الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا هذا يا عرب؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العروبة والقومية العربية كلمتان قد أصبحتا غريبتين على الأذن العربية نتيجة انتشار معلومات كاذبة وغير صحيحة من جانب من يأخذون موقفًا سياسيًا أو دينيًا من العروبة والقومية العربية،فالعروبة تُنسب إلى اللغة العربية والى الذين يتحدثون هذه اللغة حتى ولو كانوا يتحدثون لغات أخرى قبلها، والعربية لغة يعتز بها كل مسلم حيث إن القرآن الكريم نزل عربيًا بلغة عربية إعجازية، أما القومية العربية فتعنى تجمعا عربيا في مواجهة استعمار واستبداد واستغلال تلك الدولة التركية التى كانت تستعمر المنطقة ومصر من 1517 تحت زعم ديني إسلامي كاذب وهو ما يسمى بالخلافة العثمانية، وقد كانت فكرة القومية العربية بنت أفكار مفكرين عرب من الشام لمواجهة فكرة التتريك العثمانية، وكان من أهم رموز هذه الفكرة عرب مسيحيون ليس من منطلق دينى لمواجهة دولة تدعى الإسلام ولكن من منطلق انتماء وطنى وانتماء للعروبة والعربية يسبق الانتماء الديني، والأهم أن فكرة العروبة والقومية العربية والسابقة على ثورة 23 يوليو 1952 كانت قد تجسدت على أرض الواقع عن طريق إيمان عبد الناصر بالفكرة بل لأن التحديات الدولية والإقليمية حين ذاك أظهرت ووضعت الفكرة في إطار الضروريات لمواجهة الاستعمار الذى كان يستعمر المنطقة بعد سايكس بيكو وبعد احتلال الدولة الصهيونية لفلسطين وتهديد هذه الدولة المغتصبة للعرب والعروبة، ولذا وبكل وضوح فالقومية العربية كانت ولا تزال ترتبط بمصر وبثورة يوليو قلبًا وقالبًا، وذلك لأن يوليو كانت قد أدركت أن القومية العربية بل التوحد العربى حالة حياتية وفعلا سياسيا جسدته الجغرافيا وعمقه التاريخ وحماه الدين الإسلامى وعززته العادات والتقاليد وأكده المصير الواحد الذى يجمع العرب ومنطقتهم خيرًا أو شرًا، فما كان استعمارى غربى أو شرقى إلا واستهدف العرب ومنطقتهم بلا استثناء، وهذا يعنى أن أُسس ومرتكزات القومية العربية موجودة بين العرب ودولهم، ولهذا كانت زرع دولة إسرائيل في فلسطين حتى تكون مخلب الاستعمار الذى يعتمد على تجزئة العالم العربى شرقًا وغربًا، وما كل المؤامرات الاستعمارية قديمًا وحديثًا من الحملات الاستعمارية إلى المؤامرات الصهيونية والأمريكية حتى 1983 إلا لتقسيم المنطقة على أسس طائفية مع إسقاط العروبة والقومية العربية، فكل من يرى هذه القومية ضد مصالحه وضد رغباته فهو يسعى جاهدًا ليس لإسقاطها فقط ولكن إلى تشويه الفكرة ومحاربتها بالرغم من غيابها الآن على أرض الواقع العربي. فالغرب الطامع في المنطقة وخيراتها وموقعها تستتب مصالحه بإسقاط القومية، وإذا كان الإخوان وكل تيارات الإسلام السياسى ضد الفكرة لأنها هى البديل الطبيعى لفكرتهم وحلمهم بإقامة خلافتهم الإسلامية بل سعيهم لإعادة الدولة العثمانية. هنا فما هى مصلحة العرب شعوبًا ودولًا وأنظمة في ذلك؟ بالطبع نحن لا نستطيع إسقاط الزمن ولا تجاهل المتغيرات العربية والاقليمية والدولية حتى نقول بإعادة القومية العربية بصورتها وممارستها السابقة، فهذا يتنافى مع إمكانية التعامل مع الواقع بهدف تغييره للأفضل، ولكن نقول إذا كانت أوروبا وهى دول تختلف في لغتها وتتباين في جنسياتها بل هى تلك الدول التى تحاربت بصورة لم تحدث في التاريخ، ويكفى ذكر الحربين العالميتين الأولى والثانية وما سقط فيهم من ضحايا، ومع ذلك يوجد الآن الاتحاد الأوروبى الذى يضم ثمانى وعشرين دولة، وإذا كان الواقع العالمى الآن يسعى ويسيطر عن طريق التكتلات الكبيرة بل إن استغلال الدول الكبرى للعولمة كان طريقًا لمزيد من الاستغلال الذى اتخذ صورة مُحسنة، فلماذا نحن العرب الآن هكذا؟! وكيف نرى ما يحدث ونتخذ موقف المتفرج؟! تضيع سوريا واليمن وليبيا وتجتاح المشكلات العراق ولبنان!، كيف نظل هكذا ونحن نرى كل القوى العالمية تحكم وتتحكم وتتدخل وتدخل في قضايانا ونحن خارج حلبة النقاش والحوار، حتى أن قضايا العرب الآن يناقشها الجميع عدا العرب، وبالطبع نتيجة لهذا الواقع المؤلم نرى تدخل القوى الإقليمية الأخرى في المنطقة، «إيران، تركيا» إضافة لأمريكا حامية إسرائيل ومصالحها، تفعل ما تريد في المنطقة، فإيران تفتخر بأنها تدير الأمور في اليمن ولبنان والعراق.. وتركيا تدخل في ليبيا لمحاصرة الحدود الغربية لمصر وتسعى إلى التواجد في البحر الأحمر وتتحدى في البحر المتوسط بل تساند إثيوبيا لمحاصرة مصر ونظامها في قضية سد النهضة، ولذا طبيعيًا أن تدخل تركيا إلى سوريا لتحتل أراضيها بحجة حماية تركيا من الأكراد، وبالطبع ولغياب الفعل العربى على كل المستويات نرى ذلك التواطؤ الدولى لكل القوة مع تركيا حفاظًا على المصالح المتبادلة والمشتركة بينهم، ومصر بمكانتها وتاريخها ودورها العروبى الدائم لا تتدخل في شئون الغير وتؤمن بحل كل المشكلات سياسيًا بل ومنذ اللحظة الأولى وهى مع الشرعية السورية ومع قرار الشعب السورى الذى يفعل ما يريد، فلم تنحاز مصر إلى فصيل ضد آخر في كل مشكلات المنطقة إلا بهدف الحلول السياسية.
ولذا آن الأوان أن يسترد العرب دورهم وأن يحافظوا على بلادهم وتاريخهم لأن الواقع الآن يقول الدور قادم على الجميع لأن المستهدف الجميع بلا استثناء، فلا نقف عند توصيات الجامعة العربية ولا اجتماعات مجلس الأمن بل لا بد من موقف عربى موحد ضد تركيا أقلّه مقاطعتها اقتصاديًا وفورًا ومواجهتها دبلوماسيًا وإذا لزم الأمر عسكريا. والله الموفق لما فيه الخير لمصر والعروبة.