الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فكرة الحقوق والحريات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتشر فى الآونة الأخيرة الاستخدام الموسع لمصطلح «حقوق الإنسان» فى محافل مختلفة من الأنشطة الإنسانية، إن لم يكن كل تلك الأنشطة، إلا أن هؤلاء المستخدمين لهذا المصطلح لا يعلمون جميعًا على وجه التحديد ماذا تعنى «حقوق الإنسان» عالميًا؟ وما هى هذه الحقوق؟
تخضع الغالبية العظمى من دول العالم فى تحديدها لمفهوم حقوق الإنسان للإعلان العالمى لحقوق الإنسان الذى أطلقته الأمم المتحدة عام ١٩٤٨م فى أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية وتبعاتها الرئيسية، صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، واعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى باريس فى ١٠ كانوان الأول/ ديسمبر ١٩٤٨ بموجب القرار ٢١٧ ألف بوصفه المعيار المشترك الذى ينبغى أن تستهدفه كل الشعوب والأمم. وهو يحدد حقوق الإنسان الأساسية التى يتعين حمايتها عالميا. وترجمت تلك الحقوق إلى ٥٠٠ لغة من لغات العالم. 
تحددت حقوق الإنسان بهذا الإعلان فى عدد من الحقوق المحددة، أتى على رأسها الحق فى الحياة والحرية وأمان الشخص على نفسه، ثم الحق فى عدم الرق أو الاستعباد بأية طريقة، ثم الحق فى الكرامة والتعامل بكرامة طوال الوقت، ثم الحق فى أن يُعترف للشخص بالشخصية القانونية فى كل مكان، ثم الحق فى اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصَّة لإنصافه الفعلى من أيَّة أعمال تَنتهك الحقوقَ الأساسيةَ التى يمنحها إيَّاه الدستورُ أو القانونُ، ثم الحق فى عدم التعسف فى الحرمان من الحرية، ثم الحق فى اعتبار كلُّ شخص متَّهم بجريمة يُعتبَر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابُه لها قانونًا فى محاكمة علنية تكون قد وُفِّرت له فيها جميعُ الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه، ثم الحق فى ألا يُدان أيُّ شخص بجريمة بسبب أيِّ عمل أو امتناع عن عمل لم يكن فى حينه يشكِّل جُرمًا بمقتضى القانون الوطنى أو الدولي، كما لا تُوقَع عليه أيَّةُ عقوبة أشدَّ من تلك التى كانت ساريةً فى الوقت الذى ارتُكب فيه الفعل الجُرمي. ثم الحق فى حماية الحياة الخاصة لكل شخص، ثم الحق فى حرية التنقل واختيار محل الإقامة داخل حدود الدولة، ثم الحق فى مغادرة أى بلد، وفى العودة لبلده، ثم الحق فى التماس ملجأ فى بلدان أخرى خلاصًا من الاضطهاد (مع العلم أن هذا الحق الأخير لا يمكن التذرُّعُ به إذا كانت هناك ملاحقةٌ ناشئةٌ بالفعل عن جريمة معترف بها فى هذا الصدد أو عن أعمال تناقض مقاصدَ الأمم المتحدة ومبادئها)، ثم الحق فى التمتع بجنسية ما، والحق لكل رجل وامرأة، متى أدركا سنَّ البلوغ، فى التزوُّج وتأسيس أسرة، دون أيِّ قيد بسبب العِرق أو الجنسية أو الدِّين، وهما متساويان فى الحقوق لدى التزوُّج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله، وأن الأسرةُ هى الخليةُ الطبيعيةُ والأساسيةُ فى المجتمع، ولها حقُّ التمتُّع بحماية المجتمع والدولة، ثم لكلِّ فرد حقٌّ فى التملُّك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، ثم الحق فى حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ثم الحقُّ فى التمتُّع بحرِّية الرأى والتعبير، ثم الحق فى المشاركة فى إدارة الشئون العامة لبلده، إمَّا مباشرةً وإمَّا بواسطة ممثِّلين يُختارون فى حرِّية، بما يشمله ذلك من أن لكل شخص لكلِّ شخص، بالتساوى مع الآخرين، حقُّ تقلُّد الوظائف العامَّة فى بلده، ثم الحق لكل شخص، بوصفه عضوًا فى المجتمع، حقٌّ فى الضمان الاجتماعي، ومن حقِّه أن تُوفَّر له، من خلال المجهود القومى والتعاون الدولي، ثم الحق فى العمل وفى حرية اختياره، ثم الحق فى الراحة، ثم الحق فى التعليم، ثم الحق فى المشاركة الحرَّة فى حياة المجتمع الثقافية، وفى الاستمتاع بالفنون، ثم الحق فى التمتُّع بنظام اجتماعى ودولى يمكن أن تتحقَّق فى ظلِّه الحقوق والحريات.
يقوم بالعمل على تنفيذ وتحقق هذا الإعلان لحقوق الإنسان كل دائرة ضمن اختصاصها فى مكان سيادتها، بما تملكه من سلطات ثلاث: (السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية)، وتلك السلطات هى التى تعتبر مسئولة عن تنظيم حقوق الأفراد وتشريع وتنفيذ قوانين حماية حقوق الإنسان، بمعنى أن كل دولة منوط بها العمل على ذلك فى حدودها. لا سيما وأن حقوق الإنسان ليست ثابتة بل تخضع لتغييرات تنتج عن تفاعلها مع ظروف وأوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية وترفيهية مختلفة، وتكون الدولة هى السلطة الأكثر قدرة على التعامل مع كل هذه التفاعلات المختلفة، حتى أن الأمم المتحدة نفسها حين استحدثت اتفاقيات تؤكد وتعدل على حقوق بعض فئات المجتمع، مثل اتفاقية المرأة، كانت توكل تنفيذ بنود هذه الاتفاقيات للدول لتطبيق بنودها وفقًا لقوانين ولوائح داخلية. 
يرى تشارلز بيتر فى كتابه «فكرة حقوق الإنسان» أن كل امرئ له حقوق إنسانية وعليه مسئوليات حماية هذه الحقوق واحترامها، الأمر الذى من شأنه أن يتسع ويمتد عبر الحدود السياسية والاجتماعية، مما يعنى أن تلك الحقوق يترتب عليها عدد من الواجبات التى إن لم يقم بها الأفراد جميعًا بصفاتهم الفردية أو تكتلاتهم الاعتبارية، ستذوب الحقوق وتنتهي. تعد الحرية المطلقة كارثة محققة متى ما نتج عن ممارستها دون قيود إضرار بحريات الآخرين أو أمنهم، لذا على كل فرد أن يحترم القوانين التى تحمى حريات وحقوق الآخرين وبالتالى حريته وحقوقه باعتباره ينتمى لهؤلاء الآخرين، ولعل أول هذه الواجبات فهم ما هى حقوقه وحرياته حقًا وكيف يحصل عليها بما يساهم فى بناء المجتمع وسلامة الدولة كمواطن صالح يشارك فى نهضة بلاده الاقتصادية والاجتماعية أثناء تمتعه بحقوقه وحرياته الشخصية، وهو أمر ينتج عنه المواطن الصالح فى كل دولة.