«فوت علينا بكره يا سيد أو تعالى الأسبوع الجاي» هل ستنتهى تلك المقولة النمطية والسخيفة السائدة التى تكشف بعض جوانب الإهمال والتراخى فى بعض دواوين الحكومة والتى بسببها يلف المواطن ٧ لفات أو كما يقولون «دواخينى يا لمونة» على المكاتب من أجل إنهاء مصلحته الخاصة مهدرًا للوقت والجهد والمال.
لقد سعدت كثيرًا بإعلان جائزة التميز الحكومى التى أعلنتها وزارة التخطيط باعتبارها خطوة وبداية جيدة وطوق نجاة وخطوة عملية للبدء فى تطوير منظومة الخدمات الحكومية من أجل تقديم خدمات أفضل وبسرعة وجودة للمواطنين.
ولقد لمست هذا التفاؤل حينما حضرت حفل توزيع جوائز التميز الحكومى يوم الخميس الماضى وبدعوة كريمة من د. هالة السعيد وزير التخطيط التى أعلنت عن أهمية وجود جهاز إدارى كفء وفعال يطبق مفاهيم الحوكمة ويساهم بدوره فى تحقيق التنمية ويستجيب لطلبات المواطنين وهذا يتطلب تحفيز روح التفانى والتمييز من أجل تقديم خدمات أفضل مع نشر ثقافة الجودة والتمييز.
وما أسعدنى هو أهمية تحفيز الموظفين فى قطاعات الحكومة المختلفة وإعلان تكريمهم بشكل معنوى بالإضافة إلى حوافز مالية تشجيعًا لجهود المتميزين منهم فى مؤتمر عام حيث تواجد كافة الوزراء والمسئولين وبتواجد رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي.
وما أدهشنى إن التطوير والتحفيز قد شمل الجامعات والمؤسسات الحكومية والهيئات الخدمية والأهم هو تحفيز العاملين بالإدارة المختلفة بمستوياتها الخمس بالمحافظات «القرى – الأحياء – المراكز – المدن والمحافظات» وقد شهدت وسعدت بتكريم ممثلى ٣ قرى «بولاق – سيدى عبدالرحمن – صافور» بمحافظات الوادى الجديد ومطروح والشرقية، فضلا عن ٣ من الأحياء «المنتزه بالإسكندرية والعجوزة ومصر الجديدة بالقاهرة» وكذلك فوز ٣ مدن «الغردقة – بورفؤاد – رأس البر» بثلاث محافظات ساحلية «البحر الأحمر – بورسعيد – دمياط» ومراكز «أجا – بنها – شبين الكوم» بمحافظات الدقهلية والقليوبية والمنوفية.
إن تكريم المحليات بمستوياتها المختلفة أمر هام وتحفيز له تقدير ومثمن من أجل نشر تقديم الخدمات الأفضل والتميز الذى يساعد على تحفيز الموظفين لتقديم خدمات بشكل أفضل خصوصًا فى المحليات حيث المعاناة الحقيقية فى الحصول على الخدمات.
أما فى قطاع خدمات البريد والتأهيل الاجتماعى والشهر العقارى والتوثيق فقد فازت فيها محافظة السويس بالمركزين الأول والثالث على مستوى الجمهورية حيث حصل اثنان من أبناء السويس هما «عبدالله حسن» على المركز الأول و«غريب أبوعامر» على المركز الثالث على مستوى الجمهورية وهى بداية لفرحة حقيقية.
إن سرعة الإنجاز والتفانى والإتقان بالعمل أمر يستحق التقدير ووفقا لما أعلنته وزارة التخطيط د. هالة السعيد فإن التمييز الحكومى يستهدف وجود جهاز إدارى كفء وفعال يطبق مفاهيم الشفافية والحوكمة ويساهم بدوره فى تحقيق التنمية ويستجيب إلى طلبات المواطنين من خلال مجموعة عوامل:
■ تحفيز روح التنافس والتمييز بين الموظفين.
■ تحفيز روح الابتكار والإبداع.
■ إلقاء الضوء على النماذج الناجحة فى المؤسسات الحكومية بدلا من تلك النماذج المسيئة فعلا.
فضلا عن بداية جيدة خصوصًا وأنه قد سبقها التحضير بجهود كبيرة استمرت ما يقرب من ١٩ شهرًا بالتعاون المثمر مع دولة الإمارات العربية الشقيقة وبجهود حثيثة ومشكورة للدكتور محمد عبدالله القراقاوى رئيس شؤن مجلس الوزراء والمستقبل بدولة الإمارات وفريق مشترك عالى المستوى حيث تم تقديم نموذج عالمي من أجل التمييز الحكومى خصوصًا وأن الإمارات قد حصلت على المركز الثانى دوليًا فى التمييز فى تقديم وإتاحة الخدمات الحكومية وبجودة عالية.
إن تطوير الأداء الحكومى واستهداف التمييز من أجل الإتاحة الجيدة لخدمات المواطنين وبشكل جودة عالية تبتعد عن الصورة الذهنية السائدة للموظف الكلاسيكى الخامل والذى يشوه المنظومة الحكومية وأحيانا يتفنن فى أذية المواطنين وتعطيل مصالحهم وهى الصورة التى كشفت التعقيدات الحكومية بكثرة الإمضاءات والاعتمادات وختم النسر وشهادة الشهود والتى تؤدى إلى عدم الرضا والكثير من الغضب والحنق.
وهى التى عبرت عنها الكثير من الأعمال الفنية والأدبية والأفلام والمسرحيات التى تكشف دور تعطيل مصالح المواطنين منها أفلام «الوزير جاى – ثرثرة فوق النيل – أريد حلًا» وغيرها من أفلام نجيب الريحاني «سى عمر» الذى كشف مدى تلاعب ناظر الدائرة الزراعية فى الفساد ليكشف عن تطابق المثل الشعبى «كذب مرتب ولا صدق منعكش».
إن خطورة فاتورة الفساد كبيرة يدفع تكلفتها الشعب المصرى خصوصًا من خدمات صحية وتعليمية وطرق ومواصلات وأوضاع بيئية فى حاجة إليها والنتيجة الباب الخلفى الأسود للفساد الذى لا بد من مجابهته والذى يتسبب فى تعطيل مصالح المواطنين من أجل حاجتهم الضرورية والمشروعة.
لقد أحسنت حكومة المهندس مصطفى مدبولى الذى أعلن فى المؤتمر مضاعفة قيمة الجائزة المادية للعاملين فى القطاعات الحكومية من أجل تحفيزهم.
وإذا كانت جائزة التميز الحكومى التى نعتبرها خطوة إيجابية وكبيرة ومهمة تستحق التقدير ولكن الأمر يتطلب من وجهة نظرنا:
١- الاستفادة من الدروس والأخطاء السابقة لمشاريع تطوير الخدمات خصوصا تجربة ما أطلق عليه تعبير الثورة الإدارية منذ سنوات وفشلت ولم يبق منها غير الاسم الرنان.
٢- أهمية الاستمرارية بشكل جاد وعلمى دقيق للتقييم والاختبار والقياس والمراجعة من أجل التطوير الشامل وكفى ما ضاع من عمر فى سنوات الوطن.
٣- أهمية الترويج والإعلان المستمر عن ثقافة الخدمة المتميزة ويسأل فى ذلك الإعلام المصرى وفى القلب منه القنوات الإقليمة المحلية.
٤- استمرار الاهتمام بالصيانة وتوفير الأثاث للأجهزة الحكومية للموظفين وتحسين المرتبات والحوافز المشجعة للابتكار والإبداع.
٥- توفير شبكات الاتصالات الإلكترونية وبنيتها الأساسية بشكل جيد.
إن ثورة الإصلاح الإدارى فى مصر أعتقد أنها بدأت بخطوة ثابتة علمية ويحسب لوزيرة التخطيط ذلك وتبقى فى النهاية الخدمات على أرض الواقع الملموسة بشعور المواطنين بالرضا والقبول وهو المحك الأساسى من أجل حياة كريمة يستحقها كل المصريين فى بلادنا.