ناصب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، العداء للعديد من الدول العربية نظرًا لعدم تماهيها مع تنظيمات الإسلام السياسي أو وقوفها أمام مشروعها الداعي والداعم للفوضى، وهو ما دفع إلى ممارسة ضغوط ممنهجة على هذه الدول من قبل النظام السياسي في تركيا من خلال المعارضة التي احتضنها على أراضيه، أدواته في ذلك المنصات الإعلامية المنتشرة على أراضيه والتي يدعمها بالمال التركي فضلًا عن الأموال التي يضخها الأمريكان وغيرهم من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية.
جريمة أردوغان لا يمكن حصرها في بعض القنوات الفضائية التي انطلقت من تركيا وليس أيضًا في لغة التحريض التي تبثها هذه الفضائيات ليل نهار، وهنا نتحدث عن تحريض على القتل، فليست مجرد خصومة سياسية يمكن تفهمها؛ وإنما مشروع قائم على الهدم ولو بالدم وهو كذلك.
في المقابل لا تجد الدول التي يواجهها أردوغان بهذا المشروع ترد عليه بالمثل من خلال احتضان المعارضة التركية على أراضيها أو السماح لها بمنصات إعلامية على الأقل للكشف عن سياساته الفاسدة وشعاراته المضللة، قد تكون الدول المتضررة من سياسة أردوغان العدائية تتعامل بمبدأ قيمي، تعارضه وجهًا لوجه دون وسيط، ولكن عالم السياسة يفرض التعامل بكافة الأدوات السياسية طالما كانت مشروعة من أجل الردع.
المنصات الإعلامية التي انطلقت ومازالت في تركيا مثل (مكملين والشرق) وغيرهما ممن انطلقت من إسطنبول تحرض على العنف والقتل وسط عشرات البرامج والتغطيات والبرامج الحوارية، ويكاد يتركز خطابها في محاولة إسقاط الدولة بأي صورة، فالإخوان المسلمون يعتقدون أنه غُدر بهم وأن منصب رئيس الجمهورية من حقهم، ولذلك يحاولون العودة لمنصبه بأي ثمن وعلى أي طريقة حتى ولو كان على جثة الوطن.
ولذلك من المهم السماح للمعارضة التركية بتدشين فضائيات له، تكون لسان حالها وتعبر من خلالها عن نفسها، وفي نفس الوقت تكشف وجه أردوغان القبيح، والأهم من هذا وذاك هو التعامل مع نظام أردوغان بالمثل، وهذه طريقة ردع تفهمها الأنظمة السياسية المتسلطة أو ذات الوصاية على الآخرين.
من أهم ما طرحته القنوات الفضائيات التي تُطلق بثها من إسطنبول تأصيل فكرة العنف من خلال ما طرحه د. مجدي شلش عضو اللجنة الإدارية العليا للإخوان، والذي عرض بشيء من التفصيل البحث الشرعي الذي أقرته جماعة الإخوان المسلمين من خلال اللجنة الشرعية التي انعقدت 6 أشهر لهذا السبب، العنف وانشئت في سبيل ذلك لجانًا نوعية وعلى خلفيتها ظهرت حركة ما يُسمى سواعد مصر.. حسم و لواء الثورة وغيرهما من التنظيمات المتطرفة.
نعت هذه القنوات الرجل الأول في الإخوان المسلمين د. محمد كمال، الذي أنشأ اللجان النوعية وهندل صفوف شباب الجماعة في معسكرات العنف التي أنشأوها في مصر وتم إدارتها من تركيا، وشرحوا كل أفكاره الداعية لذلك على شاشة هذه القنوات، وللمفارقة كانوا يدعون لاستخدام العنف ثم يخرجون مدعين أنهم ضد العنف، ولذلك خطر هذه الفضائيات لا يقل بحال عن خطر من يمارسون العنف، فهي صوت البارود والطلقات ومن خلال تقوم الجماعة بالدعاية لأفكارهم غير السوية بطبيعة الحال.
تستضيف تركيا على أراضيها قيادات وأمراء التنظيمات المتطرفة الذين يُسيرون العمل المسلح في مصر، في الوقت الذي تجد فيه المعارضة السلمية لأردوغان في مصر معاناة في تجديد الإقامة أو جوازات السفر، وهنا فقد هؤلاء المعارضين التعامل بالمثل، فممثل الإخوان المسلمين في تركيا باتصال هاتفي يذلل أي عقبات في أي مؤسسة حكومية في تركيا لأعضاء الجماعة المقيمين في تركيا.
مواجهة مشروع أردوغان ليس أمرًا سهلًا ولكن واجب، صحيح لن يتم استخدام نفس الأدوات ولكن من المهم أن تكون هناك حالة ردع للمشروع التخريبي في المنطقة والذي يهدف لزراعة تنظيمات الإسلام السياسي في كل مكان من خلال أردوغان، وهنا يجب النظر إلى المعارضة التركية في مصر بصورة مختلفة عما هي عليه الآن واستغلال وجودها لسببين أولهما حق هذه المعارضة في الوقوف أمام نظام فاشي يمثله أردوغان، الذي قمعها ومازال يمارس دوره في قمعها وثانيهما، التعامل معه بالمثل.. وللقصة بقية.