يبدو أن الرئيس التركى أردوغان أراد أن يكون المسمار الأخير في نعشه سياسيًا أوروبى المنشأ والتصنيع، بعد أن دخل عش الدبابير برأسه، وليس قدميه عندما اختار ترحيل الدواعش الأوروبيين إلى دولهم التى أعلنت صراحة بأنها ستسقط الجنسية عنهم.. فالرئيس التركى يكن كل العداء للدول الأوروبية الرافضة لانضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبى، وله محاولات كثيرة في لى ذراع الأوروبيين، كان أبرزها خلال الفترة الماضية، محاولاته المستميتة، لكى يحول تركيا مركزا لوجستيا لمد أوروبا بالغاز القادم من دويلة قطر الشريرة، وبنى تحالفات سرية مع أمير قطر السابق لتنفيذ هذا العمل عبر مرور الأنابيب التركية عبر العراق وسوريا ومنها إلى تركيا.. ولكن القيادة المصرية تمتلك الوعى الكافى لإجهاض كل المؤامرات والمحاولات اليائسة، خاصة للدول التى تدعم الإرهاب، وتبحث عن حلم قديم لإيقاظه من القبور بعد تحلله.
فالرئيس التركى لم يصدق حتى الآن أن حلم عودة الإمبراطورية العثمانية عفى عليه الزمن، بل حوله له الأمريكان إلى كابوس، عندما اعترفت بعض الجهات الرسمية بمذبحة الأرمن التى مات فيها أكثر من مليون ونصف المليون سنة، قبل قرن تقريبا، وقامت مصر بتشكيل تحالف ثلاثى مع اليونان وقبرص لاستخراج الغاز من شرق البحر المتوسط والقضاء على الحلم التركى الجديد، مما أصاب أردوغان بحالة هياج سياسى جديدة دفعته لمحاربة الأتراك في الشمالى الشرقى لسوريا الشقيقة، بحجة منعهم من بناء دولة لهم، وتهديد بلاده، لكن الأساس في ذلك يكمن في استغلال الغاز والبترول التى تعوم عليها تلك المنطقة.
وصور الشيطان لأردوغان أنه سيظفر بهذه الجائزة، ونسى أن هناك من يسبقه في هذا الأمر متمثلا في أمريكا وروسيا ودول أخرى، ووجد نفسه أمام معضلة صعب الخروج منها بمكاسب كثيرة.. فوجد ضالته في مساندة داعش واحتوائها، وتوفير الحماية لها حتى يستطيع أن يسطو على البترول السورى الذى يسرقه داعش بأسعار زهيدة.. لكن الأمريكان عادوا من جديد لإجهاض ألاعيب الرئيس التركى، وأغلقت عليه هذا الباب بقتل البغدادى زعيم داعش ليجد الرئيس التركى نفسه في حيرة شديدة.
ووجد الوقت مناسبا للرد على رفض الدول الأوروبية انضمامه لها، فاتخذ قرار عودة الدواعش إلى أوروبا كورقة ضغط، رغم تحذير الدول الأوروبية له، وبالتالى ينتظر أن يتخذ الاتحاد الأوروبى سلسلة من العقوبات الاقتصادية على تركيا بعد العقوبات العسكرية التى اتخذتها بعد شن الحرب على سوريا ودخول تركيا لأراضيها قبل شهر تقريبا.
وفى الداخل التركى يعانى أردوغان معارضة شديدة لسياساته ليس من أحزاب المعارضة فقط، بل حتى لبعض السياسيين الذين ينتمون لحزبه وكذلك المؤسسات التى يحاربها أردوغان بحجة انتمائها للمعارضة، ووسط هذه الأمور مجتمعة بدأ الاقتصاد التركى يعانى كثيرا، وبدأت العملة تتراجع بشدة أمام الدولار، وبدأ الوقت يلعب ضد الرئيس التركى ومعه عقارب الساعة.
ورغم محاولاته لدخول الساحة الأفريقية عبر الاستحواذ على إحدى القواعد العسكرية في السودان؛ فإن خططه فشلت بسقوط الحليف الإخوانى البشير الرئيس السودانى الموجود في السجن حاليا، بل أصابته مصر في مقتل جديد بعد أن أصبحت عمليًا الحارس الأمين على البحر الأحمر، لتحمى آبار الغاز والبترول الواعدة، والتى سيعلن عن اكتشافها وبدء العمل بها قريبا، وأيضا للحد من المؤامرات التى تشارك فيها تركيا وإسرائيل للتأثير في الأمن القومى المصرى والعربي.
كل هذه المعطيات ومعها الكثير من المؤشرات، تؤكد أن الحكم الأردوغانى لتركيا سوف ينتهى قريبا، وسوف يصبح هذا الشخص ما هو إلا تاريخ أسود ينضم إلى الجانب السيئ من الحكم العثمانى، والذى قدم للعالم ربما أسوأ نموذج للاستعمار في القرون السابقة.
والله من وراء القصد.