انتهت أزمة ذلك المقاول الإسماعيلاوى الذى اختطفه مسلحون، بينما كان جالسا على مقهى شهير في المدينة.. غاب أكثر من يومين وهو في يد مختطفيه.. تحرك جهاز الأمن بكل قوته ونجح في تحريره من داخل مزرعة قريبة من دمياط، بهذه السطور المقتضبة كانت حكاية الخطف والتحرير.
وبينما كانت الأجهزة الأمنية تتحرك بكل سرعة واحترافية كانت المدينة كلها تتحدث عن تلك الواقعة، التى تشبه عمليات المافيا وشيكاغو والعصابات المنظمة.. وطالما تحدثت المدينة فإن سكوتها ليس بالأمر اليسير، ولكنه يحتاج إلى شفافية ومصارحة.
أن تحدث تلك الجريمة في الإسماعيلية بالتحديد، وهى المعروف عنها حسها الحضارى وعمقها كمدينة حديثة لها تراثها الراقى المتمدن، يجعلنا نتوقف كثير لما هو أبعد من مجرد حادثة اختطاف مقاول كبير صاحب ثروة مليونية، حتى إن بعض الشائعات تحكى عن اقتراب ثروته إلى مليار جنيه.. ونحن هنا لسنا بصدد الكتابة عن أرصدته وأملاكه ولكننا نتساءل كما تساءل الناس فترة اختطافه.. كيف تكونت تلك الثروات في مدينة معروفة بأن اقتصادها الأساسى هو اقتصاد الموظفين بالدولة ما بين عمال بهيئة قناة السويس أو شركات الاستثمار أو صغار المزارعين أصحاب الحيازات القزمية؟
والإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى أجهزة لها سلطة البحث والتفتيش واتخاذ القرار المناسب.. وإن كان لنا تفسير عام لتضخم الثروات في العشرين سنة الماضية فلا نجد إلا بوابة الفساد وتجارة الأراضى وترهل الجهاز الحكومى وتحالف صاحب القرار مع أصحاب الأموال، حيث تشوهت المدينة بظاهرة بناء الأبراج السكنية دون مراعاة لقدرة استيعاب الشوارع ولا الانتباه إلى محدودية شبكات المرافق من صرف لكهرباء لمياه وغيرهم.. ذلك التشوه كان جريمة منظمة وعدوان على مدنية المدينة بشكل لا يقارن بالعدوان الإسرائيلى على مدينتنا الباسلة.
لذلك من الخطورة الصمت على ما حدث.. ومن الخطأ عدم اتخاذ الإجراءات الوقائية لمعالجة ذلك مستقبلا.. ولا شك أنه سيكون رائعا لو فتحت الأجهزة الرقابية باب المحاسبة القانونية لكل من ساهم في ذلك التشوه العمرانى وأنتج مليونيرات الخرسانة والطوب الأحمر، ومن بينهم المقاول المخطوف أشرف النادي.
لقد التزمت الصمت فترة اختطافه وأعتقد أنه كان صمتا مؤدبا مقدرا للجهد الذى تبذله الأجهزة الأمنية وكنت على علم به.. بل وطالبت بمضاعفة هذا الجهد لضرب البلطجة التى فاقت في جريمتها كل الجرائم، والتى وصل بها الحال لاختطاف رجل من على مقهى.. ومع نجاح مجهودات وزارة الداخلية وتحرير أشرف النادى وهو ما أسعدنا كثيرا.. إلا أن ذلك المقاول خرج علينا بفيديو قصير عقب تحريره ليقول لنا ما معناه أن مصر بخير وأنها آمنة وأن اختطافه جاء في سياق المحاولات المتكررة للنيل من أمن مصر.
هنا بالتحديد نقول له لا داعى لخلط الأوراق.. ملفات مصر الأمنية والمخاطر التى تواجهها معروفة بالكلمة والسطر من ملف الإرهاب إلى فساد موظفى الأحياء وليس من بينها ملف اختطافك.. وإذا رجعت الإسماعيلية بالذاكرة إلى سنوات قليلة ماضية سوف نجد في صفحة بارزة من تلك الذاكرة واقعة اختطاف مقاول آخر وهو رجل أعمال برز في السنوات العشرين الماضية وتم تحريره أيضا، وقد قيل في حينها أن تحريره تم بعد دفع فدية قدرها البعض بعشرة ملايين من الجنيهات.. وبغض النظر عن تصديه الآن لعمل حزبى وسياسي.. إلا أن ملف المليونيرات الجدد في حاجة إلى مراجعة.. والرأى العام في الإسماعيلية من حقه أن يستمع إلى إجابة على سؤال واحد.. وهو.. من أين لكم هذا؟