لنا أن نفتخر بأن عمر البرلمان المصرى الآن ١٥٣ عامًا باعتباره من أقدم البرلمانات فى المنطقة والأول فى أفريقيا والشرق الأوسط بداية من مجلس شورى النواب عام ١٨٦٦.
وعن الاستجوابات البرلمانية.. أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن قضية الاستجوابات المفترض أن تتم دون حساسية من المسئولين فى إطار مسئولية المحاسبة والمراقبة الدستورية من خلال مجلس النواب، وذلك أثناء افتتاح الرئيس لمصانع الأسمدة الوسيطة الجديدة بمنطقة أبو رواش، وقد اهتمت وسائل الإعلام بتلك الإشارة الإيجابية من الرئيس عن الاستجوابات البرلمانية وأهميتها.
والحقيقة أن الاستجوابات حق أعضاء مجلس النواب طبقًا للمادة ١٣٠ من الدستور، فضلا عن القانون رقم ١ لسنة ٢٠١٦ المعروف باسم اللائحة الداخلية لمجلس النواب، الذى أفرد ثمانية مواد لتنظيم حق الاستجوابات عبر المواد (٢١٦ – ٢٢٣).
وقد شهدت التقاليد النيابية فى بلادنا أول استجواب قدمه النائب موسى فؤاد عام ١٩٢٤ منذ حكم الملك فؤاد الأول.
وقد وجه الاستجواب إلى رئيس الحكومة حول سداد مصر للعجز فى موازنة الحكومة السودانية بمبالغ وصلت ٩١٤ ألفا و٣١٨ جنيها.. كما شهدت تلك الفترة ٣ استجواب مهمة إلى الحكومة بسبب عدم استردادها أموال بيع أراض زراعية قيمتها ٨٨٦ جنيها، وأسمدة كيماوية تقدر قيمتها ١٤٦ جنيها.. فضلًا عن استجواب وزير الداخلية عدلى يكن باشا، والذى قدمه النائب جرجس سوريال أفندى عن أوضاع الطائفة القبطية.
كما كان الاستجواب الثالث للنائب السيد فودة إلى رئيس الحكومة بسبب المفاوضات بين رئيس الحكومة والإنجليز حول جنود الاحتلال والجلاء عن أراضى مصر والسودان.
وفى عهد الملك فاروق شهد البرلمان عدة استجوابات الأول حول حفلة تتويج الملك فاروق ملك مصر والسودان من النائب مدنى حسن حزين، والنائب عبد الرازق وهبة القاضى حول حقوق العمال المتعطلين عن العمل بسبب استغناء القوات الإنجليزية والأمريكية، وغلق بعض المصانع مما أدى إلى ارتفاع أعداد البطالة بين العمال.
وفى عهد الرئيس جمال عبد الناصر فقد شهدت فترة حكمه ٣ استجوابات عن مشكلات مصانع الألبان للنائب على الشيشينى، وعن مشكلات الأمراض الصدرية بالجيزة، وتدنى مستوى الخدمة الصحية قدم الاستجواب عنها النائب محمد أبو الفضل الجيزاوي.
أما الاستجواب الثالث؛ فكان للنائب عبد المنعم الويشى عن حماية أموال مديرية التحرير، ومن هنا نؤكد مدى عمق التقاليد النيابية للاستجوابات فى تاريخ بلادنا.
كما شهدت فترة الرئيس السادات ٤٦ استجوابًا داخل مجلس الشعب، عن الفترة من عام ٧٤ حتى عام ١٩٨١، وقد ظهر نجوم داخل البرلمان قدموا استجوابات مهمة منهم النائب مصطفى كامل مراد عن سوء السلع التموينية الأساسية، وكان موجهًا إلى وزير التموين.. كما قدمت النائبة كريمة العمروسى عن المشكلات التى تواجه المنتدبين المعينين من خارج وزارة التموين.. فضلا عن الاستجواب الشهير للنائب أحمد طه عن أحداث الأمن المركزى ضد رئيس الوزراء د. على لطفي.
ولعل الاستجوابات الأشهر الذى توجه بها كل من النواب محمد البدرشينى - إبراهيم شكرى - حسن توفيق رضوان عن حادثة العبارة سالم أكسبريس التى راح ضحيتها وغرق ووفاة أكثر من ٤٠٠ مواطن مصرى.
وكانت تلك الاستجوابات محل متابعة كبيرة من المواطنين عبر شاشات التليفزيون المصرى الذى كان يبث بانتظام جلسات المجلس عقب نشرة الأخبار المسائية، وقد برز نواب مجلس الشعب المصرى منهم «أحمد عبد الرحيم حمادى - ممتاز نصار - علوى حافظ - عادل عيد - محمود القاضى - قبارى عبد الله - خالد محيى الدين - كمال أحمد»، فضلا عن الاستجواب الأشهر عن مكافحة المخدرات للنائب صاحب الصوت العالى علوى حافظ.. وعادل عيد ومحمود القاضى الذى استجوب وزير الإسكان الشهير عثمان أحمد عثمان عن التعمير فى مدن القناة، والذى أثار ضجة؛ حيث طرح وكشف عنها الكثير من التفاصيل كتاب «البيوت الزجاجية» للدكتور النائب محمود القاضي.
كما شهدت فترة الرئيس مبارك العديد من الاستجوابات تحفظها مضابط مجلس النواب حول «مشروعات سهل حشيش - مشروعات الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة - بيع القطاع العام - الحديد والصلب - تجار اللحوم الفاسدة»، فضلا عن الكثير من القضايا الرقابية التى تضمها تلك الاستجوابات البرلمانية، وتحتفظ بها مكتبة مجلس النواب العريقة.
وقد ظهر نجوم برلمانيون للنواب من أصحاب الاستجوابات الشهيرة، منهم النواب: البدرى فرغلى - أبو العز الحريرى - رأفت سيف - محمد البدرشينى - العليمى - كمال أحمد.. وغيرهم.
ومن هنا جاءت تساؤلات المواطنين، وهم على حق عن عدم طرح أى استجوابات داخل البرلمان خلال أربع سنوات مضت، ومن هنا جاءت إشارة رئيس الجمهورية اللماحة حول الأمر أثناء افتتاح مصانع الأسمدة بأبو رواش منذ أيام، وهنا أيضا يجب إعلام كافة المواطنين.. أن داخل هذا البرلمان قام عدد من النواب بتقديم عدد من الاستجوابات المهمة، من بينهم النواب «عبد الحميد كمال - محمد عبد الغنى - محمد البدراوى - شيرين فراج - مصطفى بكرى - أحمد البرديسى - ومحمد فؤاد... وغيرهم»؛ حيث لا يتم وضع مقدمى الاستجوابات ضمن كشوف بيان أداء النواب.
بالإضافة إلى عدم وضع الاستجوابات ضمن الأدوات الرقابية المعترف بها دستوريا على أجهزة تابلت النواب لتسهيل مهامهم الرقابية والتشريعية، وللأسف رغم المبررات التى أعلنت من قبل المتحدث الرسمى لمجلس النواب بأن الاستجوابات إدارة خشنة رقابيًا.
أو أنها لا تتسم مع المواءمات السياسية، كان رد النواب أصحاب الاستجوابات.. ولماذا يتم تجاهلها وهى حق دستورى ولائحى ولها تاريخ طويل عبر التقاليد والأعراف البرلمانية، كما أوضحنا.
كذلك التبرير بأن تلك الاستجوابات غير مستوفاة.. فإن تلك المبررات غير واقعية؛ حيث إن كل ما تم تقديمه والاستجوابات مستوفاة من حيث الشكل والفنيات والمهارات، ويكفى أن نشير إلى أن هناك استجوابات مستوفاة الشروط، وبمذكرات شارحة لها، ومرفق معها وثائق وتقارير رسمية تؤكد جديتها.. ولم تطرح على الجلسة العامة رغم الاستعجالات بأهمية مناقشة تلك الاستجوابات، وتحديد موعد خلال أسبوع، كما تحدد اللائحة الداخلية بالمجلس.
والاستجوابات الموثقة تناقش «مشكلات البطالة - تأثير القمامة على الصحة - حوادث الطرق ومخاطرها على الضحايا والمصابين والاقتصاد الوطنى - مطار السويس الدولى وأسباب تأخيره، فضلا عن الحادث المفجع لقطارات محطة مصر، الذى راح ضحيته ٢٤ مواطنًا».
إن قضية الاستجوابات مهمة للأداء البرلمانى، ونأمل أن تشهد الأيام القادمة مناقشات لتلك الاستجوابات باعتبارها حق دستورى وقانوني.. وحق لنواب الشعب القيام بدور رقابى مهم لمواجهة الفساد الذى يأكل التنمية، مثل الإرهاب، بل أخطر، خصوصًا أن بلادنا قد طرحت استراتيجية مواجهة الفساد، ومن أجل التنمية وحياة أفضل للمواطنين فى بلادنا.