماعاته بهدوء في الولايات المتحدة الأمريكية برعاية الرئيس دونالد ترامب لأن كل المعطيات تتجه نحو أحقية مصر في حصتها كاملة من مياه النيل ورفض إقامة أى مشروعات من شأنها التأثير سلبا على دولتى المصب مصر والسودان.
وربما تثبت الأيام القادمة أن إثيوبيا أفاقت من الغفلة التى أوقعتها فيها إسرائيل بمشروع سد النهضة الذى يثبت اختيار مكانه على بعد ١٨ كيلو متر من الحدود السودانية وفى منطقة زلازل. أنه مؤامرة صهيونية لم تكن وليدة اليوم بل تعود إلى ٨٠٠ سنة ماضية ولم تفلح على مر القرون الماضية لأن مصر لديها من القوة والإرادة على إجهاض أى تهديد لوجودها كأمة أنارت سماء الإنسانية بنورها وشمس حضارتها التى سبقت التاريخ.
ولأن مصر اليوم بدأت تستعيد مكانتها في العالم لم تشهد القارة الأفريقية حراكا اقتصاديا مثلما تشهده الآن فبعد أن قاد الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ثورات التحرر في القارة الأفريقية تعود مصر من جديد برئاسة الزعيم عبدالفتاح السيسي في قيادتها اقتصاديا وخلق مكانة قوية لها بين قارات العالم وبالتالى لم يكن غريبا أن تسعى الدول الكبرى إلى عقد شراكة حقيقية للاستفادة من خيرات القارة من المواد الخام والاستفادة من الموارد البشرية لتحقيق قفزة نوعية خاصة وأن القارة تمثل السوق الواعد للعالم خلال العقود القادمة.
ولأن مصر تلعب الدور الأكبر والمهم مع بعض الدول الكبرى المؤثرة لخلق واقع عالمى جديد يعتمد على تعدد الأقطاب وانتهاء عصر القطب الواحد الذى يمتد إلى ثلاثة عقود وبالتحديد بعد تفكك الاتحاد السوفيتى ساعد على ذلك دخول الصين بقوة بعدما أصبحت قوة اقتصادية ذات تأثير قوى على الاقتصاد العالمى وتطور الأوضاع في روسيا والاتحاد الأوروبى واليابان والهند وأيضا دول شرق آسيا.
وتلعب مصر دورا مؤثرا لعودة الاستقرار إلى الشرق الأوسط ليعود بقوة إلى التنمية وإجهاض كل المؤامرات التى تسعى إلى تفكيكه ونهب ثرواته وكل المؤشرات تشير إلى ذلك بعد الصراعات الداخلية وعدم الاستقرار الذى تعيشه كل من تركيا وإيران في الفترة الأخيرة ووجود اضطرابات داخلية في الدولتين بعد تراجع الاقتصاد بسبب العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة على إيران وزج أردوغان بتركيا في العديد من الصراعات مما أفقد الليرة ٤٠٪ من قيمتها وأصبح الاقتصاد التركى على المحك بعد أن كان من الاقتصادات الواعدة قبل ثمانية أعوام.
أما إسرائيل فهى تعيش الآن أزمة سياسية لم تمر عليها منذ فترة طويلة حيث أصبح رئيس وزرائها نتينياهو مهددا ليس بفقد منصبه وضياع مستقبله السياسى فقط بل أصبح مهددا بالسجن في قضايا فساد وهناك مظاهرات في إسرائيل تطالب بإبعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي.
ولأن مصر تلعب سياسة النفس الهادئ والتخطيط لكل شيء لم تأبه كثيرا بالموقف الأمريكى المتعلق بصفقة السوخوى 35 مع روسيا وتمضى بقوة في طريق التعاقد على الصفقة والتى لجأت إليها مصر بعد رفض أمريكا لطلب مصر التعاقد على صفقة من الطائرات إف 35.. ويعرف الرئيس الأمريكى جيدا أن قرار مصر لا يخضع للمساومة أو التهديد لأن مصر اليوم تعرف كيف تدير شئونها وفق مصالحها وأمنها القومى وبالتالى لا يمكن أن ترضخ لابتزاز أى قوى على وجه الأرض.
كل المعطيات تؤكد أن مصر سوف تصبح من بين أقوى عشر دول في العالم خلال العقد القادم حيث تعيش أفضل فترة تجمع فيها بين السياسة الحكيمة والحاكمة والاقتصاد الواعد وجيش قادر على حماية مكتسباتنا والأمن القومى العربي.
والله من وراء القصد.