لاشك أن الشعب اللبناني الذى خلع عباءة العرق والطائفية الدينية وظل برداء الوطن في مواجهة الفساد وانتفض عند فرض رسوم على خدمة اتصالات الواتس اب في يوم 17 أكتوبر الجاري، وثار فكان فيضان يجترف أمامه كل الكتل الخرسانية التى تم وضعها على جسد لبنان تحت مسمي المحاصصة السياسة التى استغلها حزب الله وأعوانه في إضعاف البلاد والتحكم في مقدراته.
والمتتبع للمشهد اللبناني سيري أن الثوار من كل طوائف الشعب وفئاته من بسطاء وفنانين ورجال أعمال واطباء وخلافه كانت مطالبهم واضحة إسقاط الحكومة والرئاسة والبرلمان والدخول إلى عهد لبنان جديد ينهي الطائفية السياسية ويؤسس لدولة مدنية حديثة يحكمها ذوي الكفاءة بعيدا عن دينته أو مذهبه أو جهويته،ونجح الثوار في المطلب الأول بتقديم رئيس الوزراء سعد الحريري استقالة حكومته،وتبقي المطالب الاخري لتشكيل دولة جديدة تخلص اللبنانيين من ويلات الحروب والفساد وتمنحهم الحياة الكريمة،فهذا الشعب هو بطبعه محبا للحياة ومنفتح ومتفتح على المستوى العام إلا أن حزب الله واعوانه من الأحزاب التى تنحصر رؤيتها على المصالح الحزبيه جعلت مصالحها أكبر من بلدها على عكس مقولة سعد الحريري "أن مافيه حدا أكبر من بلدو".
ونجح ثوار لبنان في هز عرش الفقيه في ايران وأثروا على تموضعه وتأثيره في الشرق الأوسط وهو ماعكس خطاب خامئني اليوم الأربعاء 30 أكتوبر عندما اتهم الشعب اللبناني الغاضب والمحتج بأنه مدفوع من أمريكا وإسرائيل وبعض الدول العربية رغم ان الثورة اللنانية لم تشهد أعمال شغب وعنف بل من صنع الشغب والعنف والتعدي على المتظاهرين هم أنصار الخامئني وهم أعضاء حزب الله بقيادة حسن نصرالله الخاسر الأكبر من نجاح هذه الثورة.
ويعد حسن نصرالله من أكثر الشخصيات قلقا في لبنان من التظاهرات لأنها ستقضى على مستقبله السياسي ونفوذه الذي صنعه على مدى سنوات طويلة داخل السلطة، ورغم تحديه للثوار بان مطالبهم مرفوضة تحت زعم الفراغ السياسي في البلاد، ولكن هى في الحقيقة ستؤدي إلى خروجه تماما من المشهد،فما أن سقطت الحكومة اهتز عرشه بقوة وحاول خامئني انقاذه بتغذية الخطاب الطائفي لضرب الوحدة اللبنانية،بعد فشله بفضل الجيش اللبناني في ضرب مخططاته في أحداث شغب وفوضي بضرب الثوار والاشتباك معهم ومحاولاتهم فض الثورة بقوتهم الشخصية.
ولا عجب ان السيناريوهات القادمة التى سيعمل حزب الله بتخطيط ايراني على تنفيذها هو محاولة استغلال ورقة الصراع مع إسرائيل واستفزازها الوهمي دون الدخول معها في معركة واستغلال المواقف الإسرائيلية المطالبة بوقف الدعم الأمريكي والأوروبي شريطة تخلى حزب الله عن الصواريخ الدقيقة وذلك بالتسويق بأن هناك مخطط يستغل الاحتجاج من أجل إنهاء المقاومة وهو على خلاف الحقيقة تماما. خاصة ان كثيرين يعلمون جيدا أن حزب الله لا يريد أن يتصدر المشهد السياسي في لبنان فحسب بل التحكم فيه من وراء الستار على ان يظل المهيمن على الأرض.
وثانى أوراق حزب الله العمل على جر لبنان إلى حرب أهلية جديدة إذا ما تم إصرار اللبنانيين على التغيير الحقيقي وتكوين حكومة كفاءات وإجراء انتخابات وكتابة دستور جديد،فلديه القوة العسكرية التى تمكنه بعد ذلك من فرض واقع جديد بحكم السلاح والميليشيات،رغم أن هذا الخيار مازالت وحدة الشعب ووعي الجيش يعمل على عدم تحقيقه.
ولكن في ظل السيناريوهات السوداء هناك سيناريو للأمل بأن تنتصر الثورة اللبنانية وتشكل حكومة تكنوقراط وتعمل على إجراء انتخابات وقبيل هذه الانتخابات ينشأ حزب وسطي مقبول لدي الجماهير الثائرة فيتصدر المشهد بديلا عن حزب الله والأحزاب التى تأتمر بأمره.