السبت 05 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

علاء الديب.. عصير الكتب وعصارة الإبداع

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما زال يمثل عرض الكتب في الصحف المصرية بابًا ثريًا ونادرًا، في الوقت ذاته حيث لا يتصدى له من الكتاب، إلا القليلون على ما فيه من طاقة نادرة ورح تأملية وعرض لخلاصة ما أنتجته قريحة المبدعين من المفكرين والعلماء وأهل الفن، إن عرض الكتب مقدمة لا غنى عنها لمن أراد الإلمام بتفاصيل المؤلفات ذات الأهمية.
وهذا ما قدمه ويقدمه لنا علاء الديب عبر مشواره الطويل الذي لم يضن فيه على غيره من المبدعين أن يساهم في انتشار أعمالهم وتقريبها إلى ذائقة القارئ العربي، ليتبين ما فيها من جهد ومعلومات ورؤى مختلفة تساهم في إثراء الواقع الثقافي بمصر والعالم العربي.
هذا هو علاء الديب المولود في واحد من أعرق أحياء القاهرة أو هو أعرقها بالفعل "مصر القديمة"، التي قدمت لنا عبد المنعم تليمه وعلاء الديب، وغيرهم من الذين تمتثلوا الروح الأصيلة والعبق التاريخي المتوهج لهذا الحي، الذي يمتد تاريخه إلى ما قبل الفتح الإسلامي لمصر، والذي يحوي بين أضلعه أجمل ظاهرة مكانية ربما على وجه الأرض.
ففي هذا الحي تتجاور الأديان ويتعانق آذان مسجد عمرو بن العاص مع أجراس الكنيسة المعلقة وغير بعيد عنهما معبد "ابن عزرا"، ليصبح ذلك الحي تجسيدًا لروح صوفية لا تعادي الآخر وانما تحبه وتقبله وتأخذ منه أرقى ما فيه.
ولد علاء الديب عام 1939، فهو من أبناء ذلك الجيل الذي استوعب منتجات الثقافة المصرية في أزهى عصورها، والذي لا زلنا نغبطه على معاصرته لأفذاذ المفكرين والكتاب، الذين أناروا وجه المحروسة على مدى الحقبتين الملكية والناصرية، لقد عاصر الديب الراحل العظيم طه حسين وأديب نوبل نجيب محفوظ وتشيكوف العرب يوسف إدريس، الذي ترك بصمته في مجال القصة القصيرة وأصبح علمها المبرز، ياله من جيل نادر عمق مجرى الإبداع وأشاد صروح الثقافة الشامخة.
وبعد حصوله على ليسانس الحقوق عام 1960، اتخذ الديب نهج الأدب وكان له نصيب في القصة القصيرة التي يحجم عنها الأدباء الآن، على ما فيها من تكثيف واكتناز وفنية عالية وقدرة على إحالة اللقطة من الحياة إلى حياة متكاملة.
وفي هذا المضمار، أنتج لنا علاء الديب مجموعات: -القاهرة، 1964، صباح الجمعة 1970، المسافر الأبدي1999، وفي الرواية:: زهرة الليمون 1978، أطفال بلا دموع 1989، قمر على المستنقع 1993، عيون البنفسج1999.
أما في الترجمة، فاختيارات علاء الديب تدل على عمقه ورصانته وإلمامه بكل جديد ومهم في مجال الإبداع الأدبي، فقد ترجم مسرحية "لعبة النهاية" لصموئيل بيكيت عام 1961، و"امرأة في الثلاثين" مجموعة قصص مختارة من كتابات هنري ميلر، كما ترجم أحد الكتب المهمة في السياسة الدولية وهو " كتابات عن شخصية السياسي والدبلوماسي هنري كيسنجر" للصحفية فرنسية دانيل أونيل.
ولا زلنا نتذكر باب "عصير الكتب" في جريدة القاهرة، ومن خلاله كنا نحن الذين شغلتهم الحياة نقف على عروض توازى فيها الإيجاز مع الإنجاز، فباتت وجبة ثقافية لاغنى عنها لمن ضاق وقته واتسعت رغبته في معرفة حقيقية، شكرًا لك أيها الديب على مثابرتك في قراءة كل جديد ومفيد من الكتب وشكرًا على محاولاتك لأن تلفت أنظارنا دائمًا تجاه أهم وأعمق ما قدمته لنا قرائح الأدباء والمفكرين، ونعتقد أن جائزة الدولة التقديرية التي حصلت عليها هي فاتحة أولى لمزيد من التكريم الحقيقي الذي يجب أن تناله قاماتنا الأدبية وهي ما زالت على قيد الحياة.