الإثنين 02 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

سوق الأحد بوكالة البلح معرض الغلابة ومول الفقراء

سوق الأحد بوكالة
سوق الأحد بوكالة البلح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على بعد أمتار قليلة من كورنيش النيل بمنطقة بولاق أبوالعلا بمحافظة القاهرة، وداخل أحد الشوارع الضيقة بوكالة البلح يقع سوق الأحد الذى ينظمه البائعون مرة واحدة فقط كل أسبوع، ويعتبر ذلك اليوم إجازة أسبوعية لمحال الأقمشة وقطع غيار السيارات، وبعد أن يقوموا بغلق أبواب محال يقوم الباعة الجائلون بفرش بضائعهم أمام المحال المغلقة وعلى الأرصفة والطرقات، حيث يستغلون ذلك اليوم لبيع الملابس المستعملة وبواقى المحال مساء يوم السبت، وبعد أن تغلق المحال أبوابها، يحدد كل بائع مكانه بالحجز وذلك بفرش البضاعة منذ تلك الليلة، ثم يبدأ أولئك الباعة بالاستعداد لبيع بضائعهم، ثم يبدءون بترديد كلمات وجمل للترويج لبضائعهم في محاولة منهم للفت انتباه الزبائن، والبحث عن قوت يومهم من خلال بيع كل ما هو قديم ورخيص، وذلك في ظل سعى العمال للبحث عن ملابس قديمة ورخيصة للعمل بها بالورش والمصانع، وكذلك المواطن البسيط الذى يبحث عن المكان المناسب لشراء الملابس بسعر رخيص.
عم إسماعيل: «ببيع القطعة بجنيه.. خلى الفقير يتستر»
هنا أصل سوق وكالة البلح الذى بدأ منه، ثم تطور وأصبح يغزو جميع المحال الموجودة بالشوارع والحوارى الرئيسية والجانبية، فتبدلت محال البقالة والكوافير والخشب والحديد، لتحل محلها تلك المحال لبيع الملابس الجاهزة الجديدة والمستعملة على أحدث طراز.
يحكى عم إسماعيل الذى يبلغ من العمر ٧٠ عامًا، والذى يقف أمام طاولة خشب، يبيع عليها الملابس المستعملة، بعد أن قام برصها بطريقة مختلفة تجذب عيون الزبائن إليه «من نحو ٢٥ سنة، ما كانش فيه محال ملابس وكانت الناس بتفرش على الأرض، واللى كان معاه فلوس كان بيفرش على عربية خشب» طابلوه «وكنا بنجيب الهدوم دى من بورسعيد في أكياس وشوايل، وبنفرزها، وبنيع فيها، وكانت أحلى أيام وأحلى مكسب، ثم تطور الحال، والناس بقيت تستأجر محال تفرش فيها، وبعد كده الناس بقيت تشتريها، وواحدة واحدة أصبحت وكالة البلح من أكبر أسواق الملابس الجاهزة على مستوى الجمهورية كلها».
ويتابع، أنا لسه محافظ على عربيتى اللى صامدة معايا من زمن الزمن، وساترانى من أنى أشتغل عند حد، مؤكدًا أنها توفر له مصاريفه ومصاريف أسرته رغم غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، مواصلا: ربنا بيكرمنى منها آخر كرم. 
ويواصل حديثه قائلًا «لما المحال بتصفى الشغل، ومش بيتباع، أو لما يشيل الشغل الصيفى وينزل مكانه شغل شتوى، يقوموا بركنه في المخازن، وممكن يقعد سنة أو سنتين في المخزن داخل أكياس وشوايل قماش كبيرة، عندها أقوم أنا بالذهاب لصاحب المحل وشراء تلك البضاعة منه»، يعنى ممكن أشترى الشوال الكبير بـ ٢٠٠ جنيه وأقصى حاجة مثلًا بتكون ٥٠٠ جنيه للشوال الواحد، والشوال ده بيكون فيه من ١٥٠ إلى ٢٥٠ قطعة، وأنا ببيع في أول اليوم القطعة بـ ٥ جنيهات فقط، وبعد أن أجمع ثمن البضاعة أبيع القطعتين بـ٥ جنيهات ولما بتراضى ببيع القطعة بجنيه».
مقصد جميع المحافظات
«عطية» يشترى الملابس البيضاء لفرمها ويبيعها لتجار القطن.. و«صلاح»: «بشترى الطقم بـ10 جنيه»
يأتى الزبائن من كل حدب وصوب لذلك السوق الذى ذاع صيته، ليس في القاهرة فحسب، إنما بجميع المحافظات، حيث يأتى إليه تجار أقطان لشراء الملابس البيضاء فقط من أجل فرمها وبيعها كقطن، وذلك لرخص ثمنها مقارنة بأسعار القطن، كما يأتى العمال وأصحاب الحرف «حداد، نجار، بناء، مبلط، نقاش»، الذين يريدون شراء ملابس رخيصة الثمن، ليس للتنزه وإنما لأجل أن يرتدوها في المصانع والورش، لأنه لن يحزن إذا قطعت أو علقت بها البقع.
يقول صلاح أحد الزبائن «أنا شغال نقاش، وهدومى بتيجى عليها «بويا» باستمرار، والبقعة ما بتطلعش منها، وحتى لو طلعت بتتوسخ تاني، وده بيخلينى آجى هنا لشراء ملابس قديمة ورخيصة الثمن للعمل بها، مؤكدًا أن بدل ما اشترى طقم بـ٢٠٠ جنيه ويبوظ وازعل عليه عشان أنا شقيان بيهم، بشترى من هنا الطقم الكامل بـ١٠ جنيهات يعنى الطقم أرخص من علبة الكشرى، وبنزل بـ١٠٠ جنيه بشترى ١٠ أطقم بيها، وما بنزلش تانى غير في الموسم يعنى الصيف أو الشتا كده يعني. 
ومن جانب آخر يقول «أحمد عطية» أنا عندى ورشة صغيرة لفرم الأقمشة، وباجى هنا عشان أشترى الملابس البيضاء فقط، لفرمها وبيعها لتجار القطن، مؤكدًا أن كل اللى في السوق هنا عارفنى كويس جدًا، لأنى باجى هنا من ١٠ سنين، وبيكلمونى باستمرار لما بيجهزوا الشغل بنزل علطول في أى يوم أشتريه منهم، وأنا براضيهم، وربنا بيراضينا كلنا، وبنزل برضه يوم الأحد عشان ممكن ألاقى حاجة كويسة عند حد تانى عشان الطلب عليا كتير. 
«البدرى»: «الشغل أحسن من القعدة في البيت.. والمكسب بيكون الضعف»
على جانب آخر، يقف الباعة الأطفال للبحث عن رزقهم وتوفير مصاريفهم دون التطرق لطلبها من أهلهم، حيث يستعدون أيضا مثل الكبار بداية من السهر طوال الليل والعمل حتى الصباح. 
يقول «عبدالرحمن البدرى» أصغر بائع بسوق الأحد «أنا بايت هنا في الشارع من امبارح عشان أحجز مكان أقف فيه، قبل الناس ما تيجي، وبشترى بواقى المحال اللى مركونة في المخازن من سنين، وبفرش بيها هنا طول الليل لغاية الساعة ١٢ الضهر يوم الأحد، مؤكدًا أنه مش بيتعب من الشغل خالص، لأنه متعود عليه من وهو صغير عشان والده كان بياخده يشتغل معاه هنا، مواصلا: لكن هوا دلوقتى سافر السعودية، وشغال هناك، وأنا شغال هنا مكانه، موضحًا أن السوق هنا تجارى والدنيا بتبقى زحمة قوى بعد الفجر، والبيع بيكون كتير والحمد لله وربنا بيرزقني، وفيه أيام ببيع فيها بـ٥٠٠٠ جنيه، وبكون كسبان فيهم الضعف، وده بيخلينى اقعد باقى الأسبوع في البيت من غير ما أمد إيدى لحد. 
ويتابع: السوق بينتهى بعد صلاة الظهر وعندها إحنا بنلم البضاعة بتاعتنا، ونوديها في المخازن، «كل واحد معاه مخزن وممكن اتنين أو تلاتة يشتركون في مخزن واحد»، وبعد كده كل واحد يروح البيت وينام ما يصحاش غير تانى يوم، عشان يبدأ يدور على بضاعة أخرى للأسبوع الجاي.
ويختتم كلامه، السعى والشغل أحسن من القعدة في البيت»، يعنى أى حاجه نسترزق منها بدل من قعدة البيت والشارع اللى كلها مشكلات».