استعادت المظاهرات والاحتجاجات الشعبية في لبنان زخمها القوي، حيث احتشد المتظاهرون من مختلف الفئات والطبقات والشرائح العمرية في الساحات والميادين الرئيسية بكافة المحافظات على نحو كبير، رفضا لما اعتبروه "حالة المماطلة وشراء الوقت" في تحديد مواعيد الاستشارات النيابية للتكليف برئاسة الحكومة الجديدة وتأليفها.
وأطلق المتظاهرون على تحركهم الذي بدأ عصر اليوم (أحد الوحدة والضغط) في إشارة إلى وحدة اللبنانيين بكافة طوائفهم ومذاهبهم وعدم انقسامهم في جميع الساحات والميادين، والضغط على السلطة السياسية للإسراع في تنفيذ مطالبهم.
وتعددت آراء المحتجين ما بين المطالبة بالإسراع في تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة والتي يقوم بمقتضاها أعضاء المجلس النيابي باختيار شخصية تقوم بتشكيل الحكومة الجديدة، أو رحيل الطاقم والطبقة السياسية الحاكمة في لبنان بالكامل ودون الاكتفاء باستقالة الحكومة ورئيسها فقط.
ورفع المتظاهرون أعلام لبنان ورددوا هتافات (ثورة ثورة – الشعب يريد إسقاط النظام - كلن يعني كلن) وغيرها من الهتافات المطالبة بإحداث تغيير شامل في نظام وسلطة الحكم، كما شهدت العديد من ساحات الاعتصام إقامة مسارح ومنصات قامت بتشغيل الأغاني الوطنية اللبنانية، كما أشعلوا الألعاب النارية والأضواء العملاقة.
كما تمسكوا أن تكون الحكومة الجديدة المرتقبة مؤلفة من الاختصاصيين (تكنوقراط) وأن تخلو تماما من الوجوه السياسية، إلى جانب إجراء انتخابات نيابية مبكرة، ومكافحة الفساد ومحاسبة مرتكبي جرائم العدوان على المال العام وإهداره.
ونظم المحتجون في عدد من المناطق، لا سيما في العاصمة بيروت، ومدينة صيدا (جنوبا) مسيرات تحمل أعلاما لبنانية ضخمة يحملها المئات جابت الشوارع والطرقات.
وشددوا على رفضهم ما وصفوه بـ "تجييش الشوارع" و"الحشد المضاد" من قبل عدد من القوى السياسية أو أن يتم وصفهم بأنهم "ممولون وتحركهم جهات سياسية أو سفارات أجنبية"، مؤكدين أن الغلاء غير المسبوق والضائقة المعيشية والعوز وتدهور الأوضاع الاقتصادية هي الدافع الأول والرئيسي لهم للنزول.
وشهدت عدد من ساحات الاعتصام إطلاق دعوات للاعتصام والإضراب العام اعتبارا من صباح الغد، كما انطلقت دعوات أخرى من قبل مجموعات من المحتجين للعودة إلى قطع الطرق بغية الضغط على السلطة السياسية للاستجابة إلى مطالبهم.
ويشهد لبنان منذ مساء 17 أكتوبر الماضي سلسلة من المظاهرات والاحتجاجات الشعبية العارمة في عموم البلاد، اعتراضا على التراجع الشديد في مستوى المعيشة والأوضاع المالية والاقتصادية، والتدهور البالغ الذي أصاب الخدمات التي تقدمها الدولة، لا سيما على صعيد قطاعات الكهرباء والمياه والنفايات والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.