الخميس 03 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

لماذا يكرهوننا؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سؤال ربما يطرحه بعض “,”الإخوان“,” و“,”الإسلاميين“,” الحاكمين في مصر الآن على أنفسهم، لكنهم في الغالب لن يصلوا إلى الإجابة الصحيحة، شأنهم في ذلك - ويا لها من مصادفةٍ عجيبةٍ - شأن الأمريكيين، والأرجح أنهم يتجنبون تلك الإجابة عمدا، لأنها مؤلمة، ولأنها تتناقض مع هدفهم البعيد: إنشاء الدولة الدينية، وهدفهم المرحلي: السيطرة على “,”سلطات الدولة“,” ومفاصلها الأساسية في أسرع وقت ممكن، فيسقطون عن “,”وعي“,” أو “,”لا وعي“,” في أوهام المؤامرة التي تبرر لهم - في الوقت نفسه - توجههم الأساسي.
السؤال “,”لماذا يكرهوننا؟“,” طرحه الأمريكيون على أنفسهم بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وتجنبوا الإجابة الصحيحة عنه حتى الآن، وهي: سياساتهم المتحيزة ضد مصالح العرب والمسلمين، والتحالف مع إسرائيل وضمان تفوقها على العرب واحتلالها وقهرها للشعب الفلسطيني، والتحالف مع حكام ديكتاتوريين ضد شعوبهم، وشكلت الإجابات “,”غير الصحيحة“,” مسار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط طوال هذه الفترة.. أرجعت الولايات المتحدة نشأة “,”الإسلاميين المتشددين“,” وموقفهم العدائي ضدها إلى أنظمة الحكم الديكتاتورية في دول عربية وإسلامية، فاتجهت إلى ترويج “,”مشروع الديمقراطية“,” ودفع تلك الدول نحو التغيير، وبالتوازي حرصت أمريكا على ضرب الحركات الإسلامية المتشددة مباشرة في مناطق تمركزها في أفغانستان وحول العالم، مستغلة حالة الاستنفار ضد “,”الإسلاميين المتشددين“,” كنتيجة لأحداث 11 سبتمبر.
وفشلت الإجابات “,”غير الصحيحة“,” في معالجة المشكلة، وزادت حالة العداء لأمريكا في المنطقة العربية والإسلامية، فعادت للضغط من أجل التحالف مع “,”الإسلاميين المعتدلين“,” ليكونوا أداة في مواجهة المتشددين، وتصورت أن فتح المجال السياسي أمام قوى الإسلام السياسي “,”المعتدل“,” الذي ينبذ العنف يمكنه أن يحل المشكلة، وها هي تجرب الآن في مصر.
منذ 25 يناير 2011 لم تكن مشاعر عامة المصريين تجاه “,”الإخوان“,” سلبية حتى شهور قليلة ماضية، لكنها تنامت شيئا فشيئا، وبلغت ذروتها مع إراقة الدماء في 4/5 ديسمبر أمام قصر الاتحادية، حيث يقيم “,”رمزيا“,” الرئيس “,”الإخواني“,” محمد مرسي.
كان الإخوان في عيون عامة المصريين “,”أهل خير“,”.. أناس طيبون يقولون بما قاله الله والرسول.. أصحاب نوايا حسنة اضطهدهم نظام استبدادي، وضعهم في السجون وحرمهم من حياة طبيعية، لا لشيء إلا أنهم يدعون إلى الخير باسم الإسلام، دين غالبية المصريين.. هكذا كانت النظرة إليهم على بساطتها، وبغض النظر عن مدى صحتها من عدمه.
ثم مارس “,”الإخوان“,” و“,”الإسلاميون“,” ما أخرجهم - شيئا فشيئا- من هذه الدائرة.. كذبوا كما يكذب غيرهم من السياسيين، والتفوا وداروا وناوروا وامتنعوا عن اتخاذ مواقف مبدئية عندما كان يتعين عليهم أن يفعلوا عندما حدثت مواجهات بين “,”شباب الثوار“,” وقوات الأمن في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، وانتحوا جانباً وشقوا صف “,”القوى الوطنية“,” حين كان يتعين عليهم أن يتوحدوا معها، وبلغ كذب الإخوان “,”ومرشدهم العام“,” شخصيا حدا غير مسبوق، يمس جانبا إنسانياً لدى المصريين.. ففي ثقافتهم لا يصح بأي حال أن تكذب أمام الموت، ولا أن تستخدم “,”الشهداء“,” في ألاعيب السياسة، أن تنسب لنفسك “,”شهداء“,” زورا، وأن تدعي - كذبا ودون دليل موثوق- أنهم جميعا من بين صفوفك، وأن تحاول أن تنسب من ينتمي منهم إلى تيارات أخرى إلى فصيلك، بل وتحاول أن “,”تشتري“,” من أهل شهيد - أن يبيعوا لك- دم ابنهم بأن يقولوا لوسائل الإعلام إنه كان “,”إخوانياً“,”، بينما يعلن حلفاء إسلاميون أنصارٌ للإخوان على رءوس الأشهاد وفوق منصات في ميادين عامة في مشاهد بثتها فضائيات العالم أن “,”قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار“,”!
الآن وبعد “,”الاستفتاء على الدستور“,” الذي يراه كثير من المصريين “,”مسرحية هزلية“,”، بات الانطباع العام عن الإخوان والإسلاميين عموما أنهم مجرد “,”طلاب سلطة“,”، يمكرون ويخدعون ويُلبسون أهدافهم الخاصة خطاباً ساذجاً قديماً طالما استخدمه النظام السابق عن “,”أهمية الاستقرار“,” لتحقيق “,”مشروع النهضة“,”، فصدقت مقولات من كان يتشكك منذ البداية في نوايا و“,”قدرة“,” الإخوان على قيادة “,”جبهة سياسية وطنية“,” تتولى النهوض بالبلد بعد الثورة وتداعياتها الاقتصادية، وتحولت المشاعر السلبية إلى حالة من النقمة والغضب بل و“,”الكراهية“,” في أوساط العامة، يغذيها شعورٌ دفينٌ بأنهم كانوا ضحية لـ“,”الكذب والخداع“,”.