«تركى بجم» تلك هى عنوان القصيدة التى كتبها صلاح جاهين، وغناها سيد مكاوى بعد الأزمة السورية التركية التى اندلعت فى أغسطس ١٩٥٧، وهددت وقتها أنقرة باحتلال دمشق واجتياح سوريا عسكريًا.
ما يحدث الآن من احتلال خسيس للأراضى السورية من قبل تركيا ما هو إلا تنفيذ لهدف قررته منذ ٦٢ عامًا، ولكنه فشل سابقًا، ومن أهم أسباب فشل أنقرة وقتها هو مساعده وجهود مصر، فقد قامت مصر وقتها بإرسال قوات على الحدود السوريا التركية لحماية الأراضى السورية، وهدد خروتشوف وقتها بضرب تركيا بالصواريخ إذا قامت باجتياح عسكرى لسوريا، ولم تستطع وقتها تركيا اجتياح الأراضى السورية، وفشلت أنقرة وقتها لكنها ظلت تعمل من أجل هذا اليوم الذى نعيشه الآن.
قامت تركيا بضم أراض واسعة من الأراضى السورية، بدعم من الانتداب الفرنسى عام ١٩٣٨، وبعد استقلال سوريا عام ١٩٤٦ اتجهت أغلب حكومات سوريا إلى الاشتراكية واليسارية والتحالف مع السوفييت، بخلاف تركيا التى كانت حليفًا لأمريكا، وفى خلال فترة الحرب الباردة، وبالأخص فى ١٨ أغسطس ١٩٥٧، تم تعيين العقيد عفيف البزرى رئيسًا لأركان الجيش السورى، فكان قرارًا استفزازيًا لأمريكا باعتبار العقيد متعاطف مع السوفييت، وأصبح هناك تخوف من سيطرة الشيوعية على الشرق الأوسط خاصة بعد قرب سوريا من مصر وزعيمها جمال عبد الناصر.
قررت وقتها أمريكا استخدام تركيا كأداة لاحتلال دمشق وإسقاط النظام السورى بالتعاون مع «حلف بغداد» والذى كان يضم وقتها «إيران، باكستان، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة»، أما العراق فقد انسحبت من هذا الحلف بعد ثورة عام ١٩٥٨، وكانت أمريكا هى صاحبة فكرة تأسيس هذا الحلف لمواجهة السوفييت، ورفضت سوريا منذ البداية الانضمام لهذا الحلف. واستطاعت تركيا نشر آلاف الجنود على طول الحدود السورية التركية، وقدرت القوات بخمسين ألف جندى وخمسمائة دبابة ومدافع سريعة الطلقات وطائرات. ثم جاءت الوحدة بين مصر وسوريا؛ فقد زار القاهرة وفد عسكرى سورى التقى الزعيم جمال عبد الناصر طالبا منه الوحدة، واجتمع مجلس النواب السورى والمصرى فى جلسة مشتركة وأصدرا بيانًا لإعلان الاتحاد بين الدولتين تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، كانت الوحدة كالزلزال والصاعقة على أنقرة وظلت تتآمر على مصر وسوريا لإفشال الوحدة.
ففشلت أنقرة بسبب الوحدة المصرية السورية، لم تكن الوحدة بسبب أطماع من عبد الناصر فى الزعامة أو السيطرة، كما يزعم البعض من المصابين بقَصر النظر، لكنه كان يواجه حربًا ضد تركيا وحلفائها، وكان يدرك أن سقوط سوريا تعنى سقوط مصر، وانتهت الأزمة فى أواخر أكتوبر، عندما قامت تركيا بوقف عملياتها الحدودية، واجهنا العدو بوحدتنا فانتصرنا وأفشلنا مخططه.
ظلت سوريا طيلة العصور الماضية تواجه المؤامرات والأزمات من قبل تركيا، بمعاونة إسرائيل، فكانت سوريا دائمًا بين أسنان فك شرس «تركيا وإسرائيل»، فقد وصل الأمر فى تسعينيات القرن العشرين، بإنشاء تركيا لسدود كبرى على نهر الفرات، وحجزت الحصة الأكبر من المياه، وحجزت مياه نهر الخابور كاملا حتى جف، واندلعت الأزمة مرة أخرى عام ١٩٩٨، وهددت أنقرة باجتياح عسكرى لسوريا بحجة دعم سوريا لحزب العمال الكردستانى، وعبدالله أوغلان، وتدخل وقتها الرئيس محمد حسنى مبارك واستطاعت مصر مرة أخرى إنقاذ سوريا ومنطقة الشرق الأوسط من حرب قد تندلع وأراضى عربية كادت أن تحتل، وتم وقتها الاتفاق على «اتفاقية أضنة» تلك الاتفاقية التى كانت علاجا مؤقتًا وحلًا.
ستظل مصر وسوريا دولة واحدة وشعبا واحدا، إن لم نقف بجانب سوريا سيأتى يوم ما لن نستطيع مواجهة دولة الشيطان «تركيا»، وعلينا الضغط لعودة مقعد سوريا فى جامعة الدول العربية ومقاطعة شاملة لكل ما هو تركى، ووقف إصدار تأشيرات دخول الأراضى التركية، وعلى الشعب السورى أن يتحد فوحدة الشعب هو الحل لتلك الأزمة، ومن القاهرة هنا دمشق