الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مواجهة مشروع أردوغان بين التأسيس والتسييس (10)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أحد يمكن أن ينكر وجود مشروع للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائم على تحقيق الفوضى في المنطقة العربية، هدفه الأساسي عودة تركيا كما كانت من قبل سيدة العالم عبر إمبراطورية "مريضة" كانت قد انتهت بتقسيم الدول العربية، وهو ما يدفعها للتخلي عن قوميتها، وهنا فرضت تركيا بعد سقوطها قبل تسعون عامًا نوع الوصاية على الكثير من هذه العواصم العربية، أملًا في عودة "الماضي".
هذا المشروع يخص أردوغان فقط وليس لتركيا علاقة به، فكل رؤساء الوزراء السابقون باستثناء نجم الدين أربكان عملوا من أجل القومية التركية دون فرض أي وصاية أو إعادة استعمار لدول عربية أو غير عربية حتى وصل رجب طيب أردوغان إلى سدة الحكم.
السؤال الأهم الذي يحتاج إلى إجابة واضحة، كيف يمكن مواجهة مشروع أردوغان بما يؤدي إلى تفتيته وتفكيكه؟ في ظل متغيرات دولية ربما سمحت للكثير من الجماعات والتنظيمات المتطرفة العابرة للحدود والقارات بالتواجد، وهو ما ساعد أردوغان في مشروعه وربما عزز من أهدافه المنشودة من وراء هذا المشروع.
إذا أردنا مواجهة مشروع أردوغان فعلينا في البداية بعد الكشف عنه، كسر كل أدوات هذا المشروع في المنطقة والتي تتحدد في جماعات العنف والتطرف والوقوف أمام الحلف الشيعي في المنطقة والذي تتزعمه أنقرة وطهران والدوحة ومعهم روسيا والصين، وهو ما يتطلب حلفًا أكثر قوة مع استنزاف الحلف القائم من قبل الدول المذكورة مع التأكيد على أن هذه الدول سعت لاستنزاف المنطقة العربية عبر دعمها لجماعات العنف والتطرف، فهذه التنظيمات استخدمت للغرض ذاته بهدف استنزاف الحلف السني عبر الدعم المتواصل من طهران.
لا أحد ينكر قوة هذا الحلف ولكننا في ذات الوقت نتفق على لعبة المصالح التي تحركه، وهنا لا بد من تفكيك هذه المصالح حتى يتم تفكيك الحلف، فلا توجد قضية تجمع هذه الدول سوى النكاية بالدول التي تسعى لتحقيق الاستقرار، وهنا لا بد من استخدام عدة أدوات منها السياسة الخارجية والإعلام.
من أهم صور مواجهة الحلف التركي الإيراني تقديم دعم متواصل للمعارضة التركية الموجودة في مصر للوقوف أمام احتضان تركيا للمعارضة المصرية هناك وبخاصة بعض جماعات العنف والتطرف، التي نفذت عمليات إرهابية في مصر وما زالت تحاول، والهدف من احتضان المعارضة التركية هو إبطال سحر أردوغان وإخوانه في الضغط على مصر كسبب أولي، ولو فشلت محاولاته هذه لتراجع مشروعه أردوغان خطوتين للوراء، وهذا سوف يؤدي لتقدم المشروع الآخر الداعم للاستقرار في المنطقة وهنا تبدو المعارضة عامل مشترك.
دعونا نتفق على أننا نحتاج إلى مشروع لمواجهة مشروع أردوغان تكون ملامحه واضحة وذات تأثير في البنية الداخلية للدول التي ما زالت تحاول إثارة الفوضى في المنطقة العربية، هذا المشروع يكون قائم أولًا على فهم سياسات أردوغان والرد عليه وخلق بؤر توتر داخلية له على غرار ما يفعله، سواءً بسواء، وفي نفس الوقت للمعارضة التركية دور وأثر كبير في مواجهة أردوغان، خاصة وأنها معارضة مثقفة وواعية وقوية وتعرف ماذا تريد ولديها أهداف واستراتيجيات، فقط تريد من يقدم لها المساعدة، وهنا لا أقصد المساعدة المادية فقط، وإنما تحتاج لمن يذلل لها العقبات حتى تواجه أردوغان بنفس طريقته، فهم الأقدر على فهمه من غيرهم.
لا أجد مبررًا في معاناة المعارضة التركية في مصر أو أن تترك جهودهم مبعثرة، لأنهم يعانون من استخراج إقامة وخلافة، أو أنهم لا يجدون من يقدم لهم دعمًا من خلال السماح لهم بإنشاء وتدشين فضائيات ناطقة باسمهم وتخاطب الرأي العام في تركيا، كل هذه الأسئلة تحتاج لإجابات واضحة وصريحة ومن قبل تفاعل وفق رؤية واستراتيجية.
الأتراك يمتازون بأنهم أكثر صبرًا من غيرهم ويمتازون بالعمل الجاد القائم على القيم، فقط ما يحتاجه هؤلاء هو تذليل العقبات أمام أفكارهم حتى ترى النور، هؤلاء يريدون أن يخاطبوا الرأي العام التركي والعربي، التركي من أجل كشف أردوغان أمام شعبة والعربي من أجل كشف السلطان "الزائف" أمام العرب أو من يظن أن أملًا ما من وراء دعمه.
مواجهة أردوغان ليست صعبة وليست مستحيلة ولكنها ممكنة للآن، لأسباب لا نفهمها ولا نتفهمها من البداية، ولعل هذه الكلمات تكون جسرًا لفهم مشروع أردوغان ومحاولة التماهي مع أي تصورات لمواجهته كمحاولة لإنقاذ المنطقة العربية التي اشتد سهام العثمانيين إليها من خلال أردوغان.