الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

في الأرصاد الجوية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بكل أمانة وصدق مع النفس فإن هناك محافظات عديدة فشلت بمواجهة الأيام الطارئة المبكرة للشتاء وعجزب عن مواجهة الطبيعة ودون مبرر، فقد أثبت عدد من المحافظين في عواصم كبرى عجزهم.. قراراتهم متأخرة.. وكشفت قدراتهم وترجمت عن العجز والشلل.. وأعلنت الطبيعة خلال هذه الساعات بعد أن كشرت عن أنيابها وسقوط حكام الأقاليم.
وأننى أقرر بكل دقة من خلال المتابعة أننى أخشى على البلاد من هذا التراخى في احتواء مواجهة الكارثة الطبيعية وبلا أى تهويل بعيدًا عن تدهور حالات الصرف والشوارع لكن أن يصل درجة القرى التى دخلت في قوائم المناطق المنكوبة.. قرية الجزائر مما اضطر وزير الرى مواجهة تحقيق في مستوى التصريف لكن فجأة ارتفع منسوب المياه بمواجعة صرف محدود، وارتكبت المعدلات الآمنة بين المصرف الزراعى والجسر المنظم بين المصرف وترعة مريوط فضلًا عن الضحايا الذين انتشلتهم قوات الحماية المدنية.. وفى البحيرة أصبح التعامل مع المحليات مستحيلًا وكل ما حدث مسجل وموثق سواء من الدولة أو المواطنين ونشر الحالة على صفحات التواصل الاجتماعي.. لكن ما حدث يستوجب التوقف عنده.. فهذه هى أول بداية وبداية القطر.. نهر.
أول نوة تهب على المناطق الساحلية تبدأ عادة في 20 نوفمبر بعد أسابيع قليلة كمقدمات بنوة «المكنسة» التى تهب مرتين والموقف يجعلنا أن نقدم جهودًا احترازية ونحن نثق في الوعد الذى قطعه رئيس الدولة، لكن الموقف أشمل من هذه الظاهرة وجوهر قضية المياه ليس بالموقف الظاهرى إنما هناك أمر يستوجب إعادة قراره ويحضرنى أول تجربة لى بالاقتراب بالمسألة على يد اللواء حسنى عبد العزيز الأستاذ والرئيس الأسبق لشركة الأخشاب بالإسكندرية ومدخله لهذه القضية من باب الدراسات الحرة خلال عمله في أستراليا حيث عينته الدولة وزيرًا تجاريًا لهذه القارة المعزولة وقتها، شجعت أستراليا الهجرة إلى أراضيها ومنح المصريين امتيازات خاصة مما يتطلب أن يكون ممثل مصر على أعلى مستوى من الكفاءة واختيار حسنى عبدالعزيز الذى كان مديرًا عامًا للتجارة الخارجية فهو خريج كلية التجارة جامعة فؤاد الأول وبعدها التحق بالكلية الحربية وأجاد إدارة المطابخ الاقتصادية، وقال لى حسنى عبد العزيز إنه عشق هذه الآلية وضاعف من ولعه هو أنه مقيم في المطرية أمام مبنى الصحراء القومى وهو بيت الخبرة العالمى في استثمار المياه والصحراء وتعايش مع البرنامج الحر وطبيعة علاقة الجوار توطدت وعمتها تجربة في أستراليا، ويقول إن مصر تراخت كثيرًا بتصميم موازنة تخطيطية للمياه، فقد دعانى لندوة عام 1970م وتحدث فيها الدكتور حسين عثمان بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية وموضوع اللقاء هو (الأنزيمات) ومنذ الوهلة الأولة يكتشف أنه لقاء علمى بحت لا يخرج حدود المنهج ليس مجاله عقولنا.. واستطاع بمهارته إقناعى بالحضور وتحدث كأنه يلقى قصيدة برسالة الأنزيمات ودورها ببناء الحياة وكيف يمكن أن نحرس المياه ليس بعملية الترشيد لكن بالحفاظ عليها سواء نقية أو ملوثة أو أمطار أو أنهار ومحيطات وأسلوب التعامل معها حفاظًا على الثروة البشرية وإهدارها.. إهدار للثروة، وأشاد بدور مركز بحوث الصحراء باعتباره الرائد بالمهمة بقدرات علمائه فإنه يعتبر واحدا من أهم الفتوحات العلمية.. وقد بلغ إيمان اللواء حسنى عن قناعته برسالة المركز أنه أصر على أن يلتحق ابنه (زيزو) بزراعة عين شمس وعرفت بعد رحيله أن عبدالعزيز استطاع أن يحتل مكانته وأصبح أستاذًا بالزراعة ويحاضر بالمركز بعد أن أصبح واحدًا من العلماء الذين سجلوا بأبحاثهم مكانة رفيعة، ومن خلال متابعتى أشعر بالفخر لمسيرته المنطلقة، وطفرة تتحقق في ظل قيادته العلمية التى جددت دماءها وأبحاثها وساحات جهودها ربما السبب في تواضع العلماء، لا يسمع الرأى العام كثيرًا عن هذا العطاء للوطن ولو أن جهود علمائه حظيت بالرعاية لأنجزنا أكبر مجد لبلادنا من إنشاء أكبر مستودع للمياه في أفريقيا ولن نحتاج لإنفاق أى دولار واحد لإنشاء شبكة صرف ويصبح العائد متعدد الفوائد.
إن اللقاء الذى عقده الدكتور مصطفى مدبولى مع وزير الرى يجب أن يكون من خلال رؤية متكاملة وليست أحادية أو ثنائية بحيث تكون روح المنهج التنموى في قوة المياه، ولا يجب أن تكون مجرد أسلوب دفاعى بروح المقاتل، ويجب أن تكون بروح الهجوم البناء وتوفير عناصر المبادرة، وهناك تكون المشكلة لذلك فإننى حرصت عندما قلت إننى لن أتنفس تحت الماء ومع ذلك فإنى أغرق، وعبارة مستلهمة من روح أمير الشعر نزار قباني، فلن تطفو الباخرة على السطح إلا إذا كانت هناك عناصر المبادرة، فإننا نعرض هذه الأرض الطيبة للهلاك.
لدينا مقومات وكوادر لديهم القدرة ولكن حتى الآن لم نتعلم الدرس من مياه الأمطار مثل تجربة اليابان والأنهار الصناعية الذى خرجنا منها صفر اليدين، إنها قضية تدوير مياه الصرف وتقدير الجدوى الاقتصادية للمعالجة والمياه الجوفية المدفونة تحت السطح بعمق الصحراء لتصل 8 مليارات مكعب وإنه لم تتم الاستفاده منها، فإن أول رئيس وزارة لمصر دق ناقوس الخطر لقضية تحلية مياه البحر كخيار استراتيجى قام بها عزيز صدقى عام 1972م وكلف العالم البحرى أحمد عفت الذى وضع حجر الأساس لمشروع التحلية وتصميم أول جهاز تحلية مياه في الشرق بطريقة اقتصادية.
الأرصاد الجوية التى لا زالت تتأرجح تبعيتها بين عدة وزارات رغم أن دولا كثيرة تضع هذا الجهاز ضمن مسئولياتها فهو يتبع ببعض الدول رئيس الدولة لأنه ليس مجرد جهاز، فمنذ أيام تولى الدكتور أشرف صابر قيادة جهاز الأرصاد الجوية، فهو ليس مجرد رصد لنشاط الجو ولكن الجهاز الفاحص الذى يعامل أشعة الفيمتوثانية.. والدكتور أشرف صابر جاء في وقت تناولت فيه وسائل الإعلام إشاعات رديئة حول توقعات الأعاصير المرتقبة التى ستهب على مصر وروجت لها وتعرض مصر لتقلبات الجو العنيفة ولم تتول الدولة تفضيل إدارة الرفض الجوى بالقاهرة، فضلًا عن أن الجهاز عندنا يستقبل الأقمار الصناعية وما زلنا مقصرين للرصد التى تحدده شدة المطر ونوعيته، وقضية الإمكانيات هى الشماعة التى نعلق عليها عجزنا، وإن قضية المياه قضية متشابكة فعلى ضوء الأرصاد الجوية رغم أهميته وليس موجودا على ساحة الاهتمام القيادى ما يتطلب أن تكون رؤيتنا لقضية المياه بكافة أنواعها، ولا شك أن وجود شخصية ديناميكية ابن الصعيد وسوهاج أشرف صابر الذى عمل عشرات السنوات في الجامعات الأوروبية متخصص في برامج التحليلات الجوية لدرجة أنه يباشر الجهد من منزله فيحتفظ بالمقتنيات الإلكترونية واستطاع أن ينتصر على توقعات ناسا الأمريكية في الرصد الجوى ويصل صوته لمحطات الرفض مؤكدًا أن مصر خارج الدول المصابة بالأعاصير.
وهكذا استطاع ابن سوهاج بعلمه أن يجعل منظومة الأرصاد الجوية جزءا من التفاعل الدولى العام لحركة رصد الأجواء بكل دقة، لكن حتى الأن ما زالت الإمكانيات هى الحائل الأول لاستكمال منظومة الكشف عن مصادر المياه، وهو ما يعكس ضرورة التنبؤ بكل دقة لهذه الأجهزة التى هى حجر الأساس في بناء فلسفة دقيقة لإنشاء بنك المياه.