الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

لف وارجع تاني!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن المؤشرات العامة التي تحيط بمناخ الانتخابات الرئاسية تثير هواجس عديدة، ونشر اليأس في النفوس نتيجة الرغبة في عدم الاستفادة من الأخطاء التي وقعت فيها الحركات الشبابية والتي أطلقت على نفسها "الحركات الثورية"، وبالرغم من خلع محمد مرسي بعد خروج الملايين في 30 يونيو الماضي، والإعلان عن خارطة طريق وإجراء تعديلات على دستور 2012، إلا أن الحديث عاد مجددا بشأن كيفية إلزام الرئيس القادم بما يعرف بــ "وثيقة الثورة" قبل التصويت له في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

الوثيقة تنص على 7 بنود تركز على إعلان المرشح للرئاسة عن فريق رئاسي يتم اختياره من الكفاءات الوطنية التي تنتمي لمعسكر ثورة 25 يناير وموجتها الأخيرة في 30 يونيو، مع التأكيد على القطيعة التامة مع نظامي الإخوان المسلمين وحسني مبارك، والتخلص من كل ما يمت للعهدين بصلة رموزا وسياسات وفكرا وتأثيرا، والالتزام باحترام حقوق الإنسان، والالتزام بالعمل مع كل القوى السياسية المؤمنة بالديمقراطية والدولة الوطنية وفق خطة للشراكة، والعمل على تحديث وتطوير وتطهير مؤسسات الدولة من الفساد، إلى الالتزام الواضح بتمكين الشباب من العمل في مؤسسات الدولة المختلف.

الغريب في الأمر أن الإعلان عن هذه الوثيقة هو أمر غير دستوري، إلى جانب أنه يعيد للأذهان اجتماع الرئيس المعزول محمد مرسي قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية مع عدد من المفكرين والمثقفين وشباب الحركات الثورية وهو ما أطلق عليه في حينه "اجتماع فيرمونت"، وفيه تم الاتفاق على التصويت لمرسي في مقابل الالتزام بمبادئ ثورة 25 يناير، ومناصرة مرسي ضد أحمد شفيق.

بالطبع لم يلتزم مرسي بالاتفاق، وصال يجول يصنع ما يريد وفق رؤى الجماعة، وخدمة مصالحها، وبسط نفوذ أنصار مرسي في كل مؤسسات الدولة، والتهرب من الوعد الذي قطعه باحترام ما جاء في هذا الاجتماع، وانقلب أغلبية الحاضرين في هذا الاجتماع على سياسات محمد مرسي، وخاصة الأديب والروائي علاء الأسواني، والإعلامي حمدي قنديل، إلى جانب عدد من السياسيين منهم الدكتور حسن نافعة، وآخرين.

وعلى الرغم من وجود مواد دستورية تضمن الرقابة على أداء وسياسات الرئيس القادم، وخلو الدستور من الحديث عن فريق رئاسي، إلا أن هناك من يصر على إعادة الأمور إلى المربع "صفر"، وعدم الاستفادة من الأخطاء، ومحاولة مغازلة بعض المرشحين باسم مناصرة الثورة والحفاظ على مبادئها، وهو ما سيسفر عن تقديم بعض المرشحين الهواة غير المؤهلين لهذا المنصب يعلنون الالتزام بهذه الوثيقة رغم عدم دستوريتها على أمل التفاف عدد من الحركات التي تعتبر نفسها ثورية، وهو ما سيسفر عن ردة دستورية وقانونية ومجتمعية تعمل على نشر العبث في البلاد، وإهدار دولة القانون في إطار محاولات البعض لإطالة أمد المرحلة الانتقالية، واستمرار الفوضى والتخبط في إصدار القرارات.

يبدو أن مثل هذه الحركات لم تقرأ الدستور بعد، ومن ثم لا بد من مطالبتها أولا بقراءة الدستور وخاصة المواد 139 وحتى 162 لمعرفة اختصاصات رئيس الجمهورية وآليات محاسبته، وقراءة المادة 159 التي تنص على الحالات التي يتم فيها اتهام الرئيس بانتهاك أحكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو أية جناية أخرى، وأن ذلك يكون بناء على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام.

وكذلك نص المادة 161 التي تنص على أنه يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناءً على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، وموافقة ثلثي أعضائه، ولا يجوز تقديم هذا الطلب لذات السبب خلال المدة الرئاسية إلا مرة واحدة، وبمجرد الموافقة على اقتراح سحب الثقة، يطرح أمر سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في استفتاء عام، بدعوة من رئيس مجلس الوزراء!

الدستور يوضح كيفية محاسبة رئيس الجمهورية بشرط انتخاب مجلس نواب حقيقي يمثل الشعب ويتبنى مطالبه وهمومه، وأنه بدلا من الدخول في نفق مظلم والحديث عن وثيقة العهد" أو "وثيقة حماية الثورة"، أو غيرها من المسميات لا بد من ترسيخ دعائم الدولة الدستورية الحديثة، والحفاظ على ما ينص عليه الدستور، والنضال من أجل تفعيله، والسعي لانتخاب برلمان قوي يجيد التعامل مع الرئيس والحكومة ويعزز من النصوص الدستورية، بدلا من أن نعيد عقارب الساعة للوراء، بعد ارتكاب نفس الأخطاء!