رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يأكلون لحم مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بلا سفسطة ولضرب الفساد ودروب الواسطة، وضع الرئيس السيسي يده على جرح غائر يتألم منه غالبية الشعب المصرى بعدما أعلن خلال لقائه قبل أيام بالدفعة الأولى من خريجى طب القوات المسلحة أن الواسطة فساد وهنا لن أخفى إعجابى لانتقاء السيسي كلمة فساد ليوصف بها الواسطة فهو عبر هذه الكلمة التى تُعد مدمرة للأمم والشعوب يؤكد رفضه المجاملة على حساب الغير مؤكدًا على إعطاء كل ذى حق حقه وإعلاء قيم الأخلاق والضمير ومحاسبة النفس قبل أن يحاسبنا الله فنحن في واقع الحال شعب مجامل ولكن يجب ألا يكون هذا على حساب لحم مصر البلد العريق الذى يعمل على أن يعود منارة إشعاع بالعالم.
ويقينا لقد أصاب السيسي كبد الحقيقة ونطق حقًا وقال كلمة عانى منها الشعب المصرى لسنوات طوال ومازال يعانى فمن يريد تدمير دولة وعدم نهوضها وإغراقها في التخلف والفساد والمحسوبية كما كان يفعل الاستعمار يوسد أو يضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب وبصراحة عندما يجعل رئيس الدولة بنفسه كلمة الواسطة مرادفة للفساد فهذا يعنى رفضه التام للمحسوبية ويعد ذاك إيذانًا بالحرب على الواسطة التى لها أوجه كثيرة تتسبب في خسائر جمة للمجتمع وأفراده من بينها عدم تكافؤ الفرص وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وحصول البعض على مكاسب لا يستحقونها وبالتالى تحقيق ثروات على حساب الغير من الفقراء والغلابة والمستحقين.
ويعد قنص الوظائف ذات الرواتب الفلكية بالبنوك وشركات البترول والاستثمار والاتصالات من وجوه الواسطة والمحسوبية وهى مشكلة تسببت في أزمة نفسية على مدى سنوات وعقود طويلة للملايين من المصريين شبابًا من الجنسين خريجين وآباء وأمهات حرموا أنفسهم من ملذات الحياة لأجل تدبير نفقات الدروس الخصوصية لأبنائهم حالمين بيوم تخرج الأبناء ليفرحوا بوظيفة تحقق الآمال وتسعد البال يستطيع عبرها الأبناء مواصلة مسيرة بناء أنفسهم ودولتهم ولكن كما نرى في غالب الحال بسبب الواسطة لا يقطف الوظائف الدسمة سوى المحظوظين من أصحاب كروت التوصية والواسطة وكم من مرة تحدثنا جميعا في مجالسنا مكتفين بالاستنكار ومكتوفى الأيدى عن فعل شيء لخريج حاصل على تقدير مقبول وجد طريقه مفروشًا بالورود نحو الوظيفة التى تدر عليه الآلاف شهريًا بسبب بركة الواسطة فيما زميله المتفوق بامتياز لا يجد عملًا يسد رمقه وبالطبع سمعنا كلنا عن أماكن يعمل بها نحو 50 ألف موظف من جميع التخصصات أغلبهم من 3 أو أربع عائلات.
وللأسف ابتلينا في مصر بظاهرة توارث الوظائف وحصر ذات المرتبات العالية منها على الأقارب والمحاسيب ومن يدفع رشوة بالجنيه الورقى والذهبى أو سيارة وهو أمر نعرفه جميعًا ولا يخفى على أحد ويُعد من القصص اليومية في جلساتنا. 
وهنا حتى لا أخرج عن صلب مقالنا عن الفساد والواسطة سأذكر واقعة سمعتها من صديق بالمعاش وأعتقد أنها صحيحة تسببت في إهدار المليارات على مصر، وتتحدث الواقعة عن حفلات الشواء - والبغددة - التى كانت تقيمها شركته البترولية المصرية من حين لآخر بالمناسبات المختلفة إلى أن تولى الجيش المصرى العظيم إرسال ضابط أو مراقب مالى لمتابعة المصروفات وغلق حنفية الإسراف وإهدار المال العام وكان من نتيجة هذا أن الاحتفالات بالمناسبات أصبحت محدودة ورمزية وغير مكلفة فقد كان المال العام ياسادة كما نقول بالعامية «يغمة» ومال سايب الكل بيغرف ويأكل من لحم مصر، ولهذا ومع مثل صور الفساد تلك سأظل متحمسًا للجيش المصرى خير أجناد الأرض الذى كواجب وطنى منه قام عقب ثورة يناير بضبط الأسعار ومحاربة الغلاء بتوفير السلع الغذائية بأسعار مناسبة مع إقامة المشروعات بأعلى المواصفات العالمية دون غش أو تدليس كما كان يحدث سابقًا، حيث مشروع يتكلف مثلًا 10 ملايين تفوز به شركة أو رجل أعمال كبير وفى النهاية - كسبوبة - تنفذه شركة صغيرة أو رجل أعمال على قد حاله بمليونين ويضطر الأخير الصغير ليكسب ويربح لمخالفة المواصفات وتذهب الملايين الثمانية سفاحًا ومالًا حرامًا لجيب الشركة الفائزة بالعطاء ولكنك الآن مع جيشك أنت في أمان.