بعد أن تجاوزت مصر أخطر مرحلة في تاريخها الحديث بقيام ثورة ٣٠ يونيو المجيدة والتى اقتلعت خريف يناير ٢٠١١ من جذوره وها هى تقضى على تبعاته وتوابعه وقيادتها للعالم في الحرب على الإرهاب وفتح ملفات التنمية وبناء مصر الحديثة والتنمية المستدامة التى تخدم الأجيال القادمة وتمهد لها الطريق لاستكمال نهضة مصر.. أصبحت مصر لا يخيفها أو يشغلها أى تهديدات خارجية بعد أن انفتحت على العالم أجمع أملا في انتهاء سياسة القطب الواحد وتعددت مصادر السلاح وعادت الدول الكبيرة إلى مصر طواعية بعد أن تكشفت الحقائق وانكشف المستور وافتضح أمر الخوارج والمتآمرين.
لكن لايزال هناك البعض لم يع الدروس العظيمة التى قدمتها مصر ونجحت في إجهاض العديد من المؤامرات التى تحاك بها وبدول الخليج فها هى أمريكا تستشيط غضبا بعد أن وقعت مصر صفقة الطائرات المقاتلة الروسية سوخوى ٣٥ والتى تعد الأقوى والأحدث في العالم من حيث قدراتها في الردع والسيطرة الجوية في أى عملية قتالية حيث أطلق كل من وزيرى الدفاع والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تهديدات مبطنة في صورة تحذير لمصر من إتمام هذه الصفقة مع روسيا.
ولأن القيادة السياسية المصرية برئاسة القائد عبدالفتاح السيسي تنتهج سياسة الشراكة الحقيقية والتعامل بكل قوة ومصداقية مع جميع الدول وبكل ندية، رفضت هذه التحذيرات وها هى تمضى بقوة في إتمام الصفقة التى سترفع ترتيب مصر إلى المركز الخامس بين أقوى جيوش العالم وستحتل المرتبة الأولى في الشرق الأوسط متفوقة على إسرائيل وتركيا ودول كثيرة من دول حوض البحر المتوسط.. والمعطيات الحالية تفرض على مصر كل ذلك لردع كل من تسول له نفسه تهديد الأمن القومى المصرى والعربى في ظل سعى مصر القوى للاستفادة من كل إمكاناتها خاصة فيما يتعلق بالغاز والبترول والكهرباء والمياه كونها ستصبح في القريب العاجل المركز العالمى لنقل الغاز إلى أوروبا وأغلب دول العالم ذلك الموقع الذى كانت تسعى إليه كل من إسرائيل وتركيا وتم إجهاضه بعد الاتفاقية الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص لاستخراج الغاز من شرق البحر المتوسط.
وما فعلته مصر في السنوات الأربع الماضية من تحديث للجيش بكل أسلحته وبهدوء شديد ساعدها في ذلك اقتناع الدول الأوروبية بالدور المحورى الذى تلعبه مصر في مكافحة الإرهاب نيابة عن العالم أجمع ووقوف روسيا بقوة بجانب مصر لإيمانها بأنها الدولة الوحيدة القادرة على إحداث التوازن بين القوى العظمى وقد ظهر هذا جليا في قيادتها للقارة السمراء بصفتها رئيسا للاتحاد الأفريقي في ٢٠١٩ وما قدمته من شراكات حقيقية بين الدول الكبرى كالصين وروسيا واليابان وألمانيا تصب في مصلحة الجميع وبعيدا عما كان يحدث في السابق من استغلال الاستعمار للموارد الأفريقية دون إسهامات حقيقية لتنمية القارة الغنية بالمواد الخام.
كل هذه الأمور وغيرها الكثير سواء الخارجى والمتمثل في الوقوف بجانب سوريا وليبيا واليمن والسودان ودول الخليج لدحر الإرهاب والميليشيات المسلحة وأيضا في الداخل وعمل مشروعات كبرى وكسر شوكة الإرهاب في سيناء.. كل هذا يجعل مصر لا تأبه كثيرا بالتهديدات الأمريكية لأننا نؤمن أن العالم لا يحترم سوى الدول القوية القادرة على الدفاع عن مصالحها وتلعب دورا مؤثرا في السياسة العالمية.
ولا ننسى جميعا كيف تحولت باكستان إلى دولة نووية رغم سعى أمريكا وحلفائها لإجهاض المسعى الباكستانى وفشلت العقوبات التى فرضت على باكستان في ذلك الوقت في عدولها عن الدخول في زمرة الدول النووية.
فالعالم الآن يعيش حالة من الاحتقان ربما لم يشهد لها مثيل بعد الحرب العالمية الثانية حيث هناك الكثير من المناطق الملتهبة خاصة في الشرق الأوسط ناهيك عن الحرب التجارية بين أمريكا والصين وكأن العالم في طريقه إلى حرب عالمية ثالثة في ٢٠٢٠ والذى إما يشهد انفراجة حقيقية لعالم جديد متعدد الأقطاب وإما يجرنا جميعا إلى حرب الجميع فيها خاسر.
والله من وراء القصد.