نحتاج بالفعل إلى أن نوضح معنى الحرية نفسها، إذ يقال فى المعنى اللغوى للحرية، إن الحر هو الخالص من الشوائب، الحر من القول أو الفعل، بمعنى الحسن منه مثل عندما نقول «هذا من حر الكلام».. والحرية هى الخلوص من الشوائب أو الرق أو اللؤم. وقد ذكرت الحرية فى القرآن الكريم فى أكثر من آية منها سورة آل عمران فى الآية ٣٥: «إذ قالت امرأة عمران، رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررًا، فتقبل منى». ومحررًا تعنى العتق من كل تكليف إلا طاعة الله. وفى سورة البقرة الآية رقم ١٧٨ يقول عز وجل: «كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد»، ومعنى الحر هنا هو الخالص من الرق. ويرى بعض الفلاسفة الغربيين أمثال فولتير مفهوم الحرية بقوله «عندما أقدر على ما أريد فهذه حريتى».
ويرى الكاتب الإنجليزى هارولد لاسكى الحرية بأنها: «القدرة على التصرف دون أى تحريم يفرض من الخارج على هذه قدرة»، ويرى الفيلسوف الفرنسى ليبيز الحرية بأنها: «قدرة الإنسان على فعل ما يريده».
وتعنى حرية الإعلام أى حرية نشر أو بث الآراء والأفكار والاتجاهات المختلفة فى شتى المجالات فى أى وسيلة من الوسائل الإعلامية فى أى وقت، وفى أى مكان داخل المجتمع.
وحرية الإعلام هى حرية الممارسة الإعلامية على أرض الواقع دون عوائق أو رقابة تحد من حريته، ورد فعل من قبل المسئولين فى الدولة تجاه كل ما ينشر أو يذاع أو يبث عبر وسائل الإعلام. فالهدف من حرية الإعلام هو إحراز تقدم للبشرية وتمكين الإنسان من تحقيق حرياته ومساواته وتحقيق العدالة.
وحرية الإعلام سوف تنعكس على طريق الديمقراطية السياسية ويصحح من مسارها، وكلاهما قادر بسهولة ويسر على تحقيق الهدف الأساسى وهو الصالح العام للمجتمع بأسره وهو الهدف الذي تنشده الدولة وتتوخاه.
وحرية الإعلام تعنى الحياة الحرة بكل ما فيها من أفراد ومسئولين ومؤسسات وطبيعة وهواء، فنحن لا يمكن أن نحيا يوما بدون إعلام حر ينقل أنفاسنا ونبضات قلوبنا للآخرين ممن يقومون على إدارة شئوننا!
الحياة الحرة تعنى أن يمارس الإنسان معتقداته ويؤمن بفلسفته دون قيود أو معوقات، وهذا من خلال الديمقراطية السياسية التى تنشد السلام والسعادة للبشرية جمعاء.
ومن جانب آخر، فإن هناك ما هو يرتبط بشكل مباشر بحرية الإعلام وهى الديمقراطية، والديمقراطية هى كلمة مشتقة أصلا من الكلمة اليونانية «ديموس كراتوس» dimos kratos أى حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب، ومع تطور المجتمعات وتزايد السكان، أصبحت الديمقراطية، فى الواقع، هى حكم ممثلى الشعب لصالح الشعب.
وهناك ما يرتبط بحرية الإعلام أيضًا وهو حرية التعبير عن الرأي، ويقصد بحرية التعبير عن الرأي: حق الأفراد فى التعبير الحر عما يعتنقون من أفكار دون أن يكون فى ذلك مساس بحقوق الآخرين، وهى حق أساسى للإنسان، وإن كان تفسير معنى حرية التعبير يختلف اختلافًا كبيرًا عند التطبيق من دولة لأخرى، ومن فترة تاريخية لأخرى، فى الدولة نفسها.
وتكتسب حرية الصحافة أهميتها المحورية من حيث كونها أحد أهم أركان الديمقراطية، بل إن البعض يعتبرها ـ فى حقيقة الأمر ـ أحد العوامل الرئيسية لقياس باقى الحريات التى يتمتع بها أفراد المجتمع والدليل الفعلى الصادق على الممارسة الديمقراطية فى المجتمع، هذا بالإضافة إلى أن حرية الصحافة هى إحدى أهم وسائل المجتمع المدنى فى حماية مصالحه. وبالتالى لا نبالغ إذا اعتبرنا أن الصحافة الحرة والإعلام المستنير من أهم قوى التغيير الحقيقية والفعالة فى أى مجتمع!
وكما قال الفيلسوف الفرنسى «بسويه»: «حيث يملك الكل فعل ما يشاءون، لا يملك أحد فعل ما يشاء، وحيث لا سيد، فالكل سيد، وحيث الكل سيد فالكل عبيد»!