الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إلى شباب الجامعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أدركت بعد المرور بوعكة الثانوية العامّة أنني مُقبل على وعكَة أخرى في كلية سأقضي فيها 4 أو 5 سنوات من حياتي؛ رُبما لأنني لم أكن أتمنّي أن أكون طبيباً فأقضي 6 سنوات أتعلّم فيها طِب البشر ودوائهم؛ ذلك لأنني وبكل بساطة لا أحبُّ الألم أو الفراق.
لكنني وفي الحقيقة وجدتُ نفسي في كهفٍ كبير لا صُحبة فيه ولا خِلال؛ أتنقل من مُحاضرة إلى الأخرى؛ ومن محاضر إلى الآخر؛ أستمع لأحدهم يهمس –عاوز أفطر- والآخر يُدندن؛ وبينهما تتصارع أُذناي لتستبق لسان المحاضر أو شريحة على شاشة الداتا شو.
تجربة مريرة هكذا أرغمتني على حُب تفاصيلها وتعقيداتها؛ وها أنا اليوم أكتُب لكم في 6 سطور بالأعلى مرارتها واقتتام زمانها؛ بيد أنني أريد وفي الحقيقة أن أُقدم لكم نصيحتى التي قد لا تُغني أو تُسمِنُ من جوع للبعض؛ ورُبما تكون طوق نجاةٍ للآخر؛ وربّما لن تتخطى مُشاهداتها وقارئيها عدد عقل الإصبع.
عزيزي شاب الجامعة؛ عزيزتي آنسة الجامعة؛ إن ما تمرون به من أوقات ستكون الكنز طيلة رحلتكم في الحياة؛ إن ستزدتم منها زِدتُم وإن استنقصتم انتقصتم؛ وربّما تجدون مأربَ حالما يتسع للجميع وموئلاً يجمع أحلام الجميع؛ وإليكم 4 مبادئ لا تتنازلوا عنها طيلةَ وجودكم في حياة الجامعة:-
مبدأ النضج
فليس من المعقول أنه تستمر في أحداث المشاكل التي تركناها في الثانوية العامة؛ وليس من المُجدي أن تتصارع مع الأمور بصبيانية؛ وهناك مَثل شهير يقول: "إن استطعت أن تُمَثّلَ شيئاً .. أجدتُه" حتى وإن لم تكن ناضجا بقدر معقول حاول أن تُمثل النضج؛ وستجده في مواضع متعددة أولها حُسن لقاء الأقران؛ بابتسامة الصباح الهادئة غير المُصطنعة؛ وبحسن اختيار الملابس وتناسقها؛ وبإحسان نظافتك الشخصية ومظهرك العام؛ واعتدالك في أسلوب حوارك؛ وابتعادك عن الأفكار الشاردة وأحلام اليقظة.
مبدأ المُعامَلة
كثيرون يكادون أن يُجزموا أن الدين كله هو المعاملة؛ وكثيرون يضيّعون دينهم بسوء معاملاتهم مع الأخرين؛ نعم إن المعاملة تقتضي النُضج؛ بل وتقتضي الإحسان والمحبة. وأتصور أن المعاملات الإنسانية هي الدليل القاطع على نضج الأفراد؛ ومدى تقبلهم لذاتهم وللآخرين.
والمعاملات ليست فقط على مستوى الإنسانية ولكنها تشمل أموراً متعددة مثل المعاملات المالية والوفاء بالوعود وحُسن الاعتذار وصلابة القرار وجودته وأموراً كثيراً ترتبط بمواقف الجامعة المتغيرة.
مبدأ قول "لا"
ليس من العيب أو من الوقاحة أن تتعلم أن تقول "لا" لأي فرد أيّاً كان هو؛ وكلمة "لا" في موضعها لا تعني الوقاحة أو عدم الاحترام ولكنها تنقذ الوقت إن كان جدولك ممتلئًا وتجبر الكسر إن كنت تعتمد على شيء؛ وتداوى جراح الانتظار؛ وتسبق العين إلى رؤية الصواب.
تعلم أن تقولها في أوقاتها؛ وبمنتهى اللطف واللين تكن أكثر الناس ليناً وأكثرهم احتراما في عيون الأقران؛ وتجدهم يلجئون لك في كافة أمورهم.
مبدأ الحُب
نحن نعيش لكي نُعطي الحب لا لكي نقتله؛ والروايات كثيرة في هذا المعنى؛ وأستطيع أن أسرد لكم مئات الآلاف من القصص الدامية التي لا أقصدها على الإطلاق؛ ولكني أقصد الحب في العطاء والحب في الله والحب في التعلم والحب في الأخلاق والحب في الجمال والحب في الخير والحب في الإنسانية.
ولا شك نحن جميعاً نفتقد الحب؛ بيد أن الجامعة وذكرياتها قادرة علي تجديده بين الأصدقاء وقادرة على أن تروي الإنسانية بمائه العذب؛ اعبدوا الله حُباً وتمسكوا بدين الحُب في أيامٍ معدودات تستزيدون بها لسنوات.