الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عصر الأبهة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوما ما كان لدينا قطعة من أوروبا بناها البارون، وتمت ولادتها تحت اسم مصر الجديدة، واليوم نعيش (القبح) تحت الأمطار ودون خجل يقول المسئولون: مفيش شبكة تصريف أمطار وإيه في مصر الجديدة؟!
ويطلع مسئول كبير يقول: إن الشبكة متهالكة من ١٥٠ سنة، طب أنتم بتعملوا إيه والملايين اللى بتاخدوها مرتبات على إيه، والحكاية كلها كام سنة فاتوا، يردوا ببجاحة «عندنا أولويات والموضوع عايز مليارات»، طب نسيب الناس تغرق والمصالح تتعطل؟، اقطع الشجر ياوله، ياعم ده تاريخ، تاريخ مين يا عم، الحى أبقى من الميت، هكذا فكر الأئمة الجدد.
بره الموضوع دعونا نتذكر عصر الإبهة أيام البارون إمبان، إدوارد لويس جوزيف إمبان - (سبتمبر ١٨٥٢ - ٢٢ يوليو ١٩٢٩). مهندس وعاشق للآثار المصرية. 
المعلومات تقول إنه بدأ عمله كرسام هندسى في شركة للتعدين وهى سوسيتيه ميتالورجيك وفى عام ١٨٧٨ دخل في صناعة إنشاءات السكك الحديدية، حينما لاحظ أن السكك الحديدية والمواصلات في الريف بشكل عام ليست على المستوى المطلوب.وبعد النجاح في بلجيكا بخط سكك حديدية قامت شركاته بتطوير خطوط سكك حديدية في فرنسا وبالتحديد مترو باريس حيث حصل على لقب بارون لقاء عمله هذا.
وصل البارون إمبان إلى مصر في يناير ١٩٠٤ بنية إنقاذ أحد مشروعات شركته وهو إنشاء خط سكة حديدية يربط بين المنصورة والمطرية، وعلى الرغم من فقدان المشروع في ذلك التنافس، والذى قام به البريطانيون بدلًا من شركته، إلا أنه ظل في مصر ولم يرحل منها. وهناك قول في سبب استمراره في مصر إلا هو حبه لسيدة وهى إيفيت بغدالدى.
وفى عام ١٩٠٦ أسس شركته (شركة واحة هليوبوليس) والتى قامت بشراء مساحة كبيرة من الصحراء من الحكومة الاستعمارية البريطانية في ذلك الوقت - في منطقة مصر الجديدة الحالية - مساحتها ٢٥ كلم مربع في شمال غرب القاهرة -. وبدأ بين عامى ١٩٠٦ - ١٩٠٧ في بناء ضاحية مصر الجديدة التى أرادها أن تكون قاهرة جديدة راقية وهى كذلك بالفعل، حيث كان بها جميع مرافق البنية التحتية اللازمة من كهرباء ومياه وصرف صحى وفنادق مثل فندق هليوبوليس بالاس، بالإضافة إلى ملاعب الجولف ومضامير سباق الخيول والمنتجعات الراقية. وكانت هناك مساكن راقية للإيجار مصممة على تصاميم معمارية مبتكرة في ذلك الوقت - لا يزال الكثير منها باقيًا إلى الآن وتشكل تراثًا معماريًا في حد ذاتها.
لعل أشهر آثار البارون أمبان في مصر والتى يعرفها الزائرون من غير المصريين هو قصر البارون الذى استلهمه من معبد أنكور وات في كمبوديا ومعابد أوريسا الهندوسية. صممه المعمارى الفرنسى ألكساندر مارسيل وزخرفه جورج لويس كلود واكتمل البناء عام ١٩١١. 
توفى بمرض السرطان في مدينة Woluwe ببلجيكا في ٢٢ يوليو ١٩٢٩ ولكنه دفن أسفل كنيسة البازليك بمصر الجديدة بالقاهرة، والتى كان يربطها بقصره نفق تحت الأرض.
ترجع فكرة بناء القصر إلى البارون إمبان الذى عرض على الحكومة المصرية فكرة إنشاء حى في الصحراء شرق القاهرة واختار له اسم (هليوبوليس). 
المنطقة كانت تفتقر إلى المرافق والمواصلات والخدمات، وحتى يستطيع البارون جذب الناس إلى ضاحيته الجديدة فكر في إنشاء مترو ظل يعمل حتى وقت قريب، كما بدأ في إقامة المنازل على الطراز البلجيكى الكلاسيكى، بالإضافة إلى مساحات كبيرة تضم الحدائق الرائعة، وبنى فندقًا ضخمًا هو فندق هليوبوليس القديم الذى ضم مؤخرًا إلى قصور الرئاسة بمصر.
قرر البارون إقامة قصر، فكان قصرًا اسطوريًا، وصمم بحيث لا تغيب عنه الشمس حيث تدخل جميع حجراته وردهاته، وهو من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق، وتضم غرفة البارون بالقصر، لوحة تجسد كيفية عصر العنب لتحويله إلى خمور، ثم شربه حسب التقاليد الرومانية وتتابع الخمر في الرؤوس، أى ما تحدثه الخمر في رؤوس شاربيها.
يقع القصر على مساحة ١٢.٥ ألف متر الذى استلهمه من معبد أنكور وات في كمبوديا ومعابد أوريسا الهندوسية، فشرفات القصر الخارجية محمولة على تماثيل الفيلة الهندية، والعاج ينتشر في الداخل والخارج، والنوافذ ترتفع وتنخفض مع تماثيل هندية وبوذية، أما داخل القصر فكان عبارة عن متحف يضم تحف وتماثيل من الذهب والبلاتين، كما يوجد داخل القصر ساعة أثرية قديمة يقال إنها لا مثيل لها إلا في قصر باكنجهام الملكى بلندن توضح الوقت بالدقائق والساعات والأيام والشهور والسنين مع توضيح تغييرات أوجه القمر ودرجات الحرارة.
القصر من الداخل حجمه صغير، فهو لايزيد على طابقين ويحتوى على ٧ حجرات فقط. الطابق الأول عبارة عن صالة كبيرة وثلاث حجرات ٢ منهما للضيافة والثالثة استعملها البارون إمبان كصالة للعب البلياردو، أما الطابق العلوى فيتكون من ٤ حجرات للنوم ولكل حجرة حمام ملحق بها. وأرضية القصر مغطاة بالرخام وخشب الباركيه، أما البدروم (السرداب) فكان به المطابخ والجراجات وحجرات الخدم.
صنعت أرضيات القصر من الرخام والمرمر الأصلى حيث تم استيرادها من إيطاليا وبلجيكا، وزخارفه تتصدر مدخله تماثيل الفيلة كما تنتشر أيضًا على جدران القصر الخارجية والنوافذ على الطراز العربى وهو يضم تماثيل وتحفًا نادرة مصنوعة بدقة بالغة من الذهب والبلاتين والبرونز، بخلاف تماثيل بوذا والتنين الأسطورى.
واستخدم في بناء القصر المرمر والرخام الإيطالى والزجاج البلجيكى البلورى الذى يرى من في الداخل كل من في الخارج وبه برج يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة ليتيح لمن يجلس به أن يشاهد ما حوله في جميع الاتجاهات، وكان الطابق الأخير من القصر هو المكان المفضل للبارون أمبان ليتناول الشاى به وقت الغروب وكان حول القصر حديقة فناء بها زهور ونباتات نادرة كما يوجد بالقصر نفق يصل بين القصر والكنيسة العريقة «كنيسة البازيليك» الموجودة حتى الآن.
هو صحيح مش كان عصر الأبهة؟