تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
بعد وجود أكثر من خمس دول لاعبة في المعضلة التى يعيشها الشرق الأوسط حاليا خاصة في سوريا وليبيا واليمن والعراق أصبح من الضرورى وجود ملعب آخر تختلف فيه أوراق اللعبة حتى يحدث التوازن المطلوب ويعود الاستقرار رويدا رويدا إلى منطقة الشرق الأوسط قبل أن تبعث منها شرارة الحرب العالمية الثالثة.
فلا يخفى على أحد أن الغاز والبترول هو السبب الرئيسى لطمع الدول الاستعمارية الكبرى سواء في سوريا أو مصر وحتى العراق وليبيا واليمن حيث كشفت الاستكشافات التى أجرتها بعض الشركات الكبرى وجود الغاز والبترول في سوريا باحتياطيات ضخمة جدا ونفس الشىء بالنسبة لمصر التى نجحت في ظل قيادتها الحكيمة في تأمين حقوقها من حقول الغاز في البحر المتوسط بالتعاون مع اليونان وقبرص، ثم قامت بإنشاء أسطول بحرى في البحرالأحمر لتأمين الاكتشافات القادمة وفى نفس الوقت تأمين الحدود البحرية من التصعيد والتهديد المتنامى من بعض الدول وفى مقدمتها إسرائيل في هذه المنطقة.
بينما دخل الأمريكان والإسرائيليون في لعبة قذرة مع تركيا للقفز على المقدرات السورية والسطو على ما تحتويه أرضها من خيرات واستخدام حجة تهديد الأكراد لتركيا لاحتلال الأجزاء التى تقع فيها الآبار الواعدة.. ولكى يكون الوجود الأمريكى الخبيث شرعيا على الأرض السورية تظاهروا بالدفاع عن الأكراد رغم أنهم تركوهم في مواجهة أردوغان بعض الوقت لإحباك التمثيلية.
ولأن روسيا تعرف قواعد اللعبة لم تزج بنفسها في الصراع بشكل مباشر وفضلت لعب دور الوسيط والمحافظة بشكل أساسى عن النظام السورى الذى يرتبط وجودها بوجوده.. وبدأت تتجه إلى مكان آخر واعد لايزال محدود الصراعات ولها فيه أصدقاء مثل الصين والهند.
من هنا كانت القمة الأفريقية الروسية والتى انطلقت في سوتشى بمشاركة أكثر من ٤٠ دولة أفريقية برئاسة مصر بصفتها رئيس الاتحاد الأفريقي هذا العام.
لكن هذه المرة يقوم التعاون بين القارة الأفريقية وأى دولة أو منظمة كبرى على الشراكة الحقيقية وتقاسم الموارد بدلا مما كان يحدث في السابق عندما استغل الاستعمار الموارد الأفريقية أسوأ استغلال.. فقيادة مصر للقارة السمراء خلقت لها إستراتيجية واضحة لتحقيق التنمية الشاملة والاستفادة من خيرات القارة عبر مكافحة الفساد وخلق شراكة حقيقية مع الدول التى تسعى بجدية لتحقيق هذه الشراكة.
فلم يكن قرار روسيا ببناء منطقة صناعية لها بقناة السويس قرارا عشوائيا بل بنى على دراسة جدوى واعية للاستفادة من السوق الأفريقية عبر التصدير له وكذلك التصدير إلى أوروبا مستفيدة من وجود مصر في اتفاقية التجارة الحرة والتى انضمت اليها روسيا في الفترة الأخيرة.
مثل هذه الأمور سوف تخلق الكثير من التوازن وتعيد إنشاء خريطة جديدة لعالم متعدد الأقطاب بدلا من عالم القطب الواحد الذى تسيطر عليه الولايات المتحدة حاليا.
ولأن كل الدراسات التى تقوم بها مراكز الأبحاث الكبرى في العالم تؤكد أن ثمة تغييرات جذرية سوف يشهدها العالم خلال العقدين القادمين باحتلال الصين قمة العالم الاقتصادى وظهور قوى جديدة منها الهند وأفريقيا والمكسيك بجانب اليابان وكوريا.. لذلك ينظر العالم وروسيا وأفريقيا على مؤتمر سوتشى نظرة متفحصة وقوية كونه سيمثل نقلة نوعية جديدة في عالم متعدد الأقطاب.
وتحاول دول مثل تركيا وإيران وإسرائيل أن تجد لها أدوارا جديدة عبر القفز على مقدرات بعض الدول كما هو الحال في سوريا التى كشفت الأبحاث التى بدأت في الستينيات أنها تعوم على بحيرة كبيرة من الغاز والبترول وبالتالى كانت لعبة استقطاع بعض من الأراضى السورية في الشمال الشرقى والتى تحفل بالآبار محل صراع خفى بين تركيا وأمريكا وإسرائيل وإيران وربما روسيا.. ناهيك عما يجرى في ليبيا والعراق واليمن!
ولأن مصر تمتلك قيادة واعية فقد نجحت في ترسيم الحدود مع قبرص واليونان وحافظت على حقوقها من الغاز بالبحر المتوسط وأيضا جار نفس الشىء في البحر الأحمر لتأمين الاكتشافات الكثيرة المنتظرة.. لتصبح مصر شوكة في حلق تركيا وإسرائيل خاصة بعد سيطرتها على البحر الأحمر عبر جزر تيران وصنافير والفرسان بأسطول بحرى قادر على حماية أمننا القومي.
الخبراء يتوقعون أن يشهد عام ٢٠٢٠ أحداثا كثيرة مثيرة قد تعصف ببعض الاقتصادات في العالم حيث ينتظر أن يحدث زلزال اقتصادي يفوق ما حدث عام ٢٠٠٨.. لذلك استعدت مصر جيدا لكل السيناريوهات القادمة والتى قد ترسم خريطة جديدة غير التى عليها عالم اليوم.