يعتبر قطاع السياحة الدينية في مصر من أهم أنشطة السياحة، بل إن 90% من شركات السياحة المصرية يقتصر نشاطها على الحج والعمرة، وهذا مخالف للقانون غير المطبق الذى يمنح شركات السياحة 20% فقط من نشاطها سياحة صادرة على أن يكون 80% من نشاط الشركة سياحة خارجية واردة أى تدخل موارد مالية للدولة وعملة صعبة لا تستنفذ موارد الدولة لصالح دولة أخري، فبرغم قوة نشاط السياحة الدينية في مصر ووجود الكثير من المواطنين المصريين أصحاب الشركات والعاملين بها يستفيدون من هذا النشاط إلا أن الدولة المصرية لا تستفيد إلا برسوم مالية ضعيفة جدا مع العلم أن السوق المصرية من أهم موردى الحجاج والمعتمرين للمملكة العربية السعودية طبقًا للإحصائيات والأرقام التى تصدر من المملكة.
ظل هذا الوضع قائما رغم مناداة البعض بتفعيل قانون الـ20% لكى يتجه عمل شركات السياحة إلى جلب السائحين إلى مصر لإنعاش الاقتصاد المصرى، حتى جاءت الشهور الماضية بمفاجآت لهذا القطاع كانت بمثابة زلزال «التأشيرة الإلكترونية»، قررت السعودية إصدار التأشيرة الإلكترونية، وباختصار ووضوح أكثر رغبت السعودية في عدم وجود وسيط بين الحاج أو المعتمر وبينها، أى إلغاء دور شركات السياحة القائمة بدور الوسيط، فالمعتمر يستطيع الحصول على التأشيرة ويقوم بحجز إقامته ووسائل النقل والطيران «أون لاين»، ومن وجهة نظرى أن هذا القرار ورغبة المملكة في تطوير آليات العمل ما هى إلا رغبة في التقدم والتطوير ومواكبة العصر، ومن كان منا من يستطيع رؤية المستقبل بعد تحليل المعطيات كان سيعلم أن كل هذا كان سيحدث لأن كل شيء يتغير ويتطور وأن السياحة الإلكترونية هى المستقبل الحقيقى للسياحة، والتى بدورها ستقوم بإنهاء دور شركات السياحة في العالم أجمع، قريبًا سيحدث هذا.
بعد هذا القرار حدث كثير من النقاشات والاجتماعات والتصريحات للوصول إلى حل لتلك الأزمة التى ستؤثر في عدد كبير جدا من شركات السياحة المصرية وقد تؤدى إلى الغلق، حتى قررت وزارة السياحة إصدار بوابة إلكترونية تربط بين الوزارة والغرفة وشركات السياحة والوكلاء السعوديين، وبالتالى لا يستطيع أحد الحصول على التأشيرة دون الاستعانة بشركة من شركات السياحة، والتى من خلالها تستطيع الدخول إلى البوابة الإلكترونية والحصول على التأشيرة، علاجا للأزمة نعم لكنه غير مواكب للتغير القادم وللتغير الذى يحدث الآن في المملكة.
الآن المملكة أصدرت تأشيرة دخول سياحية، وألغت قرار دخول النساء بمحرم، وأصبحت لديها الأنشطة السياحية والحفلات والمناسبات التى تخلق رغبة لدى بعض المصريين لحضورها، كما أنها تطور قطاع السياحة لديها الآن لتصل إلى الغطس والسفاري، ومنحت تصريح إقامة السياح في الفنادق دون وجود زواج أى أنها تخطط في هذا الشأن، وأصبحت أكثر حرية وانفتاح. وأخيرًا قررت منح التأشيرة السياحة لأى مصرى لديه تأشيرة لأوروبا عند وصوله مطاراتها.
كل ذلك ونحن غارقين في لجنة السياحة الدينية في الغرفة والاتحاد وصمت بعض مسئوليهم وعدم تحركهم بالشكل الجدى، طبقًا لحجم الأزمة المعرضة لها شركات السياحة. لا نستطيع الوقوف أمام المستقبل أو توقيف التطور التى ترغب فيه المملكة، وعلينا إدراك التغيير الذى يحدث الآن في قطاع السياحة السعودية، فالمملكة لم تعد كما السابق وعلينا إدراك ذلك، لذلك علينا حسم تلك المشكلة بآليات تواكب هذا التغير طبقًا للمعطيات مع إدراكنا بأن لا مفر من أن هناك ضررًا على شركات السياحة سيحدث إن لم يكن الآن سيكون في المستقبل القريب، لذلك علينا التحرك سريعًا قبل أن نتفاجأ بما لا نتمناه.