السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف نقرأ الأحداث؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الأحداث التى حدثت الأسبوع الماضى، والتى كانت تستهدف الوطن، وتغطت بادعاءات باطلة وتدثرت بأكاذيب فجة، وكأن هؤلاء لا ينامون الليل خوفًا على الوطن، ولا يلاقون الراحة بحثًا عن مصلحة الجماهير، ولا يألون جهدًا في البحث عن حلول لمشكلات الشعب، كل ما حدث من أحداث في الفترة الماضية، يتطلب البحث والتقييم حتى يكون درسًا يمكن الاستفادة منه حبًا لهذا الوطن.
لقد تمثل الحدث فيما كان يُطرح من المقاول الهارب على وسائل التواصل الاجتماعي، ثم اكتملت الأحداث عن طريق تلك القنوات المأجورة، والمعلوم هدفها، والمدُرك استراتيجيتها، في عمليات التحليل لمقولات المقاول لتأكيد الأكاذيب للتأثير وتشكيل رأى عام مناصر لهذه الادعاءات ومعاد للنظام السياسى المصرى، وعلى رأس النظام القوات المسلحة الوطنية، ثم يأتى ثالثًا مصادر التعليق على الحدث عن طريق السوشيال ميديا، وهذا الأسلوب قد أصبح الآن الطريق المفتوح بلا حدود ولا حواجز لكل من هب ودب، لكى يقول ويعيد، بل ويفتى في كل المجالات وبكل الأساليب، فمصدر الحدث لا يجب أن نتوقف فيه على هذا المقاول شخصيًا؛ حيث إن الصورة التى تم اختيارها، والذى قبل لعب هذا الدور المسرحى حتى يشبع لديه إحساس كاذب ويحقق له حلم مفتقد، بأنه ممثل ناجح وليس كومبارس فاشلا، ولكن وراءه ما وراءه من أجهزة وإمكانات وشاشات وأنظمة معروف موقفها من مصر، ناهيك عن تلك المجموعات الرسمية «مخابرات وأجهزة أمنية» والشعبية من مجموعات تتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي لإعطاء زخم للحدث حتى يظهر هذا الحدث بأنه جاء بنتائج مبهرة، وأنه قد أقنع الملايين بصحة هذا الحدث وبصدق أكاذيبه مما يؤثر في كثير من البسطاء أو الذين لديهم رأى آخر أو رؤية مغايرة أو يسمعون عن معلومات سابقة متناثرة لم يؤكدها أحد أو ينفيها أحد، هذه هى أركان الحدث الثلاثة، فالمقاول ومن وراءه اختاروا التوقيت المناسب الذى يشعر فيه المواطن بالعبء الاقتصادى الذى ألقى على كاهله، نتيجة لعملية الإصلاح الاقتصادى الذى كان متوازيًا مع انشغال الحكومة في عملية إعادة الاستقرار والأمن، إضافة إلى المشروعات القومية التى اعتبر النظام أن إنجازها فقط ودون حوار أو تسويق كفيل بإقناع المواطن بأن عوائد الإصلاح الاقتصادى قريبة، في الوقت الذى اكتفى فيه في أغلب الأحوال على الرأى الواحد تصورًا من البعض أن الرأى الآخر خطر على هذا الاستقرار وذلك الأمن، وكان مبرر ذلك، وهو مبرر مقبول، هو محاربة ومواجهة الإرهاب على كل الجبهات، هنا ومع التكاسل عن عدم الرد على تلك المقولات، وتفنيدها، فهى لا تستحق التمهل كل هذا الوقت حتى كان رد الرئيس، هنا وفى إطار هذه المدة الزمنية التى صمت فيها الإعلام وسكت فيها الجميع، نشط فيها المقاول ومن وراءه مما أحدث نوعًا من البلبلة حول ما يقال، ويمكن هنا أن يختلط الصحيح مع الخطأ، ويتداخل الحق مع الباطل، خاصةً أن هؤلاء قد لعبوا على الجانب النفسى للجماهير أكثر من أى جوانب أخرى، وهذا كان مدروسًا جيدًا، أما الطرف التحليلى والإخبارى لهذه القنوات، فكان الفشل طريقها وفقدان المصداقية فيها جزاءها؛ حيث إن اختلاقاتها الخبرية كانت بدائية وضحلة، مما سهل كشفها لدى المواطن العادى وغير المتخصص، ولكن هنا، وهذا هو الأهم، هو موقف الجماهير وعموم الشعب المصرى تجاه تلك الدعوة التحريضية للنزول إلى الشارع، استرجاعًا لما حدث في 25 يناير، حتى تعود ريما لعادتها القديمة، ويتم اختطاف الوطن مرة أخرى، أما التعليق في مواقع التواصل الاجتماعي فهذا مجاله واسع ومتسع، ومن الصعب التحكم فيه بغير لجان نوعية مؤمنة بالوطن ومدركة للخطر تقوم بالرد على كل هذه الأكاذيب وتسقط التحريضات المعلوم هدفها من خلال التوضيح والمناقشة وحفظ الحق في الاختلاف في الرأي، أما تقييم الحدث في مجمله، وهذا مهم، بطريقة المصارحة وبعيدًا عن أى مجاملة، فالمجاملة سوقها شخصى ذاتي، أُجامل وأُجَامل في الإطار الشخصى الذى لا يمثل خطورة على الآخر أو على الوطن، أما في المجال العام الذى يخص الوطن أى يخص كل المصريين لا الأفراد ولا حتى النظام، هنا تكون المصارحة واجبة وضرورية، فما حدث بالمجمل كان لتقاعس الإعلام والاقتصار على الرأى الواحد المؤيد فقط، فكان يجب تناول ما طُرح أيا كان شكله مع آخر معارض حتى يعطى الفرصة لكى يطرح المؤيد رؤيته، فطرح الرؤية المؤيدة بمفردها تفقد المصداقية لدى المشاهد، ولكن طرح الرأى والرأى الآخر يعطى مصداقية للمؤيد، وهذا بالطبع ما لاحظناه أخيرًا، فعلى الإعلام دور مهم، هذا الدور ليس بالضرورة أن يقتصر على التأييد فقط دون المعارضة، فالتأييد يكون لما نراه مناسبًا، والمعارضة لما نراه غير ذلك، وعلى المعارضة دور وطنى لا يجب أن يغيب لصالح الوطن، فهذا وذاك يصب في المصلحة النهائية لصالح الوطن والمواطن.
افتحوا الأبواب للرأى والرأى الآخر، فرقوا بين المعارض الوطنى والآخر الرافض الإرهابي، المعارضة جزء من النظام، والرافض كليًا في كل شيء ليس معارض ولا ضد النظام، بل ضد الوطن والدولة، انزلوا إلى الشارع، استمعوا إلى المواطن، اطرحوا المعلومة بشفافية، فالمصرى لماح ووطنى ويُقدر الظروف، وعندما يشعر عن طريق هذه المصارحة أنه شريك في اتخاذ القرار ستزداد اللحمة الوطنية، وهنا يسقط الخونة، ويتوارى المأجورون، وتبقى مصر لكل المصريين المحبين لها.