تحدث محمود داود الكاتب، ضيفًا لأحد البرامج الإذاعية، عن الشيخ «إبراهيم علي بديوي»، صاحب القصيدة المشهورة: قُل للطبيبِ تخطفته يدُ الردَي، يا شافىَ الأمراضِ من أرداكا، التى يحفظها رجال الدين ولا يعرف أغلبهم صاحبها، وهو إبراهيم بن على بن أحمد بن علي بن بديوي بن بديوي بن بديوي يصل نسبه إلى السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله.
وُلد بحوش عيسى بمحافظة البحيرة بتاريخ ٢٢/٤/١٩٠٣، وقد نشأ وتربى في بيت علم، فوالده الشيخ علي أحمد بديوي الحائز على الشهادة العالمية من الأزهر الشريف بصحبة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق.
كان الطالب الوحيد الذى ألقى كلمة في احتفال افتتاح الكلية، عبارة عن قصيدة شعرية أمام الملك فؤاد الأول ملك مصر والسودان، وتخرج فيها سنة ١٩٣٥م وحصل على شهادة تخصيص التدريس عام ١٩٣٧، كان هادئ الطبع، يتحلى بأخلاق الشيوخ فلم يكره أحدًا ويحبه كل من لاقاه، ويلبي نـداء كـل مـن يقصده سـواء يعرفه أو لم يعرفه، من سِـمَته التواضع يحب الخلوة ويكره الكذب والنفاق، ولا يرد محتاجًا، فما معه ليس له، حيث كان كريم الطبع لا يحتفظ بمال، يشتري كل ما تشتهيه نفسه.
وتزوج من ابنة عمه الشيخ محمد الطيب بديوي رئيس محكمة حوش عيسى وعضو مجلس مديرية البحيرة في ذلك الوقت، عيّنه اللـواء وجيه أباظة محافظ البحيرة مسـتشـارًا دينيـًا للمحافظة، وكان لا يسعى وراء مناصب عليا، حيث رفض الترقى إلى مناصب الأزهر العليا بالقاهرة، رغم عرض ذلك عليه.
وفي عهده وبمجهوده وفضل الله عليه تمكن من تخصيص قطعة أرض بمنطقة الرأس السوداء بالإسكندرية تم بناء مبنى جديد لمعهد الإسكندرية عليها، وإنشاء معهد القراءات وعلوم القرآن الأزهرى بدمنهور عام ١٩٦٣، وإنشاء كتاتيب تحفيظ القرآن الكريم بمراكز وقرى المحافظة ليمد المعاهد الأزهرية بحفظة القرآن الكريم، وقد أَصْدَر قرارًا من محافظة البحيرة بإعطاء مكافأة لكل ملتحق بالكتاب بمقدار حفظه للقرآن، وقد شمل القرار المحفظ أيضًا، وقد حذت حذوه باقي المحافظات، وظل مشرفـًا على هذا المشروع حتى وفاته، غرست نزعة الشعر فيه عوامل شتى منها مطارحته لأشعار السابقين بينه وبين والده وأعمامه وأترابه حتى صار الشعر سجية سخية طيّعة فيه، واتجه في شعره الاتجاه الديني في أغلبه، فابتهل إلى الله عز وجل، ومدح رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وانتصر للوطن وبين حقه وحريته واستقلاله، ودعا المسئولين إلى رفع الظلم والغبن عن الفلاح، ودعا إلى رفع مستوى الجيش وسلاحه.
كما رثا الكثير من أحبابه وأصحابه وكبار الشخصيات، ومدح الكثير أيضًا، حيث صدر له ديوان من الشعر في جزأين بعنــوان البديويات بخــلاف مـا نشـر بالصحافـة، وقـد أخـرج باكـورة إنتاجـه الشـعـرى في مناجاتـه لله سـبحانه وتعالى بأسـلوب صادق سـهـل عـذب، متمثلا في قصيدتـه التي استهلها بقوله: بك أستجير ومن يجير سواك فأجر ضعيفـًا يحتمى بحماكا.
وتوفى بتاريخ الأحد ١٥ من شوال ١٤٠٣ هجرية الموافق ٢٤ من يوليو ١٩٨٣ ميلادية ودفن بمقابر عائلته بحوش عيسي.