الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تركيا وإيران.. ومصائب العرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أصبحت المنطقة العربية أكثر مناطق العالم اضطرابًا واشتعالاً.. نتيجة ابتلاع الشعوب العربية طعم الديمراطية والحرية.. وانخداعهم بمسميات الربيع العربى وحقوق الإنسان.. وغيرها من المسميات الخادعة.. التى لعبوا بها فى عقول المغيبين.. الذين أشاعوا فى بلادهم الفوضى.. وأشعلوا فيها نيران الفتنة والشقاق.

هل تتذكرون التدخل الأمريكى فى العراق عام ٢٠٠٣؟.. ووعودهم للشعب العراقى بنشر الديمقراطية والحرية والرفاهية.. ١٦ عامًا مضت على ذلك العدوان.. أين الديمقراطية والحرية والرفاهية التى وعدوهم بها؟.. لقد دمروها وانسحبوا بعد أن بذروا بذور الفتنة والانقسام والعداوة بين الطوائف والمذاهب والأعراق المكونة للنسيج العراقي.. ولن يعود العراق كما عهدناه من قبل موحد ومستقر ومزدهر.

وليبيا التى هبت من أجل الديمقراطية.. أصبحت مرتعًا للاقتتال والتناحر والإرهاب.. هل ستعود ليبيا كما كانت موحدة وآمنة؟.. والسودان أول الدول العربية التى تغيرت خريطتها باستقطاع جزء عزيز وغال منها وهو الجنوب.. هل ارتاح الجنوبيون بعد الانفصال.. وعاشوا فى نعيم الانفصال؟ لقد أصبح السودان فى مهب الريح.. حتى إن بعض المرتزقة أعلنوا قيام مملكة مستقلة على أرضه وأطلقوا عليها اسم مملكة الجبل الأصفر.. ولم نسمع الإخوة السودانيين يعترضون كما اعترضوا «أثناء حكم البشير» على سيادة مصر على قطعة من أرضه وهى مثلث حلايب وشلاتين وافتعلوا المشكلات مع مصر.. ليهربوا من مشكلاتهم الداخلية.

وسوريا التى حاول شعبها تقليد باقى الشعوب العربية بالثورة على النظام الحاكم.. فتقطعت أوصالها وتشتت شملها.

واليمن السعيد.. الذى أصبح تعيسًا وممزقًا.. وفلسطين المحتلة.. التي ضاعت قضيتها.. بانشغال أشقائها العرب عنها.. كل مشغول بمصيبته.. وأخيرًا لبنان.. ذلك الجزء الصغير الذي تم اقتطاعه من سوريا الكبرى.. والذى حمل منذ اقتطاعه كل بذور الفتنة والشقاق.. بين مكوناته من موارنة وسنة وشيعة ودروز.

لقد استغل أصحاب المصالح والمطامع.. نقاط ضعف شعوبنا وخلافاتنا المذهبية والطائفية والعرقية.. والتى صنعوها هم عند تقسيمهم تركة رجل أوروبا المريض «الدولة العثمانية».. أثاروا الفوضى وأشعلوا الفتنة بين فئات الشعب الواحد.. حتى أصبحت كل شعوب المنطقة العربية تئن من الاضطراب وعدم الاستقرار.

وزاد من مأساة الشعوب العربية.. وجود أحفاد الفرس والعثمانيين على أطراف منطقتنا.. وتربصهم بأمتنا العربية.. ليظهروا أحقادهم الدفينة.. ويتدخلوا بشكل سافر فى بلداننا.. حتى أصبح كل من إيران وتركيا سببًا فى كل المخاطر التى تحيق بأمتنا العربية.. فإيران تتدخل بشكل سافر فى منطقة الخليج العربي وتهدد أمنها.. وتدعم الحوثيين الشيعة فى اليمن.. التى مزقها الاقتتال ودمر بنيتها التحتية. وفى العراق مازالت إيران سببًا فى كل المصائب هناك.. وفى لبنان تدعم ميليشيات حسن نصرالله وحركة أمل الشيعية.. وفى سوريا تتبنى النظام الحاكم وتدعمه.

أما تركيا والتى تحاول استعادة مجدها الضائع.. على حساب استقرار منطقتنا العربية وتكوين الإمبراطورية العثمانية من جديد.. فإنها تتدخل بشكل وقح فى شئون بعض الدول العربية.. وتعادى البعض الآخر.. وعندما وقفت قطر ضد أشقائها العرب.. كان أردوغان داعمًا لقطر وأرسل إليها قوات تركية لتحميها.. كما أن أردوغان الذى يتشدق بالإسلام وحمايته.. من أكبر حلفاء الكيان الصهيوني المغتصب لأرضنا العربية.

وبعد عدوان أردوغان الغادر على الشمال السوري.. عاد داعش وحليفاته من الجماعات الإرهابية تطل برأسها من جديد.. فبعد أن قضت سوريا والعراق على جيوب هؤلاء الإرهابيين.. وحطمت أوكارهم.. عادوا للظهور مجددًا فى ظل الفوضى التى عمت منطقة الاقتتال.. خاصة بعد فرار وتحرر آلاف السجناء التابعين لداعش من السجون الكردية.. وانتشارهم وتجمعهم من جديد.. ليثيروا القلق والاضطراب في المنطقة.

إن ما يحدث فى شمال المنطقة العربية وجنوبها.. شرقها وغربها.. هو محاولة لتغيير خريطتها وإعادة تقسيمها وتفتيتها.. لتحقيق أطماع استعمارية ما زالت راسخة في نفوس الغرب وحماية للكيان الصهيوني الذي زرعوه في منطقتنا.. ليكون خنجرًا فى قلبها.. والذى لم تر المنطقة استقرارًا وأمنًا منذ قيام هذا الكيان الغاصب وسط الدول العربية.

وعلينا نحن المصريين.. فى ظل ما يحدث حولنا.. أن ندرك حجم المخاطر التى تحيط بنا.. وأن نعمل على تجنبها.. بأن يؤدى صاحب كل عمل عمله بإتقان وضمير.. وأن يضع مصلحة البلاد العليا.. فوق مصلحته الشخصية ومطالبه الخاصة إلى أن تمضى هذه الرياح الخبيثة.. ونفوت الفرصة على أعدائنا ونكون قد حفظنا وطننا.. وحافظنا على أنفسنا.