«تعلمت أن الشجاعة ليست غياب الخوف، ولكن الانتصار عليه» بهذه العبارة لـ«مانديلا» أبدأ، فالنموذج والقدوة أمران عظيمان في تنشئة الأطفال لا بد لكل أم أن تضعهما دائمًا أمام أعينها وهى تربي وتعلم أطفالها.
ما هو الخوف؟
الخوف ليس أمرًا سيئًا ما دام فى نطاقه الطبيعي، فليس هناك شخص على وجه الأرض لا يخاف، فكلنا بحاجة إلى هذا الخوف لإحداث توازن نفسي لشخصيتنا، لكن أن يتعدى هذا الخوف حدوده الطبيعية ويتحول إلى مرض فهنا يستلزم وقفةً وعلاجًا، وقبل الشروع فى تقديم الروشتة عن علاج الخوف، علينا أولا أن نعرف أسبابه وهى التى فى معظمها تكون نتاجا لتصرفات الوالدين الخاطئة ومنها على سبيل المثال:
* أسباب الخوف لدى الأطفال
1- إحساس الوالدين الدائم بالخوف، والذى ينتقل إلى الأطفال فيصابون بنفس الداء.
2- الخلافات الزوجية التي تصل إلى الشجار أمام الأطفال تسبب الخوف لديهم.
3- تهديد الأطفال المستمر بالضرب أو بالظلام أو بالدواء تجعلهم جبناء.
4- بعض الآباء يتخذون تعبيرات الخوف لدى الطفل أمورا للتسلية فيتعمدون تخويفه لتظهر عليه الانفعالات فيضحكون دون إدراك لحجم الكارثة التى يفعلونها.
5- استخدام الترهيب والتعنيف بدلا من الترغيب والتحبيب فى استذكار الدروس أو عمل الواجبات.
* خطوات لعلاج مشكلة الخوف لدى الأطفال
1- الابتعاد عن تخويفه عندما لا يؤدي عملا ما أو السخرية منه.
2- إبعاده عن الخلافات الأسرية، وتجنب الشجار أمامه، والحرص على عدم إشراكه فى المشاحنات بين الوالدين.
3- تحفيزه على الشجاعة بعرض نماذج لأبطال تغلبوا على الخوف، بقراءة قصص أو مشاهدة أفلام لأطفال وأبطال شجعان ووضعهم كقدوة أمام عينيه.
4- مناقشة أسباب خوفه بهدوء وتشجيعه للتحدث عما يخيفه ومعالجة الأمر الذى يخيفه بالتدريج.
5- إذا كان يخاف من الحيوانات فردِّدي على مسامعه سبب خلق الله لهذه الحيوانات ومنافعها للإنسان ووفائها.
6- إذا كان يخاف من الطبيب والدواء والحقن فاشتري له ألعابا على شاكلة سماعة الطبيب وما شابه ليعتاد الأمر ويكون له محببا، وحدِّثيه عن دور الطبيب فى شفاء المرضى ودوره النبيل فى مساعدتهم.
7- لا بد من تشجيعه إذا أقدم على التخلص من خوفه تدريجيًا سواء كان التشجيع معنويا أو ماديًا.
8- توجيه الخيال.. وتعد هذه أهم النقاط فى علاج الخوف لدى الأطفال، فلا بد أن يكون هناك وعي لدى الوالدين بتوجيه خيال طفلهم إلى النواحي الإيجابية وعدم الزج بعبارات تخطف خيال الأطفال إلى مزيد من الشعور بالخوف، كأن يخوفونهم بالجن أو بالظلام بدلا من الحديث عن النور وعن الملائكة.
9- العبارات التي تحث الطفل على الشجاعة في كثير من الأحيان تكون مهمة جدا كأن نعلمه أن يُشجع نفسه بترديد أنا لا أخاف من أحد فالله موجود، بسم الله لن يضرني شيئا، أنا شجاع وأستطيع فعل ذلك.
وقبل أن أختتم روشتتي أذكر أن ما سبق وقاله الفيلسوف الهولندى باروخ سبينورزا فى جزء من توصيفه للخوف، وإن كان موضع ما قاله فى حالة أخرى غير التى نتناولها، لكنها صادفت نفس الداء؛ إذ قال: «تحرر كل إنسان من الخوف لكي يعيش ويعمل فى جو تام من الطمأنينة والأمن، ليعيش الإنسان فى وئام مع جيرانه فلا يضرهم ولا يضرونه».
ومن توصيف «سبينوزا» إلى تشخيص «نيتشه» روشتة للكبار قبل الصغار: «أنت لست ذاتك الفريدة النادرة التى لا تتكرر، طالما لم تتحرر من قيودك اليومية والعامة وما يحيطك من آراء ومعتقدات وتقاليد، ما يبقيك فى الأسر ليس الخوف كما تعتقد، ليس دافعا خفيا نحو الانسجام والتماهى، إنما هو فقط «الكسل»؛ حقيقة.
* من إيميل سوبر مامى
جاءتنا رسالة على الإيميل الخاص بسوبر مامي من إحدى الأمهات تقول: إن ابنتها لا تفارقها وتنام بجوارها مع أن عمرها وصل لعشر سنوات؟
حل هذا الأمر يا عزيزتى لا بد أن يكون تدريجيًا؛ لأن ابنتك تشعر بالخوف أو ربما هذا نتاج تدليل زائد منك، فعليك معرفة أصل المشكلة والحوار المستمر مع طفلتك والتدرج فى تشجيعها بأن تكونى قريبة منها وتباعدى المسافات رويدا، وإياك أن تؤنبيها أو تنهريها لكن شجعيها بكل الوسائل التى منها محاولة دمجها مع غيرها من الأطفال. «تعلمت أن الشجاعة ليست غياب الخوف، ولكن الانتصار عليه» بهذه العبارة لـ«مانديلا» أبدأ، فالنموذج والقدوة أمران عظيمان فى تنشئة الأطفال لا بد لكل أم أن تضعهما دائما أمام أعينها وهى تربي وتعلم أطفالها.