السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حكاية تأسيس الجيش المصري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• بعد 26 احتلالا منعت المصريين من «دخول الجيش» ومن «امتلاك الأرض» على مدى أكثر من ٢٧٢٢ عامًا دخل المصريون الجيش في العام ١٨٢٣ إبان حكم محمد على باشا، الذى بدأ في العام ١٨٠٥ وانتهى في العام ١٨٤٨.
• ففى العام ١٨٢٠ قرر الباشا محمد على تأسيس جيش نظامى بعيدًا عن جنوده من المرتزقه الأتراك.
• حيث كلف الكولونيل الفرنسى «سيف» بتأسيس الجيش، والذى عرف فيما بعد بـ«سليمان باشا الفرنساوى». 
• وفى العام ١٨٢٩ قرر الباشا تأسيس الأسطول، حيث كلف المهندس الفرنسى «دى سيزى» بتأسيس دار الصناعة البحرية.
• يقول كلوت بك ناظر مدرسة الطب في كتابه حول مصر «وكما كان لمصر جيش غير نظامى قبل مسيو سيف كان لها بحرية غير نظامية قبل مسيو دى سيزي».
• بدأت الحكاية ضد الباشا الذى ولاه المصريون حاكما لمصر بتمردين من قبل جنوده المرتزقة الأتراك وكادوا أن يقتلوه مرة في العام ١٨٠٧ وأخرى في العام ١٨١٥، حيث فر الباشا هاربًا من قصره في الأزبكية إلى قصره في القلعة ليلا بعد أن أخبره أحد قواده «عابدين بك» بما سيحدث له.
• كان الباشا قد رأى بأم عينه سبعة ولاه يتساقطون في أربع سنوات فقط، وعاش تفاصيل درامية رصدها بنفسه لثورة الجنود المرتزقة على الولاة.
• ١٨٠١/١٨٠٢ «ناصح باشا، كشك باشا»
• ١٨٠٣ «خسروا باشا / طاهر باشا / أحمد باشا»
• ١٨٠٤ «على الجزايرلى باشا / خورشيد باشا» 
• أدرك الباشا اللواء تلك الدائرة الجهنمية بين الوالى والمرتزقة الأتراك والفلاحين المصريين. 
• كان هناك دائمًا احتمالان، إما أن ينجح الوالى في جمع الضرائب ويرهق كاهل الفلاحين، فيدفع مرتبات الجند ويثور عليه الفلاحون، أو يكف عن فرض الضرائب فيرضى عنه الفلاحون ويقتله الجنود المرتزقة أو يسجنوه في القلعة لعجزه عن الوفاء برواتبهم وعطاياهم!!
• دفع ذلك الباشا الذى ظل يراقب الواقع بدقة إلى بناء جيش وطنى نظامي، ولأنه كان مدركا أن إنشاء جيش وإسطول يحتاج إلى موازنة ضخمة فقرر إلغاء الالتزام عام ١٨١٤ ومصادرة عقود الأراضى الزراعية، التى يضع الملتزمون أيديهم عليها، وبفكرة خبيثة ادعى عبرها جمعها من الملتزمين الأتراك وغيرهم لمراجعتها ثم أحرقها على الفور، وضع يده على أراضى الدولة وأراضى الوقف وفرض الضرائب على الوسايا التى كانت مخصصة للملتزمين ودخل في شراكة مباشرة مع الفلاح المصري، أعطاه كل متطلباته للزراعة وجعل من النيل «أنيلة عديدة» وشق الترع والقنوات، وربحت الميزانية أموالا طائلة فتمكن من بناء اقوى جيش وأسطول في ذلك الزمان في تاريخ البلاد. 
• بدأ محمد على عام ١٨٢٠ بإنشاء المدرسة الحربية في أسوان وبتجنيد بعض مماليكه واستقدم العبيد من السودان ولكن فشلت التجربة ومات معظم العبيد. 
• وفى العام ١٨٢٣ فكر الباشا في تجنيد المصريين لأول مرة لكنه خشى على الزراعة فأرسل الكشافين ليميزوا بين من يعمل بالزراعة ومن لا يعمل، ونجح الباشا في تجميع أول ٤ آلاف مصرى وتدريبهم عاما ونصف وفى يونيو ١٨٢٤ تم تخريجهم فاغتبط الباشا وأمر بعرض عسكرى كبير لهم وإنزالهم إلى القاهرة وأنشأ معسكرا عاما للجيش بالخانكة وأبو زعبل، وأنشأ مدرسة الموسيقى عام ٢٤ ومدرسة قصر العينى التجهيزية ومدرسة أركان الحرب بالخانكة ومدرسة البحرية بالإسكندرية عام ٢٥ ومدرسة الطب العسكرى عام ٢٧ وفى العام ١٨٢٩ أنشأ الباشا دار الصناعة برياسة الفرنسى مسيو دى سريزى وفى العام ١٨٣١ أنشأ مدرسة المدفعية بطرة، وأنشأ ترسانة القلعة وتضم مصانع السلاح والمدافع ويعمل بها ٩٠٠ عامل مثبتون، وآخرون باليومية وينتجون ٦٥٠ بندقية في الشهر تتكلف الواحدة ١٢ قرشًا، وأنشأ مصنع البنادق في القلعة ويعمل به ١٢٠٠ عامل يصنعون ٩٠٠ بندقية في الشهر تتكلف الواحدة ٤٠ قرشًا وأقام معامل البارود في القاهرة والبدرشين والفيوم وأهناس والطرانة لإنتاج ١٥ قنطار بارود سنويًا، وبنى القلاع والاستحكامات وعهد إلى الفرنسى المسيو (جليس) بالإشراف على بنائها وتجهيزها في القاهرة والإسكندرية وأبوقير والبرلس ورشيد ودمياط وأنشأ دار صناعة السفن في بولاق ثم السويس ثم الخرطوم ثم الإسكندرية.
• وفى عام ٣١ أنتجت دار الصناعة أول سفينة عملاقة تحمل ١٠٠ مدفع، كما قرر الباشا الهيكل التنظيمى للجيش وعين إبراهيم باشا ابنه قائدا عاما له، كما عين محمد بك لاظوغلى ناظرا للجهادية وقسم الجيش إلى فرق ولواءات وأورطات وسرايا، حتى بلغ تعداد الجيش عام ٣٩ «٢٧٦» ألف من الضباط والجنود وعمال المصانع الحربية.
• «٨ فرق» ضمت ٣٠ آلاى للمشاة و٢٠ آلاى للفرسان و٣ آلاى للمدفعية و٤ أورطات «كتايب» لسلاح المهندسين وبلغت نفقاته «٧٥٤ ألف جنيه» عام ٣٧، حيث كانت ميزانية مصر ٢،٥ مليون جنيه. 
• بدأت الرواتب بـ١٥ قرشا للعسكرى نفر و٣٠ قرشا للشاويش و٦٠ قرشا للصول و٢،٥ جنيه للضابط الملازم ثانى و٣،٥ جنيه للملازم أول واليوزباشى ٥ جنيهات و١٢ جنيها للصاغ، بومباشى ٢٥ جنيها، قائمقام ٣٠ جنيها و٨٠ جنيها للميرالاى و١١٠ للواء وانتهت ب ١٢٥ جنيها للفريق قائد الألوية. 
• كان معنى الوطن قد غاب لدى المصريين مع طول التبعية العثمانلية واعتقد المصريون أنهم مجرد رعايا للسلطان العثمانى «خليفة المسلمين» وغاب معنى الوطن، وهو ما جعل حلم الباشا يواجه الصعاب، مر الباشا بصعاب عديدة إبان قراره بالتجنيد الإجبارى للمصريين في أول الأمر، فهم لايفهمون عن أى شيء، وبعضهم ظنوا أنهم سيصبحون جنود الباشا وليسوا جنود الوطن، فاعتقدوا أن الجندية من أعمال السخرة، فحدث تمرد شعبى وثورة في الصعيد والمنوفية وبعض بلدان الدلتا من الأهالى ضد الباشا، وهجر المصريون القرى خوفًا من حضور ضباط التجنيد ثم ضاقت بهم السبل، فقطعوا أصابع ذويهم وفقأوا أعينهم وخلعوا أسنانهم الأمامية، وفشل كل ذلك مع الباشا، الذى قبض على ذويهم وأدخل المشوهين والمعاقين إلى الجيش، وخصص لهم كتيبة تضمهم، فلجئوا للهروب من المعسكرات،
• لكن معالجات الباشا للموضوع واهتمامه بنظافتهم وذيهم وطعامهم بنفسه ومكافآتهم الشهرية وإعطائهم المواد التموينية إلى ذويهم أنهى الموضوع.
• وفى العام ١٨٣٩ كان الجيش المصرى هو أقوى جيوش المنطقة وأقوى من جيش الخلافة نفسه، وكان الأسطول المصرى هو الأقوى بعد إنجلترا وفرنسا وروسيا.
• انتصر الجيش المصرى في جميع معاركه وشارك في معارك دولية عالمية ضخمة وهزم جيش الخلافة العثمانية نفسه واحتل المصريون الأناضول واستغاث العثمانيون بإنجلترا وفرنسا وروسيا وسلم الأسطول العثمانلى نفسه إلى الباشا حاكم مصر في الإسكندرية دون قتال. 
• وإذا كان محمد على قد بنى مصر الحديثة فإن التجار والفلاحين هم من دفعوا وحدهم فاتورة ذلك البناء العظيم.