الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أمواج سياسية (3) الفساد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعرف الفساد السياسى بمعناه الأوسع بأنه إساءة استخدام السلطة العامة لأهداف غير مشروعة، وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية وتتنوع أشكاله إلا أن أكثرها شيوعًا هى المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب. ورغم أن الفساد السياسى يسهل النشاطات الإجرامية من قبل التجارة بالمخدرات وغسيل الأموال والدعارة، إلا أنه لا يقتصر على هذه النشاطات ولا يدعم أو يحمى بالضرورة الجرائم الأخرى، وتختلف ماهية الفساد السياسى من بلد لآخر ومن سلطة قضائية لأخرى، فإجراءات التمويل السياسى التى تعد قانونية في بلد معين قد تعتبر غير قانونية في بلد آخر. 
ولا شك أن قضية مكافحة الفساد تعد القضية الرئيسية بالنسبة لجميع دول العالم سواء كانت دول متقدمة أو نامية، فالفساد بأشكاله المختلفة ظاهرة منتشرة في جميع الدول ولكن بدرجات متفاوتة من حيث مدى خطورته على النظم الإداريه والاجتماعية والاقتصادية والسياسية القائمة، وإيمانًا من الدول والمنظمات الدولية بخطورة الفساد وآثاره المدمرة على إمكانيات الدول والمجتمعات والشعوب؛ فقد سعت الأمم المتحدة إلى وضع اتفاقية دولية لمكافحة الفساد بغرض تنسيق الجهود الدولية لمكافحته من خلال تعزيز النظم الوطنية لتكون انطلاقة لجميع الدول وأفراد المجتمع الدولى للسعى الحثيث نحو محاصرته ومكافحته.
وبالفعل وضعت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التى اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها، وقد انضم لهذه الاتفاقية العديد من الدول ومن بينها مصر؛ إيمانًا منها بأن قضية مكافحة الفساد وخصوصًا عقب ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو لم تعد شأنًا داخليًا خالصًا بل إن الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود الدولية لمواجهته وكذا تدعيم النظم الداخلية حتى تكون أكثر فاعلية في مكافحته.
تضمن الدستور المصرى المعُدل عام ٢٠١٤ فصلًا للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية وتمتع الأجهزة الرقابية بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى.
المادة «٢١٨» تنص على أن تلتزم الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية. 
لكن كل هذه القواعد ينقصها التطبيق على أرض الواقع، والواقع يقول إنه يجب توافر الظروف المحيطة بالموظفين في القطاع العام لتحميهم أولا من الوقوع في الفساد بداية من مستوى الدخل الذى يكفى الموظف إلى إدخال النظام الرقمى والإلكترونى في التعاملات مع الجمهور للفصل بين الموظف ومتلقى الخدمة، والتفاوت في الأجور بين العاملين بالدولة لا يساعد على الشعور بالعدالة الاجتماعية مما يبرر لبعض ضعاف النفوس الوقوع في قضايا رشوة وفساد، كذلك الخروج إلى المعاش مكبلا بأمراض مزمنة والتزامات لم تنقطع وهبوط المرتب إلى الدرك الأسفل من القيمة بحيث إنه لا يكفى حتى لشراء العلاج، كل ذلك يعد وعدا للموظف - الذى غالبا ما يصل إلى آخر مراتب المسئولية في عمله - بالفقر.
لا يوجد منطق في العالم يقول إن وكيل وزارة عندما يخرج إلى المعاش يكون معاشه ١٣٠٠ جنيه في وقت وصلت بعض الفواتير الأساسية مثل الكهرباء والتليفونات والنت والمياه إلى آلاف الجنيهات، من هنا يكون مكمن الخطر، فيجب العمل على إحساس الموظف بالأمان وهو داخل الوظيفة وبعد الخروج منها، فلا يمكن أن نحرس الطعام بالجوعى.
وللحديث بقية