تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
السياسة الصحيحة هى قراءة الواقع بكل ما فيه وجودًا وتأثيرًا، والوصول إلى نتائج القراءة الصحيحة والسليمة والواقعية، حتى يتسنى اتخاذ المواقف الصحيحة والواجبة لمواجهة هذا الواقع وتغيره للأحسن، وبعد 30 يونيو 2013 لا شك أن الوطن والنظام كانا يواجهان واقعًا مريرًا على كل المستويات، حتى إن الأمر وصل بمصر إلى أن تكون شبه دولة، وذلك نتيجة لتلك الممارسات القمعية والفوضوية والجاهلة التى مورست في ظل عام الإخوان الأسود، ناهيك عن الإعلان الفاجر ببداية الأعمال الإرهابية بالداخل وفى سيناء، والتى بدأت بإرهاب 14 أغسطس 2013 بعد «فض رابعة»، ولذا كان من الطبيعى والضرورى اتخاذ قرارات وإعلان سياسات تتوافق مع الهدف الأسمى والأهم، وهو إعادة الدولة وهيبتها وفورًا، ومن أهم هذه القرارات قرارات الإصلاح الاقتصادى التى دفع وما زال يدفع ثمنها جموع الشعب من الفقراء والطبقة المتوسطة، كما تمت محاولة ضبط الإيقاع الإعلامى بما يتوازى ويساعد في تحقيق نوع من التلاحم الوطنى والتوحد المصرى، حتى يمكن مواجهة هذا الواقع، وبلا مبالغة وبعد الوصول إلى هذه النتائج التى تحققت خلال السنوات الخمس الماضية، التى أعادت فيها الدولة هيبتها وعاد الأمن والأمان يظلل أرض المحروسة، كما تناضل مصر من أجل عودة اسمها ومسماها ودورها العربى والإقليمى والعالمى، خاصةً بعد إعادة تسليح القوات المسلحة كدرع حام للوطن والشعب، هنا ومن خلال القراءة للواقع المصرى الذى سيظل مستهدفًا، خاصةً بعد تحقيق الإنجازات الكبرى؛ حيث إن الهدف هو إسقاط الوطن، نقول إنه من الواضح أن الرئيس السيسي قرأ هذا الواقع جيدًا خاصة بعد محاولات الإخوان، ومن ورائهم لتسويق هذا الولد الفاشل الذى ظهر خلال الفترة الماضية، بتخيل الدعوة إلى إسقاط النظام، كما أن قراءة الواقع العربى المحيط بنا، وبعد أحداث الجزائر وسوريا والعراق ولبنان وبعد إعادة ما يسمى بـ«الربيع العربى»، المعتمد على إثارة واستغلال المشكلات التى يعانى منها المواطن، وبعد فشل هذا الربيع بثورة 30 يونيو، والأهم بعد ما تم من إنجازات وإعادة الدولة لهيبتها، نقول إنه لا بد أن يكون هناك حالة من حالات الانفتاح على الرأى الآخر الذى يمثل جزءًا من النظام، ويعتبر الضوء الهادى عند اتخاذه لأى قرارات، فالرأى والرأى الآخر عندما يتم التحاور والتفاعل بينهما يحق نوع من أنواع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، كما أن مبدأ الفصل بين السلطات وتفعيله يمثل صمام الأمان للنظام والوطن، فالسلطة التشريعية هى المنوط بها الرقابة على السلطة التنفيذية وتشريع القوانين للسلطة القضائية والرقابة على الحكومة، هنا تمثلت رقابة الشعب من خلال رقابة المجلس النيابى بهدف ترشيد قرارات الحكومة وحسابها عند الخطأ، حيث إنه لا نجاح ولا فلاح بلا رقابة ومحاسبة ومتابعة وتقييم، خاصةً أن الحكومة مكلفة دستوريًا بإلقاء بيانها السنوى الذى يحدد خطتها في جميع المجالات حتى يتسنى للبرلمان المتابعة والرقابة ثم المحاسبة عند اللزوم، هذه المحاسبة وتلك المتابعة والمراقبة هى الطريق الدستورى لإحساس المواطن بدوره وللتعبير عن مشكلاته والمطالبة بحل قضاياه؛ حيث إن هذا عمل أى نظام سياسى وهدف أى حكومة تهدف لخدمة المواطن حتى يكون هناك صدق ومصداقية وشرعية جماهيرية للنظام، إضافة إلى الشرعية الدستورية والشرعية القانونية، ولذا وجدنا السيسي في افتتاح مصنع للغازات الطبية يعلن لنواب الشعب «أن كل أمر محل تشكك اعملوا لجان وفتشوا واعملوا تقارير، وأعلنوها للناس، وإذا كان في قصور من الدولة أعلنوا، ولو كان فيه غير كدا أعلنوا»، وتابع «مش هازعل والمفروض منزعلش.. الكلام ليا وللحكومة، طالما فيه اتهام أو إساءة يكون هناك تحقيق، قد يكون الاتهام صحيحًا، أو غير ذلك، ومن يفصل في ذلك البرلمان في لجانه المختلفة، ومن المهم مواجهة تلك الأمور، وهذا ليس توجيها لأحد»، وأضاف «أقول هذا الكلام علشان مؤسسات الدولة لا تتألم من هذا الاستجواب البرلمانى، ولا يجب أن يتعامل أى مسئول مع استجوابه وسؤاله في البرلمان عن أوجه التقصير بحساسية، نحن نتعامل في إطار الدولة نخطئ ونصيب وميجراش حاجة أننا نوضح بموضوعية وحقائق»، ونحن هنا وبكل الصدق والتحليل الأمين والصالح لهذا الوطن نقول إن هذا الكلام الواضح والصريح والبسيط، يعتبر إعلان عن مرحلة سياسية جديدة وبحق، وهذا يعنى أن التحفظات التى كانت في الإطار السياسى والتعبير عن الرأى والرأى الآخر بسبب الظروف الاستثنائية التى عاشها الوطن، قد انتهت، وهذا يعنى قبول الرأى الآخر، ويعنى أن يمارس الجميع حقهم في التعبير عن الرأى لصالح الوطن، فهذه رسالة للبرلمان تعلن مرحلة جديدة لإعادة ممارسة البرلمان لدوره الرقابى والتشريعى بكل الموضوعية لرصد مشكلات المواطن وحلها ومواجهة الحكومة بالأخطاء لتصحيح المسيرة حتى تتجذر المصداقية بين المواطن والحكومة، على ألا يستغل النواب الوضع لممارسة أدوار برلمانية لا تهدف إلا لغير التلميع البرلمانى، خاصةً أنها الدورة الأخيرة في عمر برلمان 2015، فالأوضاع والوطن تتطلب من الجميع، أن يقوم بدوره بكل الصدق والحب من أجل مصر وطن لكل المصريين.