تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
9 أشهر فقط، أو أقل قليلا، هي عمر الحكومة الثالثة لسعد الحريري، نجل رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وذلك بعد إعلانه ظهر اليوم استقالة الحكومة استجابة للمطالب الشعبية منذ اندلاع مظاهرات واحتجاجات واسعة في عموم البلاد مساء 17 أكتوبر الجاري، وبعد أن وصل إلى "طريق مسدود" - بحسب تعبيره - لإيجاد المخارج للأزمة الراهنة بالتعاون مع القوى السياسية في لبنان.
الحكومة المستقيلة برئاسة الحريري، كانت قد تألفت في 31 يناير الماضي بعد مخاض عسير وتجاذبات سياسية عنيفة مر بها لبنان، واستغرقت 252 يوما كاملة في مشاورات التأليف منذ أن تم تكليف سعد الحريري بتشكيلها في 24 مايو من العام الماضي 2018 في أعقاب الانتخابات النيابية التي أجريت في ذات الشهر، غير أنها لم تصمد سوى 271 يوما فقط في مواجهة الأزمات المتعددة، سواء من جانب الفرقاء السياسيين أو المشاكل والأوجاع الاقتصادية والمالية المتدهورة.
وحلّت حكومة الحريري المستقيلة في المرتبة الثانية من حيث طول فترة التأليف، بعد حكومة رئيس الوزراء السابق تمام سلام الذي استغرق 315 يوما لتأليف حكومته وذلك خلال الفترة ما بين 6 أبريل 2013 وحتى 15 فبراير 2014 .
وفي حال قبول رئيس الجمهورية ميشال عون استقالة الحريري، ولم يطلب منه التريث، فإن الخطوة المقبلة ستتمثل في تكليف سعد الحريري بتصريف الأعمال الحكومية لحين تشكل الحكومة الجديدة، وإخطار رئيس مجلس النواب نبيه بري باستقالة الحكومة، تمهيدا لتحديد موعد لجلسة "الاستشارات النيابية" والتي يقوم من خلالها النواب بتسمية رئيس جديد للحكومة، ليقوم رئيس البلاد بدوره بتكليفه رسميا بإجراء المشاورات لتأليف مجلس الوزراء.
وكان يفترض بالحكومة الحالية أن تنفذ سلسلة من الإصلاحات المالية والاقتصادية وكذلك إصلاحات على مستوى أسلوب وإدارة العمل الحكومي، حتى يستنى لها الحصول على منح وقروض بقيمة تقارب 12 مليار دولار كانت قد تقررت في مؤتمر (سيدر) الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس في شهر أبريل من العام الماضي وشاركت فيه الدول الداعمة للبنان وعدد من مؤسسات التمويل الدولية، حتى يتجاوز لبنان الأزمة شديدة الصعوبة التي يمر بها.
ويشهد لبنان حالة من التباطؤ في معدل النمو الذي بلغ خلال النصف الأول من العام الحالي صفر%، إلى جانب الدين العام الذي يقترب من 90 مليار دولار، كما أن نسبة الدين العام اللبناني إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ نحو 160%، ونسبة بطالة بنحو 35%، علاوة على تراجع كبير في كفاءة وقدرات البنى التحتية للبلاد والأداء الاقتصادي العام.
ودخلت الحكومة منذ تشكيلها في أزمات كثيرة ومتعددة، تسببت في بعض الأحيان في تعطيل العمل الحكومي، وفي مقدمها أزمة أحداث العنف والاشتباكات المسلحة التي وقعت بمنطقة الجبل في 30 يونيو الماضي، على نحو عطل انعقاد جلسات مجلس الوزراء لمدة 40 يوما كاملة.
كما دخلت الحكومة أيضا في أزمات أخرى عديدة لاسيما بين القوى السياسية التي يتألف منها مجلس الوزراء، حيث استغرقت المناقشات الحكومية شهرا كاملا لإقرار موازنة 2019، إلى جانب الخلافات حول إقرار الخطة الحكومية لمعالجة عجز الكهرباء الذي يكبد الخزينة العامة قرابة ملياري دولار سنويا.
ومع بدء الاحتجاجات مساء 17 أكتوبر الجاري واندلاع مظاهرات شعبية عارمة خشية أن تقدم الحكومة على فرض أعباء ضريبية جديدة وإضافية ترهق كاهل المواطنين، حاول سعد الحريري احتواء الأمر، عبر التوصل إلى توافق مع القوى السياسية التي تتألف منها الحكومة على حزمة إصلاحات اقتصادية ومالية لا تمس المواطنين، غير أن التظاهرات ظلت مستمرة.
وشملت محاولات الحريري العمل على تقريب وجهات النظر بين القوى السياسية، لإجراء تعديل وزاري يرضي المحتجين ويدفع قدما بالعمل الحكومي، غير أنه اصطدم برفض لكافة الطروحات والمخارج من قبل عدد من الفرقاء السياسيين الرئيسيين، خاصة في ظل إصرار بعض القوى على عدم إجراء أي تعديل وزاري إلا بعد فتح الطرق والشوارع المغلقة من قبل المحتجين، حتى لو تطلب الأمر تدخلا أمنيا واستعمال القوة لفتح تلك الطرق، وهو الأمر الذي كان يرفضه الحريري بصورة قاطعة خشية تعرض المتظاهرين للأذى.
وتضم الحكومة المستقيلة 30 حقيبة وزارية، حيث جاء توزيع الحقائب الوزارية على القوى السياسية في الحكومة الجديدة على النحو التالي: حصة تيار المستقبل (رئيس الوزراء + 5 وزراء وهم ريا الحسن للداخلية (وزارة سيادية)، وجمال الجراح للإعلام، ومحمد شقير للاتصالات، وفيوليت الصفدي لشئون التمكين الاقتصادي للنساء والشباب، وعادل أفيوني للاستثمار والتكنولوجيا والأخير بالاتفاق مع كتلة رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي.
حصة حزب القوات اللبنانية (والتي استقال الوزراء الممثلون لها في 19 أكتوبر): غسان حاصباني نائبا لرئيس مجلس الوزراء (بدون حقيبة)، وكميل أبو سليمان للعمل، وريشار قيومجيان للشئون الاجتماعية، ومي شدياق للتنمية الإدارية.
حصة حركة أمل: علي حسن خليل للمالية (وزارة سيادية)، وحسن اللقيس للزراعة، ومحمد داود للثقافة.
حصة حزب الله: محمد فنيش للشباب والرياضة، وجميل جبق للصحة، ومحمود قماطي لشئون مجلس النواب.
حصة الحزب التقدمي الاشتراكي: أكرم شهيب للتربية والتعليم العالي، ووائل أبو فاعور للصناعة.
حصة تيار المردة: يوسف فنيانوس للأشغال والنقل.
حصة تكتل لبنان القوي والذي يضم (التيار الوطني الحر + حصة رئيس الجمهورية + حزب الطاشناق + الحزب الديمقراطي اللبناني): جبران باسيل للخارجية (وزارة سيادية)، وسليم جريصاتي لشئون رئاسة الجمهورية، وإلياس بو صعب للدفاع (وزارة سيادية)، وأوفاديس كيدانيان للسياحة، وألبرت سرحان للعدل، ومنصور بطيش للاقتصاد والتجارة، وفادي جريصاتي للبيئة، وغسان عطالله للمهجرين، وصالح الغريب لشئون النازحين، وندى البستاني للطاقة والمياه، إلى جانب الوزير السُنّي الممثل لكتلة اللقاء التشاوري (النواب الستة السُنّة حلفاء حزب الله) والذي تم توزيره من الحصة الرئاسية وهو حسن مراد لشئون التجارة الخارجية.