الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القضية الفلسطينية في طي النسيان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل عام ٢٠١١.. كانت القضية الفلسطينية.. فى بؤرة اهتمام العالم شرقه وغربه.. وهى قضية العرب الأساسية والمركزية.. لا يشغل بالهم سواها.. فجأة.. اختفت القضية الفلسطينة بفعل فاعل.. ولم يعد أحد يسمع عنها.. وانشغل كل بلد عربى بقضاياه الخاصة وشئونه الداخلية.. فى أعقاب موجة المد الثورية.. التى أطلق عليها كذبا.. الربيع العربي.. وشاعت الفوضى والانقسامات والصراعات.. فى جميع البلدان العربية.
لم نعد نتذكر القضية الفلسطينية.. إلا إذا وقعت أحداث تذكرنا بأن هناك بلدا عربيا مغتصبا اسمه فلسطين.. وبعد انتهاء تلك الأحداث.. تعود القضية الفلسطينية إلى قاع الذاكرة.. وتصبح فى طى النسيان.
فى مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي.. الثلاثاء ١٢ نوفمبر.. عادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة.. بعدما شنت قوات الاحتلال الإسرائيلى عددا من الغارات على قطاع غزة أسمتها عملية الحزام الأسود.. استهدفت أماكن متفرقة فى القطاع.. مما أدى إلى استشهاد العديد من الفلسطينيين.. وردت المقاومة الفلسطينية على تلك الغارات.. بإطلاق الصواريخ على المدن والمستوطنات الإسرائيلية.
وبعد أن تنتهى تلك الأحداث بالتهدئة.. ستغرق القضية الفلسطينية فى بئر النسيان إلى أن تنتشلها أحداث أخرى.. تطفو بها إلى السطح لبعض الوقت.. ثم يطويها النسيان.. لحين أحداث أخرى.
لقد استطاع رعاة الكيان الصهيوني.. أن يشغلوا العرب فى أنفسهم.. ويبعدوهم عن قضيتهم الأساسية.. وهى القضية الفلسطينية.. بإشاعة الفوضى فى بلادهم.. تحت شعارات براقة.. تداعب أحلامهم بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.. وانخدع العرب بتلك الشعارات والأفكار الزائفة المغرضة.. وأقدموا بجهل وسوء تدبير.. على تدمير بلادهم وهدمها.
كانت القضية الفلسطينية.. محور اهتمام العالم أجمع.. وكانت تحتل البند الأول فى أى فعاليات عربية، خاصة اجتماعات القمم العربية.. وأى محادثات ثنائية بين أى زعيمين عربيين.. وكانت دول الجوار لفلسطين.. أكثر الدول اهتماما بالقضية.. وتسعى لحلها.. بغية استقرار المنطقة.. وكان وقوف دول الجوار بجانب فلسطين.. يؤرق الكيان الصهيونى ويهدد استقراره وأمنه.. وكان لزاما على رعاته.. أن يوفروا له الأمن والاستقرار.. بإضعاف تلك الدول وشغلها فى نفسها.
وجاءتهم الفرصة.. عندما أوعزوا لصدام حسين بغزو الكويت.. وابتلع صدام الطعم.. واجتاح الكويت فى أغسطس ١٩٩٠.. وكان من أوعز له بتلك الفعلة النكراء.. هو أول من وقف فى وجهه.. واحتلت القضية الكويتية.. صدارة الاهتمام العالمي.. وتراجعت القضية الفلسطينية.. ولم تعد فى بؤرة الاهتمام العربى والدولي.. كما كانت من قبل.
وتتابعت الأحداث ووصلت لذروتها.. باحتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق.. فى مارس ٢٠٠٣.. تحت ذريعة حماية الأمن القومى الأمريكى والقضاء على خطر صدام حسين.. الذى يمتلك أسلحة دمار شامل.. تهدد أمن واستقرار العالم أجمع.. وذلك بعد أحداث ١١ سبتمبر ٢٠١١ التى تعد نقطة فارقة فى صياغة العلاقات الدولية ورؤية النظام العالمى الجديد.
ومع وصول المحافظين الأمريكيين الجدد إلى السلطة مطلع القرن الجاري.. تغيرت السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.. بدءا من صدور وثيقة الأمن القومى فى ٢٠٠٢ لإصلاح منطقة الشرق الأوسط.. ومرورا باحتلال العراق فى ٢٠٠٣.. ثم صدور مبادرة الشرق الأوسط الكبير فى ٢٠٠٤.. والتى تسعى حسب المنظور الأمريكى لإصلاح منطقة الشرق الأوسط.. وفقا للرؤى والسياسات الأمريكية.. وطفا على السطح مصطلح الفوضى الخلاقة- وهو مصطلح ماسونى- فى عهد الرئيس جورج بوش الابن ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس.
ورغم أن السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.. معلنة ومعروفة للعرب.. إلا أنهم لم يتخذوا أى إجراءات وقائية للحفاظ على بلادهم من خطر هذه الفوضى.. ووقعوا فيها بإرادتهم.. وثارت الشعوب العربية على أنظمتها الحاكمة.. ووقعت فى الفخ الأمريكي.. وغرقت فى الفتن والانقسامات والصراعات والحروب.. وبعد أن أدركت أنها وقعت فى الفخ.. حاولت وما زالت تحاول تخليص نفسها منه.. بأقل الأضرار الممكنة.
وانشغلت الدول العربية كلها.. وليس دول الجوار فقط فى نفسها.. وفى مشكلاتها الداخلية.. ونسيت القضية الفلسطينية.. بل إن الفلسطينيين أنفسهم.. انقسموا على أنفسهم.. وانشغلوا بصراعات السلطة والسيطرة والمال.. وكأنهم لا يريدون لقضيتهم حلا.. ويبقى الوضع على ما هو عليه.. إلى أن تحدث أحداث أخرى.. حماس تسيطر على قطاع غزة.. وفتح تسيطر على الضفة.. تحاصرهما إسرائيل من كل جانب.. وكفى الله المؤمنين شر القتال.